ما سبب دخول أطفال طالبي اللجوء بالسويد في غيبوبة غامضة؟

قراءات التخطيط الدماغي أظهرت أن الأطفال مستيقظون بالفعل ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يوقظهم (ديلي ميل)
قراءات التخطيط الدماغي أظهرت أن الأطفال مستيقظون بالفعل ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يوقظهم (ديلي ميل)
TT
20

ما سبب دخول أطفال طالبي اللجوء بالسويد في غيبوبة غامضة؟

قراءات التخطيط الدماغي أظهرت أن الأطفال مستيقظون بالفعل ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يوقظهم (ديلي ميل)
قراءات التخطيط الدماغي أظهرت أن الأطفال مستيقظون بالفعل ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يوقظهم (ديلي ميل)

عندما يدخل طفل في غيبوبة غامضة، فهذا أمر يدعو للقلق. لكن عندما يعاني 169 طفلاً على مدى سنوات من هذه الحالة الطبية، ويعيش جميعهم في منطقة جغرافية صغيرة، فإن الأمر يُعتبر غريباً إلى حد كبير.
وحدث ذلك في السويد خلال العقد الماضي. عانى الأطفال في البداية من القلق والاكتئاب. توقفوا عن اللعب مع الآخرين. تحدثوا أقل، ثم لم يتمكنوا من التحدث على الإطلاق. أخيراً، دخلوا أعمق مرحلة من النوم، ولم يعودوا قادرين على الأكل أو فتح أعينهم، وفقاً لصحيفة «ديلي ميل».
ومع ذلك، لم يكن هناك حالة مرضية جسدية محددة على ما يبدو. أجرى الأطباء كثيراً من الاختبارات لهم لم تظهر أي مشكلة.
وفقاً لقراءات التخطيط الدماغي، كان الأطفال مستيقظين بالفعل. ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يوقظهم. البعض منهم الآن يعانون من هذه الحالة منذ عدة سنوات.
ويُعد ذلك لغزاً محيراً، حيث تشرح الكاتبة العلمية سوزان أوسوليفان، وهي أيضاً طبيبة أعصاب بارزة، المشهد بشكل جيد. جميع هؤلاء الأطفال الـ169 هم من نسل طالبي اللجوء، وقد تم رفض طلب كل أسرة للحصول على اللجوء. والغريب المضاعف هو أن جميع طالبي اللجوء هؤلاء كانوا من الإيزيديين، من سوريا التي مزقتها الحرب.
على سبيل المثال، لم يتأثر أي من الأطفال الأفارقة الذين كانوا في وضع مماثل.
ولم يكن هناك أطفال إيزيديون في بلدان أخرى غير السويد. وأطلق الأطباء على الحالة اسم «متلازمة الاستقالة». ولكن إذا لم يكن هناك مرض أو أي شيء خاطئ مع الأطفال، فما الذي يحدث؟
بعد دراسة الأطفال عن كثب، خلصت أوسوليفان إلى أن مرضهم كان نفسياً - جسدياً. هذا المصطلح ذو سمعة سيئة، حيث يعتقد كثير من الناس أنه قد يكون مزيفاً. لهذا السبب، بدأ الأطباء وعلماء النفس في استخدام مصطلح «الاضطرابات الوظيفية».
لكن، جادلت أوسوليفان، بشكل مقنع، بأن الأمراض النفسية - الجسدية هي في كل جزء حقيقية بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الأمراض التي يمكن التعرف عليها بسهولة. لا أحد يجبر هؤلاء الأطفال على البقاء في السرير لعدة سنوات. لم «يقرروا» أن يمرضوا. في السويد، اعتقدت السلطات أن الآباء قد جعلوا الأطفال يمثلون معاناتهم مع المرض، لكنك ستحتاج فقط إلى قضاء خمس دقائق مع الآباء والأمهات لتتأكد أن هذه النظرية ليست صحيحة.
وتتمثل أطروحة أوسوليفان في أن «متلازمة الاستقالة» تتأثر بالجوانب الخصوصية للثقافات الفردية، بقدر تأثرها ببيولوجيا الإنسان.
في السويد، على سبيل المثال، تم الترحيب بطالبي اللجوء في البداية بأذرع مفتوحة. ولكن، تدريجياً، تغير المزاج الوطني، وأصبحت الهجرة قضية سياسية ساخنة، وأصبح طالبو اللجوء الذين ربما حصلوا على الموافقة الرسمية قبل خمس سنوات يُرفضون الآن.
من الشعور بالأمن، ربما الأول الذي عرفوه على الإطلاق، إلى الرعب المطلق بشأن المستقبل: كيف سيكون رد فعلك على ذلك؟ قام الأطفال، دون أن يكونوا على دراية بما يفعلونه، بالتخلي عن الواقع والانتقال إلى أسرّتهم. كتبت أوسوليفان: «الجسد هو لسان حال العقل».
وكانت هذه تجربة طفل صغير أثناء نومه: «لقد شعر كما لو كان في صندوق زجاجي بجدران هشة، في أعماق المحيط. كان يعتقد أنه إذا تحدث أو تحرك، فسيحدث اهتزازاً، مما قد يتسبب في تحطم الزجاج. وقال: «كان الماء يتدفق ويقتلني».
وهذه الحالة تُعتبر جزءاً من الحالات التي تصادف أوسوليفان التي تسافر حول العالم وتبحث في أمراض غامضة أخرى واضطرابات طبية غير قابلة للتفسير.
وفي كل حالة، تكتشف أن السبب ليس شيئاً جسدياً على الإطلاق. إنه دائماً ظرف غير عادي في حياة المصابين.
وقالت: «لقد تم تذكيري بنصيحة شيرلوك هولمز التي لا تموت: (عندما تقضي على المستحيل، فكل ما تبقى، مهما كان بعيد الاحتمال، يجب أن يكون هو الحقيقة)».
وأصافت: «قرأتُ في مكان آخر مؤخراً أنه في نحو 37 في المائة من الحالات، ليس لدى الأطباء العامين في المملكة المتحدة أي فكرة عن الخطأ في مرضاهم».
هل نفرط في الثقة بالأطباء؟ من الواضح أن أوسوليفان، بصفتها طبيبة أعصاب، تناضل كثيراً، لكن كتابها يشير إلى أن تفكيرهم غالباً ما يكون ضيقاً للغاية، وآلياً للغاية، بحيث لا يمكن حل كل مشكلة تنشأ.


مقالات ذات صلة

5 أمراض مناعية خطيرة قد يسببها التوتر

صحتك يمكن للتوتر تحفيز الأمراض المناعية أو مفاقمتها أو تسريع ظهورها لدى الأشخاص المعرّضين وراثياً (رويترز)

5 أمراض مناعية خطيرة قد يسببها التوتر

في شهر التوعية بالتوتر، نستعرض أبرز الأمراض المناعية الذاتية المرتبطة بالتوتر المزمن.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك يتميز التوت باحتوائه على مضادات الأكسدة خاصة الأنثوسيانين التي ثبتت فاعليتها في تحسين استجابة الجسم للإنسولين وتقليل الالتهابات (أ.ب)

4 أطعمة غنية بالألياف لعلاج مرض السكري من النوع الثاني

كشفت اختصاصية التغذية شارماين ها دومينغيز، عن أربعة أطعمة غنية بالألياف يجب تناولها يومياً لإدارة أو حتى «التخلص من مرض السكري من النوع الثاني».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك تلعب الخيارات الغذائية دوراً محورياً في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة بما في ذلك السرطان (رويترز)

4 فواكه تقلل من خطر إصابتك بسرطان القولون

يربط العلماء زيادة الإصابة بسرطان القولون بعوامل مثل السمنة، قلة النشاط البدني، والأنظمة الغذائية غير الصحية الغنية باللحوم المصنعة والفقيرة بالفواكه والخضروات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك يُنصح بإجراء كشط اللسان برفق مرة واحدة يومياً للبالغين للمساعدة في إزالة البكتيريا وتنقية النَّفَس (موقع عيادة دكتور ميتشيل- وسائل إعلام أميركية)

عادة غريبة في الفم قد تؤدي إلى مخاطر صحية على القلب

خلصت دراسات سابقة إلى أن كشط اللسان يمكن أن يُحسِّن حاسة التذوق؛ لكن المبالغة فيه قد تؤثر على صحة القلب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك طنين الأذن حالة شائعة تُصيب ما بين 10 و25 في المائة من البالغين عالميّاً (متداولة)

طنين الأذن... ما أعراضه؟ وكيف يمكن علاجه؟

إذا كنت تسمع رنيناً مستمرّاً أو أصواتاً غريبة في أذنك دون مصدر خارجي، فأنت تُعاني مما يُعرف ﺑ«طنين الأذن».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

في «أوكسفورد»... شربوا من كأس مصنوعة من جمجمة بشرية

الجمجمة تحوَّلت لأداة مائدة (جامعة أكسفورد)
الجمجمة تحوَّلت لأداة مائدة (جامعة أكسفورد)
TT
20

في «أوكسفورد»... شربوا من كأس مصنوعة من جمجمة بشرية

الجمجمة تحوَّلت لأداة مائدة (جامعة أكسفورد)
الجمجمة تحوَّلت لأداة مائدة (جامعة أكسفورد)

يكشف كتابٌ جديدٌ عن الاستخدام الطويل لكأس في كلية وورسيستر، ما يلقي الضوء على التاريخ الاستعماري العنيف المُرتبط بالرفات البشرية المنهوبة، وفق البروفيسور دان هيكس.

وفي كتابه، «كل نصب سيسقط»، يتتبَّع هيكس، وهو أمين علم الآثار العالمية في متحف بيت ريفرز بجامعة أوكسفورد، «التاريخ المخجل للجمجمة»، ويميط اللثام عن ماضٍ استعماري عنيف يتعلَّق باستخدام رفات بشرية، مشيراً إلى أنَّ أكاديميين في الجامعة دأبوا، على مدى عقود، على استخدام كأس مصنوعة من جمجمة بشرية لشرب النبيذ.

وذكرت «الغارديان» أنّ الكأس المصنوعة من الجزء العلوي من الجمجمة والمزيَّنة بحافة وقاعدة من الفضة، استُخدمت بانتظام في حفلات العشاء الرسمية بكلية وورسيستر حتى عام 2015. ووفق هيكس، كانت تُستخدم أيضاً أحياناً لتقديم الشوكولاته.

وأدّى تزايُد القلق بين الأساتذة والضيوف إلى إيقاف هذا الطَقْس في قاعة الأساتذة عام 2015. وفي 2019، دعت الكلية، هيكس، إلى التحقيق في أصل الجمجمة، وكيف تحوّلت إلى ما وصفه بـ«أداة مائدة مقزّزة».

ويشير إلى أنّ النقاش حول إرث الاستعمار غالباً ما يتركز على شخصيات بريطانية بارزة، مثل سيسيل رودس أو إدوارد كولستون، الذين خُلِّدوا بتماثيل أو مؤسّسات تحمل أسماءهم، لكنه يرى أنَّ ضحايا الاستعمار هُمِّشوا ومُحيت هوياتهم من الذاكرة نتيجة أفكار عنصرية عن التفوّق الثقافي والبيولوجي للعرق الأبيض البريطاني، مضيفاً: «نزع الإنسانية وتدمير الهويات كانا جزءاً من هذا العنف».

ورغم أنَّ هوية صاحب الجمجمة لا تزال مجهولة، أظهر التأريخ بالكربون أنَّ عمرها يُقدّر بنحو 225 عاماً. ويُرجح، استناداً إلى الحجم وأدلة ظرفية، أنها تعود لامرأة مُستَعبدة من منطقة الكاريبي.

في المقابل، فإنَّ مالكي الكأس معروفون جيداً، فقد تبرَّع بها لكلية وورسيستر عام 1946 أحد خرّيجيها، جورج بيت ريفرز، واسمه منقوش على حافتها الفضية. وكان جورج من أنصار علم تحسين النسل، واحتجزته السلطات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية لدعمه الزعيم الفاشي أوزوالد موزلي.

الكأس كانت جزءاً من مجموعة خاصة أقلّ شهرة لجدّه، أوغستوس هنري لين فوكس بيت ريفرز، الجندي البريطاني وعالم الآثار الفيكتوري، ومؤسِّس متحف بيت ريفرز عام 1884. وقد اشتراها من مزاد لدار «سوذبيز» في العام عينه. وتُظهر قائمة البيع أنها كانت مزوَّدة بقاعدة خشبية مزيَّنة بعملة شيلينغ من عهد الملكة فيكتوريا. وتُشير علامات الفضة إلى أنها صُنعت في 1838؛ عام تتويج الملكة.

أما البائع، فكان المحامي وخرّيج كلية أورييل، برنارد سميث، الذي كان يجمع الأسلحة والدروع، ويعتقد هيكس أنَّ الكأس ربما كانت هدية من والده الذي خدم في البحرية الملكية بمنطقة الكاريبي.

من جهتها، عبَّرت رئيسة المجموعة البرلمانية الخاصة بالتعويضات الأفريقية، النائبة العمالية بيل ريبييرو آدي، عن اشمئزازها، قائلة: «من المُقزّز أن نتخيّل أكاديميي أوكسفورد وهم يجلسون في هذا المعقل المترف، الغني بعائدات قرون من العنف والنهب الاستعماري، يشربون من جمجمة بشرية ربما تعود لامرأة مُستَعبدة، جُرّدت من إنسانيتها إلى حد تحويلها أداةَ مائدة».

وبدوره، قال متحدّث باسم كلية وورسيستر إنَّ الكأس كانت تُعرض أحياناً ضمن مجموعة الفضة الخاصة بالكلية في القرن الـ20، واستُخدمت مرات محدودة بعد عام 2011، قبل أن تُسحَب تماماً قبل 10 سنوات. وأضاف: «بناءً على نصائح علمية وقانونية، قرَّر مجلس الكلية حفظ الكأس في الأرشيف بطريقة محترمة، مع فرض حظر دائم على الوصول إليها»، مشيراً إلى أنَّ الدكتور هيكس أقرّ في كتابه بأنّ الكلية تعاملت مع الأمر بمسؤولية وأخلاقية.

ويعرض الكتاب كذلك جماجم أخرى نُهبت من ساحات المعارك الاستعمارية، واحتُفظ بها في منازل شخصيات بارزة أو تبرّعوا بها للمتاحف، ومن بين هؤلاء، اللورد غرينفيل، القائد العسكري البريطاني الذي يحمل برج كنسينغتون اسمه، والذي احتفظ بجمجمة أحد زعماء الزولو بعد مقتله على يد الجيش البريطاني في معركة «أولوندي» عام 1879.