إسرائيل تعيد فتح بحر غزة... وتتحضر لتدهور محتمل

صياد سمك يربط قاربه على شاطئ غزة (رويترز)
صياد سمك يربط قاربه على شاطئ غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تعيد فتح بحر غزة... وتتحضر لتدهور محتمل

صياد سمك يربط قاربه على شاطئ غزة (رويترز)
صياد سمك يربط قاربه على شاطئ غزة (رويترز)

أعادت إسرائيل، أمس (الخميس)، فتح البحر أمام صيادي قطاع غزة بعدما أغلقته ليومين عقاباً على استمرار إطلاق الصواريخ من القطاع. وأعلن الجيش، أنه أعاد فتح مساحة الصيد البحري المسموح بها في قطاع غزة إلى 15 ميلاً بحرياً، بعدما أغلقها بشكل كامل. وقال ناطق عسكري باسم جيش الاحتلال، إنه تم رفع القيود المفروضة على مساحة الصيد في قطاع غزة وعودتها إلى 15 ميلاً بحرياً. جاء ذلك بعد انتهاء مشاورات أمنية أعلن بعدها منسق أعمال الحكومة في المناطق، أنه قرر إعادة مساحة الصيد المسموح بها 15 ميلاً بحرياً؛ وذلك على خلفية يومين من الهدوء.
وكان المنسق قرر إغلاق بحر غزة بالكامل بعد إطلاق القذائف من غزة الأسبوع الماضي. غير أن اليومين الماضيين شهدا هدوءاً نسبياً، وتم رصد عمليتَي إطلاق قذيفتين فاشلتين فقط، وذلك بعد تصعيد نهاية الأسبوع الماضي تخلله عشرات الصواريخ من القطاع إلى المستوطنات في غلاف غزة. وأوضح الجيش الإسرائيلي، أن «عودة السياسة المدنية تجاه قطاع غزة مرتبطة باستمرار الهدوء والاستقرار الأمني».
وأكدت مصادر إسرائيلية، أن «حماس» لا تنوي التصعيد ولا تريده، وقد أرسلت رسائل واضحة بهذا الخصوص، وبناءً عليه امتنعت إسرائيل عن تصعيد الموقف. وتبادلت إسرائيل و«حماس» رسائل تهدئة عبر مصر والأمم المتحدة وقطر الذين دخلوا على الخط لتهدئة الموقف في القدس وقطاع غزة. لكن المخاوف في إسرائيل الآن متعلقة بإمكانية لجوء «حماس» إلى التصعيد، في ظل قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلغاء الانتخابات. وأفاد موقع «والا» العبري، بأن الجيش الإسرائيلي، يقدّر أن تأجيل الانتخابات قد يؤدي إلى تصعيد في الضفة الغربية والقدس، وليس فقط في قطاع غزة.
ووفقاً للتقييمات الأمنية التي أجراها الجيش، فإن المصادقة على رد شديد على استمرار إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة ردع حركة «حماس»؛ لذلك لم يتم إطلاق قذائف لمسافة تتجاوز سبعة كيلومترات. وذكر التقرير، أن «حماس» قامت بالمقابل بتمرير رسالة مطمئنة عبر الوسطاء المصريين. ورد مسؤولون أمنيون إسرائيليون بأنهم إن أرادوا العودة إلى عملية التسوية، فيجب على «حماس» وقف إطلاق القذائف والمظاهرات على الجدار. في هذه المرحلة انخفض عدد المشاركين بالمظاهرات قرب الجدار من ألف إلى عشرات معدودة.
وأضاف الموقع، أن رئيس قسم العمليات الجنرال اهرون حليوة، ينوي خلال الأيام القريبة إصدار أمر خاص، لزيادة حالة التأهب استعداداً لأيام غضب متوقعة وممكنة، قد تدفعها «حماس» رداً على إلغاء الانتخابات. وأن المخاوف لا تقتصر على إطلاق القذائف أو الاعتداءات فقط، إنما قد تصل إلى سيناريوهات مثل اقتحام حشود للجدار. وبناءً عليه؛ فإن الجيش الإسرائيلي سيزيد من قواته، ويعزز نقاط الاحتكاك، ويجدد الخطط العملياتية ويبني قوات احتياط في حال تدهورت الأحداث.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».