تفاعل عريضة الجنرالات الفرنسيين الناقمين على أوضاع بلادهم

تنديد بزعيمة اليمين المتطرف لدعمها {محاولة انقلابية على المؤسسات}

TT

تفاعل عريضة الجنرالات الفرنسيين الناقمين على أوضاع بلادهم

في 21 أبريل (نيسان)، نشرت مجلة «فالور أكتويل» (القيم المعاصرة) التي يملكها الصناعي اللبناني - الفرنسي، إسكندر صفا، رسالة موجهة من مجموعة الجنرالات والضباط ومئات من العسكريين، غالبيتهم من المتقاعدين، إلى رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمانيين تنبه إلى أن «فرنسا في خطر»، وأنهم «لا يمكن أن يقفوا مكتوفي الأيدي» إزاءه.
وتندد الرسالة بـ«التفكك» الذي يصيب الوطن، ومنه ما هو نذير حرب أهلية بين المكونات الاجتماعية وتحذر من «جحافل سكان الضواحي والإسلامويين» الساعية لفرض قوانين مخالفة للدستور، حيث لا يجوز أن تخرج أي مدينة أو قرية أو حي عن قوانين الجمهورية. وتعتبر رسالة العسكريين أن العنف يقوى، يوماً بعد يوم، وأنه يتعين على المسؤولين أن تتوافر لهم الشجاعة «للقضاء على هذه المخاطر». بيد أن أخطر ما حملته الرسالة هو التحذير من أنه في حال لم تتحرك السلطات، فإن ذلك «سيدفع إلى تحرك رفاقنا في الخدمة العسكرية في مهمة خطرة لحماية قيمنا الحضارية والمحافظة على مواطنينا»، وإلا، فإن حرباً أهلية سوف تقع، ونتيجتها «آلاف القتلى تتحمل السلطات مسؤولية وقوعها».
وأعربوا عن استعدادهم «لدعم السياسات التي تأخذ في الاعتبار حماية الأمة». هذه العريضة وقعت مثل الصاعقة على المسؤولين الحكوميين والسياسيين بوجه عام، باستثناء اليمين المتطرف وبعض اليمين الكلاسيكي «المتفهّم». وسارعت مارين لوبان، زعيمة حزب «التجمع الوطني» والمرشحة للانتخابات الرئاسية المقبلة للإعراب عن تضامنها مع هؤلاء العسكريين ودعوتهم للانضمام إلى صفوف حزبها، لخوض «معركة فرنسا معاً». وما فاقم من المخاوف أن الرسالة المذكورة جاءت بعد ستين عاماً من محاولة الانقلاب التي قام بها مجموعة من الجنرالات الفرنسيين في الجزائر، المستعمرة الفرنسية السابقة.
ونظرت الحكومة واليسار وغالبية الطبقة السياسية على أنها «دعوة للتحرك ضد الجمهورية والتنكر للمؤسسات علناً».
وبكلام آخر، فإن ما دعا إليه هؤلاء الضباط ليس أقل من «محاولة انقلابية» في بلد يعتمد الديمقراطية والانتخابات نظاماً. وبالطبع انصبت الانتقادات العنيفة ليس فقط على مجموعة الضباط، ولكن أيضاً على مارين لوبان، حيث انبرى رئيس الوزراء والوزراء ونواب وقادة حزب «الجمهورية إلى الأمام» الرئاسي إلى التنديد بمساعي لوبان الواضحة لركوب الموجة الناقمة والاستفادة منها سياسياً. وأدان جان كاستيكس، رئيس الحكومة، عريضة الجنرالات بـ«أقسى العبارات» معتبراً أن هذه المبادرة «تناقض جميع المبادئ الجمهورية والشرف (العسكري) وواجبات الجيش». وتساءل كاستيكس كيف أن أشخاصاً، خصوصاً لوبان، يطمحون لممارسة أعلى درجات المسؤولية، لا يتورعون عن تأييد مبادرة هي انقلاب على الدولة؟ وذهب وزير الداخلية جيرالد درامانان إلى تذكير الفرنسيين بأن زعيمة اليمين المتشدد «احتفظت من إرث والدها (جان ماري لوبان) بحبها لضجيج الأحذية العسكري»، في إشارة إلى أن والدها شارك في حرب الجزائر، وكان من المؤيدين للجنرالات الانقلابيين.
أما وزيرة الدولة لشؤون المواطنة مارلين شيابا فقد رأت أن لوبان «كشفت عن وجهها الحقيقي» وهي التي تسعى منذ عدة أشهر لقلب صفحة التطرف، طمعاً في توسيع قاعدتها الشعبية للوصول إلى الإليزيه، مضيفة أن موقفها «ينزع عنها الأهلية» للوصول إلى أعلى مواقع السلطة.
في معسكر اليمين التقليدي، قالت رشيدة داتي، وزيرة العدل السابقة، إنها توافق على «التشخيص» الوارد في الرسالة الذي يعكس «الواقع». إلا أنه «ليس للعسكريين أن يتدخلوا في الشؤون السياسية». أما فاليري بيكريس، رئيسة «منطقة باريس» والوزيرة اليمينية السابقة، فقد شددت على «حيادية» القوات المسلحة، وواجب عدم الخوض في الشؤون السياسية. ما تقدم غيض من فيض ردود الأفعال. لكن اللافت أن الرئيس إيمانويل ماكرون، القائد الأعلى للجيوش الفرنسية، لم تصدر عنه أي ردة فعل مباشرة. وكانت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي سباقة في التعبير عن الموقف الرسمي، حيث أشارت إلى أن العريضة «غير المسؤولة» هي مِن فعل مجموعة من العسكريين المتقاعدين الذين لم تعد لديهم أي وظيفة عسكرية، وهم «لا يمثلون سوى أنفسهم». وطالبت بارلي قيادة القوات المسلحة بالتعامل بشدة مع هؤلاء العسكريين باعتبار أن دورهم «ليس القيام بحملات سياسية بل الدفاع عن فرنسا وحماية الفرنسيين».
ونتيجة لذلك، فقد أعلن رئيس الأركان الجنرال فرنسوا لوكوانتر، مساء أول من أمس (الأربعاء)، أن العسكريين المعنيين معرضون للطرد من صفوف القوات المسلحة أو لعقوبات تأديبية. وبحسب المسؤول العسكري، فإن بين الموقّعين 4 جنرالات ما زالوا في الخدمة الفعلية، وهم ممن يُوصفون بـ«الصف الثاني» إضافة إلى 14 ضابطاً من رتب أدنى. وهؤلاء جميعاً معرضون للشطب من اللوائح العسكرية، أي الإحالة على التقاعد الإجباري وسيمثلون أمام المجلس العسكري الذي سيبت بأوضاعهم. وفي لفتة ذات معنى، دعاهم إلى الاستقالة بدل انتظار إقالتهم، لكنهم في أي حال، سينالون عقوبات تأديبية عسكرية «ذات أشكال عديدة». وتعود لرئيس الجمهورية، بصفته القائد الأعلى، مسؤولية التوقيع على مرسوم الشطب في حال صدوره. وفي تصريح لصحيفة «لوباريزيان»، ليوم أمس، قال لوكوانتر إن «أفراد القوات المسلحة لا يميلون إلى اليمين المتطرف، وأرفض أن يلجأوا إلى استخدام رتبهم العسكرية للتعبير عن آراء سياسية».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.