دبلوماسيون أوروبيون يطلعون على أوضاع يافا

في أعقاب الصدامات مع المستوطنين واعتداءات الشرطة

فلسطينيات من يافا يطلقن شعارات ضد مجموعات يهودية محسوبة على المستوطنات (أ.ب)
فلسطينيات من يافا يطلقن شعارات ضد مجموعات يهودية محسوبة على المستوطنات (أ.ب)
TT

دبلوماسيون أوروبيون يطلعون على أوضاع يافا

فلسطينيات من يافا يطلقن شعارات ضد مجموعات يهودية محسوبة على المستوطنات (أ.ب)
فلسطينيات من يافا يطلقن شعارات ضد مجموعات يهودية محسوبة على المستوطنات (أ.ب)

في أعقاب الصدامات الدامية الأخيرة بين المستوطنين اليهود وسكان يافا العرب، والاعتقالات والاعتداءات البوليسية الإسرائيلية، زار عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين وممثل الفاتيكان، المدينة، للاطلاع على أوضاعها ومحاولة فهم ما جرى في الأيام الأخيرة.
وقد استضاف النائب عن التجمّع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، سامي أبو شحادة، وهو ابن يافا، هؤلاء الدبلوماسيين، وأجرى لهم جولة ميدانيّة شارحا المشكلة. وقال إن «يافا، التي كانت مدينة عربية ومنارة للثقافة العربية قبل سنة 1948، تحولت إلى مدينة ذات غالبية يهودية بعد النكبة بسبب سياسة التهجير والترحيل. ومع ذلك فإن أهلها العرب عاشوا بجيرة حسنة مع اليهود، لأنه لا يوجد عندنا أي موقف عنصري تجاه اليهود. والمشكلة نشأت عندما باشر المستوطنون اليهود القادمون من مستوطنات في الضفة الغربية بمشروع ترحيل جديد». وأضاف: «بسبب سياسات عنصريّة تستهدف المواطنين العرب، وتهدد عشرات العائلات بخسارة مساكنهم وبيوتهم التي يعيشون فيها منذ قبل النكبة، خرج أهلنا للاحتجاج فقمعتهم الشرطة بالقوة والبطش».
وربط أبو شحادة ما يحدث في يافا، بما يحدث من سياسات تهويد في أحياء القدس والنقب وسائر المناطق التي يسكنها الفلسطينيون. وقال إن هناك تناقضا واضحا بين ما تطرحه إسرائيل من تعريف لنفسها، كدولة ديمقراطية على النمط الأوروبي، وبين ممارساتها على أرض الواقع التي تتسم بالتمييز العنصري العرقي، ومنح امتيازات لمواطنيها اليهود على حساب جزء آخر من المواطنين الذين يعانون من تمييز وعنصرية في جميع مجالات الحياة. وطالب بأن تشمل تقارير الدبلوماسيين لبلادهم معاناة وتحديات الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، من أجل رفع الوعي في هذه القضايا وحشد الرأي الدولي ضد السياسات العنصريّة التي تمارسها إسرائيل تجاه المواطنين العرب.
وكان أبو شحادة قد استقبل أيضا سفير دولة الفاتيكان في البلاد، الأب توماس جراسيا، ونظم له جولة ميدانية في يافا وأطلعه على أحوال المدينة وما يدور فيها مؤخرا، خصوصا بعد اعتداءات المستوطنين على سكانها العرب والتي تشبه الاعتداءات الاستيطانية على القدس الشرقية المحتلة، وطالبه بالتدخل لوقف هذه الاعتداءات. كما أطلعه على معاناة الكنائس من الضرائب العالية التي تفرضها عليها المؤسسة الإسرائيلية، والاعتداءات العنصرية على الكنائس والمقابر ورجال الدين المسيحيين. وطرح أمامه مجددا، قضيّة قريتي أقرث وبرعم، اللتين تم تهجير سكانهما سنة 1949 بوعد إعادتهم بعد أسبوعين، ثم نكثت الوعود. وعلى الرغم من قرار المحكمة لصالح عودة الأهل فإن السلطات الإسرائيلية لا تزال ترفض عودتهم إلى بيوتهم وقراهم طوال 70 سنة، كما تشاور مع السفير البابوي، حول كيفية العمل على إعادة طرح هذه القضيّة ورفعها على المستوى الدولي.
وقال أبو شحادة، في منشور له على الشبكات الاجتماعية، أمس: «لن نتوانى عن طرق أي باب لطرح قضايا شعبنا، وسنستمر في الضغط الدولي والبرلماني والشعبي من أجل تحصيل حقوق أهلنا وتحقيق العدالة والمساواة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.