أميركا تؤكد البدء الفعلي للانسحاب من أفغانستان

وسط مخاوف من احتمال وقوع حرب أهلية

مجندة أميركية تؤدي التحية العسكرية لرفاقها الذين سقطوا في أفغانستان (أ.ب)
مجندة أميركية تؤدي التحية العسكرية لرفاقها الذين سقطوا في أفغانستان (أ.ب)
TT

أميركا تؤكد البدء الفعلي للانسحاب من أفغانستان

مجندة أميركية تؤدي التحية العسكرية لرفاقها الذين سقطوا في أفغانستان (أ.ب)
مجندة أميركية تؤدي التحية العسكرية لرفاقها الذين سقطوا في أفغانستان (أ.ب)

حاول المسؤولون الكبار في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تهدئة الهواجس من احتمال زيادة الهجمات التي تشنها حركة «طالبان» الأفغانية مع بدء عملية الانسحاب الفعلي للقوات الأميركية وتلك التابعة لحلف شمال الأطلسي، (الناتو) من أفغانستان. وفيما لم يستبعد وزير الخارجية أنطوني بلينكن احتمال أن يؤدي الانسحاب إلى حرب أهلية أو إلى سيطرة «طالبان» مجدداً على كابول، أكد مسؤولون في وزارة الدفاع، البنتاغون أن هناك استعدادات لمواجهة أي تصعيد من «طالبان» خلال عملية الانسحاب المقرر أن ينجز بحلول 11 سبتمبر (أيلول) المقبل. ولم يجر الإعلان عن تفاصيل الانسحاب الذي بدأ بالفعل وفق تأكيدات البيت الأبيض ومسؤولين دفاعيين. ورداً على سؤال عما إذا كانت هناك مخاوف من وقوع حرب أهلية، قال بلينكن إن «هذا بالتأكيد سيناريو محتمل»، مضيفاً أنه «لا أحد لديه مصلحة في تجدد الحرب الأهلية في أفغانستان، وبالتأكيد الشعب الأفغاني ليس كذلك». ورأى أنه «لا الحكومة الأفغانية ولا طالبان تريد ذلك، ولا يريد ذلك أي من جيران أفغانستان والدول المجاورة والدول الأخرى في المنطقة التي كانت تتسابق طوال السنوات العشرين الماضية، فيما كنا منخرطين هناك مع حلفائنا وشركائنا في الناتو».
وكان الأول من مايو (أيار) هو الموعد المقرر أن تغادر فيه كل القوات الأميركية والأجنبية أفغانستان بموجب اتفاق فبراير (شباط) 2020 بين «طالبان» وإدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. وكجزء من هذا الاتفاق، أوقفت الحركة هجماتها ضد القوات الأميركية، لكن «طالبان» أعلنت أنها ستعتبر الولايات المتحدة منتهكة للاتفاق لتخلفها عن موعد الانسحاب، من دون أن توضح ما إذا كانت تعتزم شن هجمات بدءاً من الأول من مايو، أي اليوم الجمعة. وأضاف قرار الرئيس بايدن تأخير إنجاز الانسحاب عنصراً جديداً على المخاطر الأمنية مع بدء مغادرة القوات البالغ عددها ما بين 2500و 3500 جندي، إلى جانب نحو 7000 جندي من قوات التحالف وآلاف المتعاقدين. وتعتزم الولايات المتحدة مواصلة عمليات مكافحة الإرهاب ضد «القاعدة» والجماعات المتطرفة الأخرى في أفغانستان إذا استدعت الحاجة، لكن لم يتضح بعد أين ستتمركز هذه القوات. لم يوضح قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي الكثير عن احتمال حصول مواجهة مع «طالبان». واتخذت وزارة الخارجية احتياطات، إذ أصدرت تعليمات لجميع موظفي السفارة في كابول بالمغادرة ما لم تتطلب وظائفهم أن يكونوا في أفغانستان. وأوضح برايس أن الرئيس بايدن أكد أخيراً أن «الوجود العسكري الوحيد الذي سيبقى في أفغانستان محدود للغاية لحماية سفارتنا»، مشدداً على أن «وجودنا على الأرض سيبقى من خلال سفارتنا، من خلال ممثلينا المدنيين، وبينهم دبلوماسيونا». وقال: «سننقل بعض الأفراد من كابول»، واصفاً ذلك بأنه «إعادة تموضع للموظفين الذين سيسمح لنا بوضعهم في مكان آخر وأيضاً جلب موظفين إضافيين سيكونون قادرين على المساعدة في إدارة الانسحاب والآثار المترتبة على وجود سفارتنا وأولئك الذين سيكونون قادرين على مساعدة القنوات الدبلوماسية مع حكومة وشعب أفغانستان». وكان الناطق باسم «البنتاغون» جون كيربي أكد أن وزير الدفاع لويد أوستن قرر الإبقاء على حاملة طائرات في الشرق الأوسط ونقل أكثر من أربع قاذفات من طراز «بي 52» وأجزاء من مشاة الجيش إلى المنطقة كإجراء احترازي، قائلاً إنه «سيكون من غير المسؤول بالنسبة لنا عدم مهاجمة (طالبان) القوات المنسحبة». وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي أن الانسحاب «معقد ولا يخلو من المخاطر». وقال: «مع انسحابنا، سيكون هذا عنصراً مهماً سنراقبه بعناية شديدة - مستوى الهجمات التي تشنها (طالبان) على قوات الأمن الأفغانية»، مضيفاً أن الاتجاه الأخير مقلق لأن طالبان تشن ما بين عشرات إلى أكثر من مائة هجوم يومياً على رغم الآمال في أن يؤدي وقف النار إلى اتفاق سلام. ونبه إلى أن رحيل القوات الأميركية وقوات التحالف سيختبر تصميم الحكومة الأفغانية بطرق لا يمكن التنبؤ بها. وقال: «في أسوأ التحليلات، لديك انهيار محتمل للحكومة، وانهيار محتمل للجيش، ولديك حرب أهلية، ولديك كل الكارثة الإنسانية المصاحبة له».



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.