في غياب قضايا أساسية.. حياة نتنياهو الشخصية تطغى على حملة الانتخابات

استطلاعات الرأي تظهر أن الاقتصاد في مقدمة أولويات الناخبين الإسرائيليين

في غياب قضايا أساسية.. حياة نتنياهو الشخصية تطغى على حملة الانتخابات
TT

في غياب قضايا أساسية.. حياة نتنياهو الشخصية تطغى على حملة الانتخابات

في غياب قضايا أساسية.. حياة نتنياهو الشخصية تطغى على حملة الانتخابات

خلال أقل من شهر واحد سينتخب الإسرائيليون برلمانهم الجديد، وسط جدل كبير حول نمط حياة رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو وزوجته، سيطر على أجواء الحملات الانتخابية، في حين حلت في المقام الثاني المشكلات الاجتماعية والتهديدات الأمنية التي ستواجهها الحكومة المقبلة.
وتواجه إسرائيل اليوم قضايا حساسة كثيرة، بعد أن خرجت مؤخرا من حرب شنتها على قطاع غزة جنوبا، فيما تعزز التوترات في الشمال خشية من اندلاع حرب أخرى. وهناك قلق إزاء تقدم التنظيمات الجهادية وتصاعد النفوذ الإيراني، كما تبدو الاحتمالات ضئيلة للتوصل إلى اتفاق دائم مع السلطة الفلسطينية.
ومن المفترض أن يؤثر غياب المساواة وغلاء المعيشة على قرار الناخبين في 17 من مارس (آذار) المقبل بين التمديد لنتنياهو أو استبداله، أكثر من مسألة التوصل إلى حل مع الفلسطينيين، بحسب بعض الخبراء. ولكن ما حصل فعليا هو أن الناخبين الذين دعوا إلى التصويت مبكرا لم يسمعوا في الحملات الانتخابية سوى عن تكاليف التنظيف والطعام، والإصلاحات في الأماكن الرسمية المخصصة لإقامة رئيس الوزراء، خاصة بعد أن شنت بعض وسائل الإعلام حملات ضد سارة، زوجة رئيس الحكومة، التي تحدثت تقارير عن سوء استخدامها لأموال إعادة تدوير الزجاجات، إضافة إلى شرائها أثاث حديقة لمسكنهما الخاص المخصص للعطلات في قيسارية.
وفي هذا الصدد يعرب أستاذ العلاقات الدولية إيمانويل نافون عن اعتقاده أن من شأن هذه الحملات أن تصب في صالح نتنياهو، ويقول إن «الناخبين من اليمين والمترددين يرون في ذلك حملة ثأر يشنها اليسار» بدعم إعلامي.
وتظهر استطلاعات الرأي التقارب بين حزب نتنياهو (الليكود)، من جهة، و«الاتحاد المتشدد» الذي يضم حزب العمل وحزب تسيبي ليفني «الحركة»، بحيث قد ينال كل منهما 25 مقعدا. ولكن في نظام انتخابي نسبي فإن من يشكل الحكومة الائتلافية ليس بالضرورة الفائز بعدد أكبر من المقاعد البرلمانية. وفي هذا الشأن قال خبراء في الشؤون الإسرائيلية إن فرصة نتنياهو تعد أكبر، لكن من دون أن ينفوا حصول مفاجآت، بسبب تأثير الأحزاب الدينية وحزب اليمين الجديد بزعامة عضو الليكود السابق موشي كحلون. وفي ظل التوترات الأمنية الأخيرة في شمال إسرائيل، وأيضا الهجمات التي استهدفت يهودا في أوروبا، والمباحثات النووية مع إيران، بالإضافة إلى الهموم الداخلية، فإن نتنياهو يبقى هو أفضل من يحدد الأجندة اليومية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو عن ماهية القضية التي تركز عليها الأحزاب في هذه الانتخابات. وكجواب على هذا التساؤل فإن الأحزاب اليسارية والوسط تركز على الأجندة الاجتماعية - الاقتصادية، حيث تسلط الضوء على العيوب الهيكلية في القطاع العام وفي الاقتصاد.
وخلال الشهرين الماضيين أظهرت الاستطلاعات تفوق حزب «الاتحاد الصهيوني»، حيث توقعت حصوله على 23 - 26 مقعدا، يليه حزب الليكود بزعامة نتنياهو، إلا أن الاستطلاعات حاليا تدل على أن الحزب اليميني سيحصل على أكبر عدد من المقاعد.
وقد أظهرت 10 استطلاعات رأي أجرتها مؤخرا مؤسسة «بروجيكت 61» تقارب النتيجة بين الحزبين، رغم أن الليكود قد يحصل على 25 مقعدا مقابل 26 للاتحاد الصهيوني، لكن حتى لو فاز الاتحاد الصهيوني فإنه سيواجه صعوبة في تشكيل ائتلاف، بينما لن يجد نتنياهو أي صعوبة في تشكيل حكومة من الأحزاب الدينية واليمينية والوسط.
كما أظهرت استطلاعات الرأي أيضا أن الإسرائيليين قلقون بشأن وضعهم الاقتصادي أكثر من قلقهم بشأن عملية السلام غير الموجودة، أو من برنامج إيران النووي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم