مخاوف من امتلاك «داعش ليبيا» أسلحة كيماوية

مسؤولون عسكريون رصدوا تجارب ميليشيات على استخدامها

بقايا ترسانة القذافي الكيميائية في العراء (تصوير: «الشرق الأوسط»)
بقايا ترسانة القذافي الكيميائية في العراء (تصوير: «الشرق الأوسط»)
TT

مخاوف من امتلاك «داعش ليبيا» أسلحة كيماوية

بقايا ترسانة القذافي الكيميائية في العراء (تصوير: «الشرق الأوسط»)
بقايا ترسانة القذافي الكيميائية في العراء (تصوير: «الشرق الأوسط»)

انطلقت 3 سيارات دفع رباعي في الصباح الباكر، من مدينة مصراتة الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة الليبية طرابلس. 9 شبان من قوات الميليشيا التي تديرها جماعة الإخوان، مدججين بالأسلحة والحماسة والاندفاع، يقطعون مئات الكيلومترات إلى جنوب شرقي المدينة.
المهمة تبدو بسيطة لكنها معقدة. استكشاف ما تبقى من موقع للأسلحة الكيماوية التي كان العقيد معمر القذافي يخفيها في مخازن بالصحراء. هذه عملية خطرة وسرية، لكن بدا أنه لا أحد يأبه للعواقب. يأكلون شطائر التونة.. يلقون النكات ويضحكون، بينما الشمس تشرق فوق التراب الأحمر، والمحركات تهدر والإطارات تثير وراءها الغبار والحصى.
في النهاية جرى إلقاء القبض على اثنين على الأقل من هؤلاء المغامرين الذين ينتمون لقوات غير نظامية تحارب الجيش الوطني الليبي والسلطات الشرعية في البلاد مترامية الأطراف وقليلة السكان. روى كل منهما قصصا مثيرة للقلق عن مساعي المتطرفين للاستيلاء على بقايا مخزون القذافي الغامض من الأسلحة الكيماوية، منذ مقتله في خريف 2011 حتى الآن. كما قدما شرحا للرحلة منذ قيامها من مصراتة.
ووفقا لمصدر عسكري ليبي، ترك القذافي قبل رحيله 3 مواقع على الأقل في أنحاء البلاد، كانت تضم أكثر من ألف طن مكعب من مواد تستخدم في صنع أسلحة كيماوية، ونحو 20 طنا مكعبا من الخردل الذي يتسبب بحروق شديدة للجلد، إضافة لعدة ألوف من القنابل المصممة للاستخدام مع خردل الكبريت. كان يفترض أن يدمر القذافي هذا المخزون بناء على اتفاقات دولية عام 2004، لكن عملية التخلص من هذه «المواد المعلومة» لم تصل إلا لنحو 60 في المائة بسبب الانتفاضة المسلحة ضد القذافي، وفقا للمصدر نفسه.
لدى المتطرفين معلومات تقول إن منطقة «رواغة» الواقعة في محافظة الجفرة، التي كانت واحدة من مقرات قيادة جيش القذافي الحساسة، ما زال بها براميل من البلاستيك المقوى وذات لون أزرق، وفيها أيضا حاويات من الصاج، تضم كلها سوائل وغازات كيماوية من مواد الخردل المهلكة، وإن الحراسة على هذه المخازن ما زالت ضعيفة. تقريبا 3 ينتمون إلى السلطات الشرعية الهشة في البلاد التي تعاني الفوضى، وتسليحهم لا يزيد على بنادق من نوع كيه 47 وسيارة، ويعاونهم بشكل غير منتظم نحو 10 من أبناء قبائل المنطقة.
وللوصول إلى هنا كان لا بد من المرور على مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، التي أصبحت تحت سيطرة أنواع جديدة من المسلحين.. التفاهم كان قد جرى سلفا حول تقاسم «حصص الكيماوي» مع قادة ميليشيات سرت، لكن الآن حان وقت التنفيذ. ينتظر في هذه المدينة - التي ما زالت جدرانها، منذ أكثر من 3 سنوات، مثقوبة بقذائف المدفعية وقصف طيران حلف الناتو - اثنان من الزبائن المنتمين لجماعة أنصار الشريعة المتطرفة والموالية لتنظيم داعش، في سيارتهما.
مع الضحى انضموا للقافلة التي شقت طريقها من جديد على درب إسفلتي يبلغ طوله نحو 220 كيلومترا ومكتوب على أوله «ودّان»، وهو اسم البلدة الواقعة بالقرب من منطقة «رواغة». بلدة تقع بين أشواط من النخيل، كان قد ولد فيها رئيس وزراء ليبيا المقال الدكتور علي زيدان. وسبق لمجموعة مصراتة أن جاءت إلى هنا. والآن تجري عملية إرشاد لـ«أنصار الشريعة» للحصول على نصيب من «غاز الخردل». ووفقا لأحد المقبوض عليهما فإن الصفقة كانت تبلغ ما يساوي 60 ألف دولار.
وتعاني «أنصار الشريعة» من مصاعب في حربها مع الجيش. ويبدو المدد المباشر الذي كانت تقدمه لها جماعة الإخوان يتراجع بسبب الضغوط الدولية والإقليمية على المتشددين، لكن التعاون من تحت الأرض ما زال موجودا.
ولصرف أنظار الجيش والقبائل المعادية للمتطرفين، بعيدا عن «عملية الكيماوي» استغلت المجموعة حربا تخوضها الميليشيات في صحراء النوفلية المجاورة، التي تقع شرق سرت بنحو 130 كيلومترا. وفي الجانب الآخر، أي قرب «رواغة»، أبدى حراس الموقع ومن معهم من متطوعين شجاعة كبيرة. كان الوقت يقترب من العصر حين رصدوا بمنظار روسي قديم، ومن فوق تلة، قدوم السيارات الأربع. كمنوا داخل مخزن أسلحة مهجور يقع على بعد نحو 70 مترا من حاويات الكيماوي، واستعدوا للمواجهة غير المتكافئة.
ما زالت توجد هنا آثار المعركة.. بقايا شطائر متعفنة من التونة وطلقات رصاص فارغة وقميصان واقيان من الرصاص كانا مع الشابين المقبوض عليهما. الأول يدعى «نور الدين» والثاني «اصميدة». لكنها آثار تبدو تافهة مقارنة بأطلال الدشم العسكرية التي حطمها قصف طيران الناتو أثناء مساندته للانتفاضة المسلحة التي استمرت 8 أشهر للتخلص من القذافي. وبعد مفاوضات بعيدا عن السلطات الشرعية، أجرى اثنان من شيوخ قبائل الجفرة مبادلة.. سلموا «نور الدين» و«اصميدة» لوسيط عن جماعة الإخوان، وتسلموا مقابلهما 25 شابا ينتمون لقبائل مختلفة، وكانوا يواجهون التعذيب والموت في سجن «طمينة» بمصراتة، ومن بينهم أبناء لقبائل «المعدان» و«المغاربة».
من المعروف أن قبائل الجفرة، التي كانت يوجد على أراضيها أحد أهم مقرات وزارة الدفاع في عهد القذافي، وكان يتردد عليها وزيره الذي قتل معه في سرت، اللواء أبو بكر يونس، ظلت ترفض تدخل الناتو والانتفاضة المسلحة وحكم المتطرفين في طرابلس. ويقول أحد شيوخ الجفرة إن أبناء المحافظة رصدوا منذ وقت مبكر محاولات الميليشيات نهب مخازن الأسلحة الضخمة منذ الانتفاضة المسلحة.
ويوضح مسؤول سابق في «لواء الجفرة»، وهي كتيبة شبه عسكرية كانت تتكون من نحو 300 من شباب المنطقة، وأسسها مسؤول سابق كان عضوا في المجلس الانتقالي في 2011، إن «اللواء» كان يشرف على حراسة المنطقة رغم ضعف ما لديه من إمكانات، لكن الذي زاد من القلق بشأن مصنع السلاح الكيماوي أن مركز الحراسة نفسه كان يقع على بعد نحو 17 كيلومترا، ولهذا فإنه لا يمكن التأكد مما إذا كان قد جرى العبث بتلك المواد أو سرقتها من عدمه.. «لا يوجد ما نقيس به كميات السوائل والغازات الموجودة فيها».
عدم اليقين من مصير الأسلحة الكيماوية لا يقف عند الصعيد المحلي هنا فقط، بل موجود لدى كبار المعنيين الدوليين بهذه القضية؛ فالبعض من مفتشي الأسلحة الدوليين، كما يقول أحد نواب البرلمان الليبي عن منطقة الجنوب، يأتي ويصرح بأن مخزون الخردل مثلا لم يمسسه أحد بعد سقوط نظام القذافي.. «لكن أطرافا أخرى من منظمة حظر هذا النوع من السلاح يرسلون لنا رسائل بأنه ما زالت توجد مخزونات من الأسلحة الكيماوية.. ليست ليبيا فقط في فوضى. بل الجميع».
ويقول أحد الناشطين في مدينة ودان، في الجفرة، ويدعى محمود الشيباني، إن الألوف من قطع الأسلحة وصناديق الذخيرة استولت عليها الميليشيات في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، حين جرى رصد تحركات للقذافي بين مدينتي بني وليد وسرت، المجاورتين للجفرة، لكن اهتمام الميليشيات بمصنع غاز الخردل لم يبدأ إلا بعد ذلك، واستمر طوال السنوات الثلاث الماضية، و«كنا نتصدى لمحاولات السرقة.. لكن لا يمكن لغير المتخصصين مثلنا هنا أن يحددوا ماذا جرى. من الممكن أن يكون البعض استولى على الغاز من المستودعات.. أعني أن المستودعات موجودة، لكن هل يوجد فيها الغاز كما تركه القذافي كاملا أم جرى نقل كميات منه إلى أماكن أخرى. لا أعرف».
في زيارة للجفرة عقب مقتل القذافي بعدة أيام، كان يوجد مصنع عسكري صغير لتحضير الأسلحة الكيماوية، دون حراسة، وجرى التحذير من أبناء المنطقة من تعرضه للسرقة أو وصول ما فيه للأيدي الخطأ. وجرى نقل المناشدة من أبناء الجفرة للأمم المتحدة من أجل التدخل. وبعد مضي أكثر من 3 سنوات، يبدو أن الخطر ما زال قائما، ليس في منطقة «رواغة» قرب ودان والجفرة فقط، ولكن في الكثير من المناطق الأخرى التي كشفت عنها أخيرا مصادر عسكرية ليبية لـ«الشرق الأوسط».
ممنوع دخول أي عناصر إلى مواقع الجيش التي تحتوي على هذا النوع من معامل تصنيع الأسلحة الكيماوية وتخزينها. كان هذا النظام متبعا أيام القذافي. من يقترب من مثل هذه الأماكن عليه أن يكون قد حصل على تصريح مسبق من السلطات، أيا كانت رتبته، وأن يقيد ما يدخل أو يخرج في السجلات. ومنذ سقوط النظام لم يعد أحد يلتفت لمثل هذه القيود. يمكن لأي ميليشيا أن تدخل وتأخذ ما تريد دون أن تعلم أي جهة ماذا أخذت، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية.
المصنع الموجود في وادي «رواغة» كانت تحرسه، أثناء الانتفاضة المسلحة، كتيبة من مصراتة اسمها «كتيبة السد». وتقول المصادر في الجفرة إن عناصر من هذه الكتيبة نقلت معها كميات غير معروفة من غاز الخردل، أثناء عودتها إلى بلدتها المطلة على البحر المتوسط، وذلك قبل أن يأتي 3 خبراء من الأمم المتحدة في ذلك الوقت، لمعاينة المصنع وخزانات غاز الخردل، وإقامة ساتر ترابي لمنع السيارات من النزول إلى الوادي. لكن الشيخ سعيد، أحد أبناء مدينة ودان، يقول إنه توجد مدقات أخرى من السهل الدخول من خلالها إلى المصنع.
كانت الكمية الموجودة في براميل من الصاج هنا تبلغ نحو 9 أطنان من هذا الغاز الفتاك، إلى جانب عشرات البراميل المصنوعة من البلاستيك المقوى بمواد عازلة، التي أصبحت الآن ملوثة بالمواد الكيماوية. وتوجد أيضا خزانات تشبه الأقماع كانت تستخدم في عملية النقل. الآن من السهل أن ترى آثار هذه المواد وتشم رائحتها الكريهة والنفاذة، وهي ذات لون بني يميل إلى السواد، وتشبه الصدأ الذي ينتج عن اختلاط الماء بالحديد لفترة طويلة. وتعد محافظة الجفرة منطقة بعيدة عن تقاطعات الطرق مع المدن الليبية الأخرى، وهي بعيدة أيضا عن الأنظار فيما عدا بعض القواعد العسكرية والمطارات التي كانت دائبة الحركة في عهد القذافي. أبناؤها مسالمون بشكل عام، ويشتهرون بقرض الشعر وتأليف المطولات الغنائية الشعبية. وتضم 4 مدن هي «سوكنة» و«هون» و«الفقها» بالإضافة إلى «ودان».
وفي مقابلة مع مسؤول عسكري ليبي بشأن كمية الأسلحة الكيماوية الموجودة في ليبيا، قال إنها «للأسف، في أماكن أصبحت معلومة للميليشيات.. لقد استولت على كميات منها لاستخدامها في حربها مع الجيش، سواء بشكل مباشر.. أي باستخدامها ضد القوات العسكرية، أو بشكل غير مباشر، من خلال التهديد باستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية».
ويضيف الرجل الذي يعمل بالقرب من قائد الجيش الليبي، اللواء خليفة حفتر، في حديث موثق، رغم طلبه عدم الإشارة لاسمه صراحة: «توجد أسلحة كيماوية ليس فقط في منطقة ودان، بل هناك أيضا أسلحة كيماوية موجودة في منطقة سوكنة وفي منطقة هون».
ويضيف: «هذه مواقع كانت مقرا للقيادة العسكرية الليبية لمدة 20 سنة، من ضمن عهد القذافي الذي استمر 42 سنة.. توجد في هذه المنطقة أيضا مخازن كثيرة غير معروف عددها.. المعلومات التي لدينا أن الميليشيات المسلحة سرقت كميات كبيرة من هذا المخزون. المشكلة أن المواد الكيماوية التي وصلت لأيدي المتطرفين لا تحتاج إلى أجهزة من أجل استخدمها كأسلحة، لأنها معدة للاستخدام سلاحا منذ سنين».
وقدم المصدر العسكري تسجيلا مصورا جرى رصده لواحدة من الميليشيات المسلحة في جنوب طرابلس وهي تقوم بتجريب أسلحة كيماوية استولت عليها من أحد مخازن جيش القذافي.. يقع هذا المخزن في منطقة تعرف باسم «مشروع اللوز» وهي موجودة في تجاويف جبلية تقع على الطريق بين منطقتي «بوجهيم» و«هون».
وجرت هذه التجربة وعدة تجارب أخرى في مواقع خالية قريبة من منطقة مزدة على بعد 160 كيلومترا جنوب طرابلس. يبدو أحد عناصر الميليشيات، في التسجيل المصور، وهو يطلق قذيفة من سلاح في منطقة صحراوية. حين سقطت القذيفة أحدثت لهبا، ثم أعقب ذلك انبعاث دخان أبيض كثيف، إلى أعلى، على شكل «عيش الغراب»، ثم يزيد من الانتشار قبل أن يتحرك مع اتجاه الريح في سحابة كبيرة تزداد اتساعا لتغطي ألوفا من الأمتار المربعة بمرور الوقت.
مصدر عسكري آخر يقول إن قيادات في الجيش الوطني الليبي تعلم بوصول أسلحة كيماوية لأيدي جماعات من المتطرفين، لكنها لا تريد أن تعلن عن ذلك حتى لا تثير الفزع في البلاد، أو تعطي لتلك الجماعات إحساسا بالقوة. ورغم أنه يقول إن الجماعات لن تجرؤ على استخدام تلك الأسلحة الفتاكة لأنها ستتضرر من مفعولها أيضا، فإنه لا يستبعد أن يقدم تنظيم داعش الدموي على أعمال انتقامية بواسطة ما يمكن أن يكون قد وصل لعناصره سواء من غاز الخردل أو غاز السارين السام.
وعما إذا كان لديه تأكيدات بمخاطر استخدام تلك المواد في عمليات قتالية، يعود المسؤول العسكري الليبي ويقول إنه «للأسف هي عبارة عن غازات جاهزة للضرب»، مشيرا إلى أنه جرى نقل كميات كبيرة من مخازن «مشروع اللوز»، ومن أماكن أخرى في جنوب البلاد إلى يد المتشددين المنتمين لمدينة مصراتة، و«بالتالي تستطيع ببساطة أن تقول إن هذه الأسلحة وصلت لجماعة الإخوان وحلفائها من الميليشيات المتطرفة».
وعلى عكس نخيل محافظة «الجفرة»، تكثر في «واو الناموس» على بعد نحو 180 كيلومترا جنوب مدينة سبها في الجنوب الليبي، الطيور والحيوانات البرية، وهي تعد من الأماكن الوعرة والمهجورة. كانت تتردد عليها في الماضي عناصر تابعة للجيش في أيام القذافي. ووفقا للمصادر العسكرية فقد فطن الكثير من المتطرفين، خاصة أولئك الذين انخرط في صفوفهم ضباط وجنود ممن انشقوا عن النظام السابق، لمواقع الأسلحة والمواد الكيماوية السرية، و«استولوا عليها.. طبعا كانت لدينا معلومات عن أن البعض باع أو بادل كميات منها بأسلحة أخرى، مع جماعات متطرفة بمن فيها جماعات عابرة للحدود في دارفور وشمال مالي».
هناك ما يسمى «القوة الثالثة» المتمركزة في سبها وهي تابعة لـ«الإخوان» والمتطرفين وينضوي تحت لوائها خليط من المقاتلين الفارين من شمال مالي، والهاربين من جنوب الجزائر، وعدة مئات من جنسيات أخرى من بينهم تونسيون ومصريون وأفارقة. ويضيف المصدر الأمني أن فرنسا تشعر بالقلق من تحركات هذه القوات عبر الحدود بين ليبيا وكل من تشاد والنيجر والجزائر وصولا إلى مالي، ولهذا تراقب الموقف هناك عن طريق طائرات من دون طيار.
ولم تتمكن «الشرق الأوسط» من الحصول على رد فرنسي رسمي حول عملياتها في الجنوب الليبي في حينه، إلا أن المصدر يقول أيضا إن فرنسا «تمكنت من مطاردة مجاميع لمتطرفين في جنوب غربي ليبيا في الشهرين الماضيين»، مشيرا إلى أن لديها قاعدة تبعد عن الجنوب الليبي بنحو 100 كيلومتر فقط، وبها نحو 200 من قوات النخبة، إضافة إلى قاعدة أخرى في نجامينا بتشاد فيها قدرة على إقلاع طائرات «رافال» لتنفيذ عمليات والعودة.
ومن المعروف أن فرنسا لها اهتمام تاريخي بالجنوب الليبي، حيث زارت أول بعثة استكشافية فرنسية المنطقة عام 1918، كما دخلت في شد وجذب مع ليبيا حول تقاسم الأدوار في الدول الأفريقية المجاورة لليبيا، على رأسها تشاد التي تحارب فيها الجانبان لسنوات. ويوضح المصدر نفسه أن التدخل الفرنسي لمساعدة ليبيا على التخلص من الإرهاب «ما زال ضعيفا»، معربا عن اعتقاده أن هذا «بسبب الضغوط الأميركية والبريطانية المنحازة لمواقف جماعة الإخوان»، وهو يشير إلى أن الكثير من دول العالم مثل أميركا وبريطانيا «لا شك أن لديها أجهزة استخبارات تعمل في الداخل الليبي ولديها علم بمواقع الأسلحة الكيماوية ومن حصل عليها، وأين يخبئها، ومع ذلك لم نر تحركا ذا شأن لمواجهة مخاطر استخدام الإرهابيين مستقبلا للأسلحة الكيماوية، ليس في ليبيا أو دول الجوار فحسب، ولكن في دول حوض البحر المتوسط أيضا».
وبحسب المعلومات من المصادر الأمنية والعسكرية الليبية فقد تمكنت «القوة الثالثة» من الوصول أيضا إلى مخازن كبيرة للمواد الكيماوية في منطقة تسمى «تمنهنت» التي توجد فيها قاعدة كبيرة للتصنيع الحربي وقاعدة جوية على بعد 30 كيلومترا من مدينة سبها. ويقول أحد هؤلاء العسكريين في مقابلة مسجلة مع «الشرق الأوسط»: «تمنهنت مدينة يلفها النخيل وأهلها طيبون، لكنها من المناطق التي خزن القذافي في محيطها أسلحة كيماوية، وهي الآن تحت سيطرة القوة الثالثة، بما في ذلك المطار العسكري للمدينة ومطارات صغيرة ومهجورة كانت تابعة لشركات بترول».
ووفقا لمصدر أمني ليبي يعمل حاليا في الجيش، فقد أخفى القذافي أسلحة كيماوية في مخازن تقع داخل تجاويف جبلية ذات لون أسود بمنطقة «واو الناموس»، مشيرا إلى أن الميليشيات المسلحة المنضوية تحت ما يسمى «القوة الثالثة» خاضت حربا ضروسا مع ممثلي قوات الجيش ضعيف التسليح والعتاد هناك، إلى أن أمكنها السيطرة على مطار المدينة وبسط نفوذها على «واو الناموس»، في الشهور الماضية، و«من ثم جرى نقل كميات من غاز الخردل والسارين إلى مقار الميليشيات في الشمال، في مصراتة وطرابلس، عبر طائرات من نوع (يوشن).. نقلوا كميات غير معروفة وأصبحت تحت أيديهم، وهذا أمر خطير».
وعلى عكس حالة «داعش في العراق وسوريا» تتعاون مع «داعش ليبيا» الكثير من المجموعات والميليشيات المتطرفة، حيث تتفق جميعها على هدف واحد هو محاربة الجيش الوطني الليبي. ويحاول «داعش ليبيا» أن يبرز سريعا، كما فعل حين ذبح 21 مصريا، بشكل جماعي، قبل أيام، في مشاهد وحشية. ولهذا توجد مخاوف من أن تنفذ عملية خطرة. وكان يوجد في صفوف «داعش العراق وسوريا» خبير في الأسلحة الكيماوية يدعى «أبو مالك» لكنه قتل في غارة جوية شنتها قوات التحالف الشهر الماضي قرب مدينة الموصل بالعراق. ويقول مصدر عسكري في ليبيا: «يظل احتمال وصول أسلحة كيماوية لـ(داعش ليبيا) واستخدامها احتمالا ورادا، حتى لو كان ضعيفا».
وحالت الحرب بين الفرقاء الليبيين دون وضع خارطة واضحة لأسلحة البلاد الكيماوية، لكن آخر حكومة موحدة برئاسة الدكتور زيدان، التي كان يهيمن عليها «الإخوان» والميليشيات المتطرفة، قالت قبل استقالتها العام الماضي إنها دمرت آخر ما لديها من أسلحة كيماوية في منطقة الجنوب بمساعدة خبراء من ألمانيا وأميركا وكندا، وإنه «لا توجد أي كميات أخرى معروفة من الأسلحة الكيماوية»، إلا أن مسؤولا عسكريا في جيش حفتر قال إنه، رغم ذلك، ما زالت هناك مواد وأسلحة كيماوية خطيرة مخزنة في الصحراء، وبعضها يجري العثور عليه بمحض الصدفة.



الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
TT

الحقيقة بين حَربَيْن: يوليو 2006 - أكتوبر 2023

رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)
رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة (غيتي)

المحنة الخطيرة التي تعرّض لها لبنان في عام 2006، بالمقارنة مع المحنة التي لا يزال يتعرّض لها منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى الآن، تبينان أن هناك أوجه شبه متعددة في جذورهما، كما أن هناك فروقات شاسعة بينهما، لا سيما بسبب تغير الظروف والأحوال.

منذ اللحظة التي قام بها العدو الإسرائيلي بعدوانه على لبنان في شهر يوليو (تموز) 2006، بحجة العملية العسكرية لـ«حزب الله» واختطافه عنصرين من الجيش الإسرائيلي، دعوتُ مجلس الوزراء للانعقاد والبحث في مخاطر هذا العدوان وتداعياته، واتخاذ التدابير، لحماية الأمن الوطني وحماية أمن اللبنانيين وسلامتهم، في المناطق التي أصبح يستهدفها، وللحؤول دون إفراغ الجنوب اللبناني من أهله.

لقد طرحتُ الأمر على مجلس الوزراء، وقلتُ بوضوح، إننا كحكومة فوجئنا ولم نكن على علم مسبّق بهذه العملية، وإننا لا نتبناها، ونستنكر عدوان إسرائيل على لبنان، وعلى سيادته وعلى الشعب اللبناني، وعلينا تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن، والمطالبة بوقف إطلاق النار.

المسافة بين الدولة و«الحزب»

بذلك نجحت الحكومة آنذاك في إيجاد مسافة واضحة بين الدولة اللبنانية و«حزب الله»، وهو ما أفسح المجال أمامها في مخاطبة المجتمعين العربي والدولي، والتواصل معهما من أجل مساعدة لبنان وتعزيز صموده. وهذا أيضاً ما أهّلها ومكّنها بعد ذلك، وفي ظل عنف الجرائم التي باتت ترتكبها إسرائيل إلى أن تكتسب دور الضحية الذي حاولت إسرائيل أن تلبس رداءه منذ صباح الثاني عشر من يوليو (تموز).

حرصت منذ ذلك الوقت على أن تكون الدولة اللبنانية بكل مكوناتها وإمكاناتها هي المسؤولة عن كل ما يجري، وعن معالجة نتائج ما حصل وما سيحصل، وأنها ستتحمل مسؤولياتها باتخاذ كل القرارات والإجراءات التي تحمي لبنان واللبنانيين، وتوفير مقومات صمودهم والاهتمام بالنازحين اللبنانيين.

منذ ذلك اليوم، تحوّل السراي الحكومي إلى ورشة عمل وطنية لا تهدأ، كما تحول أعضاء الحكومة إلى فريق عمل واحد للدفاع عن لبنان، والعمل على استنهاض الجهود في كل إدارات الدولة ومرافقها وإمكاناتها من أجل توفير مقومات الحياة للبنانيين، كما استنهاض المجتمع المدني للقيام بدورهم بواجب الدفاع عن لبنان.

على المستوى الخارجي، تكثّفت الاتصالات اليومية وبالتعاون مع وزير الخارجية اللبناني بكبار المسؤولين في العالم، من الأمين العام للأمم المتحدة، ومروراً برؤساء الدول العربية الشقيقة، وكذلك الدول الصديقة ممن يملكون القرار، ولهم القوة والنفوذ والتأثير الدولي، وكان مطلبنا الأساسي والأول من مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار.

في ذلك الوقت، استمرّ العدو الإسرائيلي في شن الحرب على لبنان، وفي استهداف المنشآت والمرافق، وتدمير الجسور والطرقات والمدارس والأبنية في القرى والبلدات، بينما جهدت الحكومة من أجل استنهاض العالم والمنظمات الدولية لإدانة ووقف ما يعانيه لبنان، وما يتعرّض له من مخاطر.

مهجرون في حرب تموز 2006 يعودون إلى مناطقهم بعد وقف إطلاق النار (غيتي)

خطة النقاط السبع

في ذلك الوقت، بادرت مع مجلس الوزراء، وبحضور رئيس الجمهورية ومشاركته الفعالة إلى بلورة صيغ الحلول للبنان، ووضعها بمتناول رؤساء دول العالم ومجلس الأمن من أجل وقف الحرب على لبنان ولإنهاء العدوان الإسرائيلي، حيث أقرت الحكومة خطة النقاط السبع التي عرضْتُها في مؤتمر روما، والتي اعتمدها مجلس الأمن من ضمن بناءاته في إصدار القرار الدولي بوقف إطلاق النار.

صدر القرار رقم 1701 عن مجلس الأمن، وتوقفت الحرب، وعاد النازحون إلى ديارهم وقراهم ابتداء من يوم 14 أغسطس (آب) 2006، وأنجزت ورشة البناء والإعمار للبنى التحتية وللأبنية المدمرة والمتضررة على أعلى درجات الكفاءة والصدقية والفاعلية والسرعة، وبفضل المساعدات الكريمة التي قدمتها الدول العربية، لا سيما دول الخليج، والدول الصديقة، والتي استند لبنان في الحصول عليها على الثقة التي رسختها الحكومة اللبنانية في علاقاتها مع جميع الأشقاء والأصدقاء. وبناء على ذلك، فقد عاد لبنان من جديد إلى نهوضه وازدهاره، ولممارسة دوره الطبيعي عربياً وعالمياً، وحيث استطاع لبنان خلال السنوات من 2007 إلى 2010 أن يحقق أعلى نسبة نمو في تاريخه الحديث لـ4 سنوات متوالية، وأن يحقق فائضاً سنوياً كبيراً في ميزان المدفوعات، وكذلك فائضاً إيجابياً كبيراً في مجموع الاحتياط من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، وخفضاً نسبياً كبيراً في نسبة الدين العام اللبناني إلى ناتجه المحلي.

لقاء رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للاتفاق على مشاركة ألمانيا في قوات "يونيفيل" في 2006 (غيتي)

وحدة ساحات بلا مقوّمات

بالمقارنة، فإنَّ ما حصل في 8 أكتوبر عام 2023، نتيجة مبادرة «حزب الله» مستنداً إلى نظريته بوحدة الساحات، وهو قد قام بذلك منفرداً وعلى مسؤوليته، ومن دون اطلاع أو معرفة السلطات الشرعية في لبنان إلى إشعال الجبهة على حدود لبنان الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأيضاً دون الأخذ بالحسبان الظروف شديدة الصعوبة التي بات يعاني منها لبنان آنذاك، ولا يزال.

صباح اليوم التالي، في 8 أكتوبر 2023، أصدرتُ بياناً شدّدت فيه على أن لبنان لا يستطيع، ولا يمكن أن يُزجَّ به في هذه المعركة العسكرية، وعددت 5 أسباب أساسية فحواها الأزمة الوطنية والسياسية لعدم انتخاب رئيس للجمهورية، وعدم تأليف حكومة مسؤولة، والضائقة الاقتصادية الخانقة، وأزمة النازحين السوريين، وانحسار الصلات الوثيقة مع دول الاحتضان العربي، وعدم توفر شبكة الأمان العربية والدولية التي حمته في عام 2006، وكذلك عدم وجود عطف أو تأييد لدى غالبية اللبنانيين لدعم مثل هذا التدخل العسكري.

الآن، ولأنّ القرار 1701 لم يطبق كما يجب، ولأنَّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لم يلعبا دورهما في السهر على تطبيق جميع القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان وبالقضية الفلسطينية كما يجب، وحيث أثبتت إسرائيل أنها لا تسعى لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة، ولا تعترف بالقانون الدولي، ولا بالشرعية الدولية، ولا بالحقوق الإنسانية، وتمعن في جرائم الإبادة والقتل والتدمير في غزة والضفة الغربية، وترتد اليوم على لبنان لتعود وتقتل المدنيين وتهجر الآمنين وتدمر المنازل والمنشآت، وتَستعْمِل وسائل التكنولوجيا الحديثة واصطياد الناس الآمنين.

دور وطني يبحث عن أبطال

الآن، وقد أصبحنا على ما نحن عليه، من إرغامات ومن عوائق، وكذلك من نوافد يمكن الولوج منها نحو إخراج لبنان من نير هذا العدوان الإسرائيلي، فإنّه باعتقادي أن في لبنان الآن دوراً وطنياً كبيراً، يبحث عن أبطاله وفي غياب رئيس للجمهورية، وهما بنظري الرئيس نبيه بري بكونه رئيس السلطة التشريعية، والرئيس نجيب ميقاتي بكونه رئيس حكومة تصريف الأعمال، وعليهما أن يكتسبا بجهودهما وتفانيهما، شرف وأجر هذا الدور وهذه البطولة، وعلى جميع المسؤولين والحريصين على إنقاذ لبنان، أن يبادروا إلى مساعدتهما عبر تبني النقاط الست الآتية:

أولاً: إنَّ الواجب الوطني يقتضي من جميع اللبنانيين التضامن والتماسك والتصرف على قاعدة الوحدة والأخوة الوطنية الواحدة، وأن الشعب اللبناني بِرُمَّته يشجب ويدين هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي يستهدف لبنان كله والصيغة اللبنانية، بتآلف عناصرها وتفاعلها، والتي لا تحتمل غالباً أو مغلوباً.

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة الأربعاء (إ.ب.أ)

ثانياً: إنَّ الحلول للبنان لن تكون ويجب ألا تكون إلا عبر الحلول الوطنية الجامعة، التي تركّز على التمسك بحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف والدستور اللبناني، وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة والحصرية، وبقرارها الحر ودورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية، ومسؤوليتها الكاملة تُجاه شعبها وأمنه واستقراره.

ثالثاً: بما أنّ العدوان يطال كل لبنان ويصيب كل اللبنانيين، وليس من أحد منهم يتوسَّل العدوان الإسرائيلي، لكي يستفيد أو يدعم موقفه السياسي، فإنّ التفكير والبحث يجب أن ينصبَّ على ضرورة أن تعود الدولة اللبنانية لتأخذ على عاتقها زمام الأمور والمسؤولية، وما يقتضيه ذلك من موقف وطني جامع، بحيث يحتضن اللبنانيون بعضهم بعضاً ويكون همهم الوحيد إنقاذ لبنان وإخراجه من أتون هذه الأزْمة المستفحلة والخطيرة، التي تهدّد كيان الوطن ووحدة اللبنانيين وتماسكهم ومصيرهم.

رابعاً: مطالبة مجلس الأمن الدولي بإصدار قرارٍ بوقفٍ فوري لإطلاق النار في لبنان، وتَحَمُّلِ مسؤولياته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عبر التزام جميع الأطراف بالتطبيق الكامل والفوري للقرار الدولي 1701 بمندرجاته كافة، واحترام جميع القرارات الدولية ذات الصلة.

خامساً: مبادرة رئيس المجلس النيابي بدعوة المجلس إلى الانعقاد لمناقشة المخاطر التي تتربص بالدولة اللبنانية وبالشعب اللبناني بما يحفظ الكيان اللبناني، ويحترم الدستور اللبناني، ويحافظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه. كما الدعوة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية دون أي إبطاء. رئيس يستطيع أن يجمع اللبنانيين، وبالتالي لتشكيل حكومة مسؤولة تتولى التنفيذ الكامل للقرار 1701، وتعمل لاستعادة العافية والسيادة اللبنانية وتعزيز دور الدولة اللبنانية الكامل في الحفاظ على استقلال وسيادة، وحرية لبنان، واستعادة نهوضه، واستقراره.

سادساً: السعي مع جميع الأشقاء العرب وجامعة الدول العربية بكونهم أشقاء الدم والهوية، وكذلك مع جميع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية الإنسانية لتقديم كلّ المساعدات اللازمة والعاجلة لصيانة كرامة النازحين المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين، وكذلك لتأمين العودة العاجلة والفورية لعودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم ووضع الآليات ورصد المبالغ اللازمة لإعادة إعمار ما تهدم وما تضرر.

لقد أثبتت هذه المحنة الجديدة أن لبنان لم يستفِد من تجربة ودروس عام 2006، وأنه بات مكشوفاً بتفاصيله أمام العدو الإسرائيلي الذي استثمر تفوقه الناري والجوي والتكنولوجي والاستخباراتي والدعم الدولي اللامحدود له بالترخيص بالقتل والتدمير، وهو الذي لا يزال يُراهن على التسبب بالانقسام، والفتنة بين اللبنانيين، التي لا ولن تحصل بإذن الله، وهو لذلك لم يتورع عن ارتكاب المجازر والاغتيالات، التي كان آخرها اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله.

اليوم لبنان والعالم كله أمام الامتحان، فهل تقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن لمناصرة الحق، وهل يبادر اللبنانيون بكل قواهم، للدفاع عن حق لبنان واللبنانيين في الوجود الكريم والآمن، وتلقين إسرائيل درساً في معنى الحق والإنسانية واحترام حقوق الإنسان؟!