محلل أميركي يقول إن عباس أساء تقدير حساباته الانتخابية

أبو مازن «كتب شيكاً على نفسه لا يستطيع سداده»

محلل أميركي يقول إن عباس أساء تقدير حساباته الانتخابية
TT

محلل أميركي يقول إن عباس أساء تقدير حساباته الانتخابية

محلل أميركي يقول إن عباس أساء تقدير حساباته الانتخابية

قبل تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن بخمسة أيام؛ أي يوم 15 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراره إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية. أراد عباس تقديم نفسه للرئيس الأميركي الجديد زعيماً ديمقراطياً. وعباس كان قد فاز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية عام 2005 بولاية واحدة مدتها 4 سنوات، لكنه استمر في السلطة لمدة 16 عاماً من دون انتخابات.
وكان لدى الرئيس الفلسطيني، البالغ من العمر 85 عاماً، انطباع بأن فوزه في الانتخابات محسوم، وبعد ذلك سيصبح من السهل عليه الاستفادة من السياسات الأميركية لصالح قيام دولة فلسطينية. ولكن بمرور الوقت، اتضح أن الأمر ليس بهذه السهولة، وبحسب المحلل السياسي الأميركي - الإسرائيلي، زائيف شافتس، فإن الرئيس بايدن قد يكون أكثر تعاطفاً مع الفلسطينيين من سلفه دونالد ترمب، لكن مستقبل فلسطين لا يحتل مكانة متقدمة على قائمة أولويات إدارته. وقد أطلقت الإدارة الأميركية إشارات إيجابية عدة، لكن بايدن لم يتحدث مع عباس حتى الآن، ناهيك بدعوته لزيارة واشنطن. وقد ترحب الولايات المتحدة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في فلسطين، لكن التركيز الإقليمي منصب حالياً على إيران وليس على رام الله. كما أن الإدارة الأميركية تدرك امتلاك إسرائيل دعماً واسعاً بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس.
يقول شافتس في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، ونقلته وكالة الأنباء الألمانية، إن الأسوأ من ذلك، هو أنه يبدو أن عباس أساء تقدير حساباته الانتخابية، فحركة «فتح» التي يقودها منقسمة إلى معسكرات. وأظهر استطلاع للرأي أجراه «المركز الفلسطيني للسياسة وبحوث الرأي العام»، أواخر مارس (آذار) الماضي، أن حركة «فتح»، من حيث الشعبية، تأتي وراء «حزب الحرية» المُنشأ حديثاً، والذي يعدّ فرس السباق بالنسبة لمروان البرغوثي، القيادي السابق في حركة «فتح» والذي يقضي أحكاماً عدة بالسجن مدى الحياة في سجون إسرائيل، بتهمة قتل مدنيين إسرائيليين. ورغم أن فوز «حزب الحرية» بالانتخابات، لن يعني إطلاق سراح البرغوثي، فإنه سيكون إهانة لعباس وقياديي حركة «فتح» القدامى.
كما أن حركة «حماس» الفلسطينية المسلحة التي تسيطر على قطاع غزة، ستخوض السباق، وهناك ثأر قديم بين «فتح» وحركة «حماس» منذ عام 2007، عندما نفذت الحركة انقلاباً دامياً أطاح عباس ومؤيديه في غزة. كما أن هناك خلافات آيديولوجية وفنية جوهرية بين الحركتين. وبالطبع، لا تعترف حركة «حماس» بحق إسرائيل في الوجود، وخاضت 3 حروب ضدها في العقدين الماضيين، وتتهم الرئيس عباس بأنه متعاون مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. ففي حين يشن عباس حرباً دبلوماسية ضد الدولة اليهودية، فإن قواته شبه العسكرية تتعاون معها بشكل وثيق في الموضوعات الأمنية.
وفي الأسبوع الماضي، شهدت مدينة القدس اشتباكات بين حشود من النشطاء الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية، بسبب القيود المفروضة على التجمعات خلال شهر رمضان. ومن غير الواضح أن «حماس» تقف وراء هذه الاشتباكات، كما أنه لا يبدو أن الشباب المشارك فيها من مؤيدي عباس. وبالتزامن، نظمت «حماس» مظاهرة حاشدة في غزة تأييداً لمن أطلقت عليهم «المتظاهرون الأبطال» في القدس. كما أطلقت مجموعة من الهجمات الصاروخية تجاه المدن والبلدات الإسرائيلية على الحدود مع غزة، تعبيراً عن التضامن مع غضب أهالي الضفة الغربية. وعندما تراجعت إسرائيل عن القيود التي فرضتها على التجمعات في القدس الشرقية، نسبت «حماس» لنفسها الفضل فيما وصفته بـ«الانتصار الفلسطيني».
وفي أي انتخابات فلسطينية، لن يرغب أحد في أن يُتهم بالتهاون في الدفاع عن القدس. وهذا هو الموقف الذي وجد عباس نفسه فيه. فهو لا يستطيع إطلاق الصواريخ على إسرائيل ولا التهديد بأعمال عنف في الشوارع، لكن التزام الصمت أيضاً يمكن أن يكلفه الانتخابات. وفي مواجهة هذا الاحتمال، لجأ عباس إلى ما كان يفعله في الماضي، وهو محاولة إلغاء الانتخابات بسبب القدس ليس إلا.
وفي المقابل؛ فإن إسرائيل، التي تدعي سيادتها على المدينة، لم تعط موافقتها على إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس الشرقية. ورغم ضغوط الاتحاد الأوروبي، فإنه من غير المحتمل أن توافق على ذلك. وعباس يعرف ذلك. وبالتالي؛ فإن شرطه هذا، يعني التراجع عن إجراء الانتخابات التي دعا إليها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم