شاشة الناقد

أنطوني هوبكنز في «الموهوب»
أنطوني هوبكنز في «الموهوب»
TT

شاشة الناقد

أنطوني هوبكنز في «الموهوب»
أنطوني هوبكنز في «الموهوب»

الموهوب | The Virtuoso
**
> إخراج: نك ستاليانو
> الولايات المتحدة | تشويق (2021)
أنطوني هوبكنز في هذا الفيلم هو ذاته أنطوني هوبكنز في «الأب». كلاهما أنطوني هوبكنز ذاته الذي فاز بأوسكار أفضل ممثل عن الفيلم الثاني. الفارق أنه يستخدم في «الموهوب» عُشر موهبته قياساً بآدائه في فيلم «الأب». لا يخطئ بكلمة أو بحركة، لكنه دور أقل من مستواه في فيلم أقل كثيراً من مستوى «الأب» وما ورد فيه.
الحكاية هنا تدور حول قاتل محترف بلا اسم معلن سوى «الموهوب» (أنسون ماونت) يتلقى مهامه عن طريق رجل ملقّب بـ«الأستاذ» (هوبكنز) وفي مطلع الفيلم ينفّذ عملية معقّدة: على ضحيته المقبلة أن تموت كما لو كانت الجريمة محض حادثة. ما لم يكن بحسبان «الموهوب» أن السيارة التي يقودها الرجل - الضحية تصطدم حال فقدت السيطرة بـ«موبايل هوم» مما يؤدي إلى انفجاره واحتراق المرأة القريبة منه. صورة بشعة تتراءى لـ«الموهوب» طوال الفيلم كما لو أنه لم يكن يوماً يدرك مغبّة ما يقوم به. العملية الثانية التي كُلّف بها كانت فخّاً تشترك فيه امرأة (أيضاً بلا اسم وتؤديها آبي كورنيش). في النهاية تتمخض الحكاية (بعد عدّة جثث توزّعت في ليلة غاب فيها القمر والأنوار الكهربائية معاً) عن أن «المرأة» هي مخلب «الأستاذ» لقتل «الموهوب».
هناك تعليق بصوت الممثل ماونت يعكس أفكار ومشاعر الشخصية التي يؤديها وستدرك باكراً أن حادثة المرأة التي التهمتها النار ستشكّل كابوساً طوال الوقت. ليس من عادة «الأستاذ» الاعتماد على قاتل مصاب بصحوة ضمير لكن عوض إرسال قاتل آخر للتخلّص منه سريعاً يرمي شباكاً معقّدة لشغل ساعة ونصف من فيلم أريد له الاختلاف لكنه بقي في مكانه.
الاختلاف الذي أريد للفيلم هو اللجوء إلى نوع من دراسة دواخل القاتل المحترف، لكن السيناريو مضطر، كما المعالجة، لدخول دروب التقليد ذاتها التي في أفلام كثيرة حول القاتل الذي يكتشف أن رئيسه هو من يريد قتله. الكثير من هذه الأفلام أنجح تنفيذاً من هذا الفيلم (عروض تجارية).

قابل للكسر****
> إخراج: أحمد رشوان
> مصر | دراما اجتماعية (2020)
هناك الكثير مما يحدث في هذا الفيلم لكن ليس من بينها ما هو نمطي في تعامله مع أي من عناصره. لا الموضوع ولا التمثيل ولا الإخراج ولا كثرة التفاصيل أو الصورة المرسومة للمجتمع الذي تدور الحكاية في داخله ما يذكّر بأي فيلم سابق بما فيها معظم ما تم تحت مظلّة السينما المستقلة.
لا شيء تقليدي ولا تصرف نمطي بما في ذلك ثورات الذات الدفينة والأداء الذي يبقى غالباً تحت مستوى الانفعال الدرامي. الاستثناء هو أداء فاطمة عادل عندما تكتشف أن الشاب الذي تحب لديه ميولاً عاطفية غير خفية تجاه نانسي. تنفعل مرّتين أو ثلاثة في الفيلم لكن حتى ذلك الانفعال لا يتجاوز الخط المرسوم للممثلة حتى لا يأتي أداؤها «مبالغاً فيه».
هذا كله متوفر في أفلام مصرية مستقلة سابقة (آخرها «لا أحد هناك» لأحمد مجدي) لكن ما يميّز هذا العمل الروائي الثاني لأحمد رشوان هو التحكّم الدقيق بمفاصل كل العناصر الفنية التي يتألّف منها الفيلم بحيث تسير في كيان واحد متجانس ومتآلف ورقيق المعالجة في آن واحد.
الفيلم هو عن نانسي (حنان مطاوع) التي ستترك مصر مهاجرة بعد ثلاثة أيام. خلال هذه الفترة القصيرة عليها أن تترك المنزل لمالكه وتحل قضاياها مع زوجها السابق مايكل (أحمد رشوان في الدور) وتتلافى اضطراب علاقتها مع ليلى بسبب ميول مفاجئة حيال الشاب الذي تحبه كريم (عمرو جمال) وحل معضلة الجنين الذي في بطن لبنى، (شقيقة ليلى وقامت بها رانيا شاهين) وربط خيوط أخرى بعضها ببعض قبل أن تبدأ حياتها الجديدة.
نانسي هي محور كل شيء هنا. يسودها الهدوء غالباً، لكن ذلك لا يعني أن دواخلها هادئة كسمات وجهها. تنفجر في لحظات معيّنة لا مع الشخصيات الأساسية المحيطة بها، بل مع ظواهر اجتماعية ربما شكّلت بعض المبررات للهجرة، مثل سوقية بعض الرجال في الطرق، التحرّشات والمضايقات الطائشة. لولا شخصية خالد خطاب الذي يلعب على أكثر من حبل راغباً في نيل غاياته من ليلى حيناً ومن نانسي حيناً لخلا الفيلم من عنصر شرير واحد. لكن حتى هذا العنصر منضبط تحت قبضة مخرج يعرف ما يريد وينجح في تنفيذه. ربما بعض السلاسة في الانتقال ما بين الشخصيات المتكاثرة في ربع الساعة الأولى (وأقل من ذلك لاحقاً) كان سيمد الفيلم بسلاسة يحتاجها أحياناً (عرض خاص).

أمّهات***
> إخراج: ‪مريم بكير‬
> المغرب - فرنسا | تسجيلي (2020)
تسجيلي حول مؤسسة مغربية لمساعدة الفتيات والنساء اللواتي يحبلن خارج إطار الشريعة يتحوّل إلى ما هو قريب من التحقيق الريبورتاجي ما يبدو كما لو أن المؤسسة التي هي محور الاهتمام هي من قامت بتمويله لأغراض دعائية.
يمهّد الفيلم بالمعلومات الضرورية لولوج الموضوع. في مدينة أغادير أسست السيدة محجوبة أيدبوش (لا يقول الفيلم متى) جمعية باسم «أم البنين» التي تعنى بشؤون النساء الحاملات من دون زواج شرعي. هذه العناية، كما نلاحظ مما يعرضه الفيلم، تشمل توجيه المرأة التي وجدت نفسها في هذا الوضع لما تستطيع أن تقوم به اجتماعياً وطبياً، وفي بعض الحالات، قانونياً لتخطي هذا الوضع في ظل قوانين قد تقضي بسجن المرأة من شهر إلى سنة حسب المادة 450. كما يقول الفيلم في مقدّمته.
يورد الفيلم عدّة حالات تختلف في التفاصيل وتلتقي في حقيقة أن الفتاة الحامل تخشى الإفصاح عما وجدت نفسها عليه ولا تدري ما تفعل لتجنب الفضيحة. واحدة من هذه الحالات كانت طلب محجوبة من والدي الفتاة الحضور إلى المكتب لمواجهتهما بالوضع. تصل الأم ثائرة والأب هادئ وما تلبث الأولى أن تجهش بالبكاء وتشكو حالتها هي مع زوجها. المعضلة أكبر من الحالات وتتعلق بالتعاليم والشريعة والتقاليد الاجتماعية. يولي الفيلم هذه الجوانب من خلال الحوارات القائمة بين محجوبة ومساعدتها مع قليل من التصوير خارج المؤسسة.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز