الرئيس الصومالي يرضخ للضغوط ويقرر عدم تمديد فترته

TT

الرئيس الصومالي يرضخ للضغوط ويقرر عدم تمديد فترته

رضخ الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو للضغوط المحلية والدولية وقرر عدم تمديد فترة حكمه، ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة.
ودعا، فجر الأربعاء، للعودة إلى الحوار في وقت تمر فيه الدولة الأفريقية بأسوأ فترات عنف ذات طابع سياسي منذ سنوات على خلفية تمديد ولايته. وقال الرئيس فرماجو، في بيان، إنه سيتخلى عن محاولته تمديد فترته لعامين، منحنياً بذلك للضغوط المحلية والدولية بعد اشتباكات في العاصمة مقديشو أدت إلى انقسام قوات الأمن على أسس عرقية. وقال الرئيس، في خطاب موجه إلى الأمة بثته وسائل الإعلام الرسمية، أمس، إنه سيتحدث أمام البرلمان السبت «للحصول على موافقته بشأن العملية الانتخابية»، وإنه يدعو الفاعلين السياسيين إلى إجراء «مناقشات عاجلة» حول كيفية إجراء التصويت. وأضاف: «كما كررنا في مناسبات عدة، نحن دوماً مستعدون لتنظيم انتخابات سلمية وفي الوقت المناسب في البلاد». وتابع: «لكن للأسف، مبادراتنا أُعيقت من جانب أفراد وجهات أجنبية لا هدف لديهم سوى زعزعة استقرار البلاد وإعادتها إلى عصر الانقسام والدمار من أجل خلق فراغ دستوري». وتصاعدت التوترات في العاصمة الصومالية مقديشو مطلع الأسبوع الجاري، مع اندلاع اشتباكات بين أنصار الفصائل السياسية المختلفة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة بشأن تأجيل الانتخابات. وفي 12 أبريل (نيسان)، مدّد الرئيس فرماجو فترة ولايته لمدة عامين، وأصدر قانوناً انتخابياً جديداً في مجلس النواب بالبرلمان، متجاوزاً مجلس الشيوخ. وندد مراقبون أجانب، ومن بينهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالقرار. واتهم فرماجو شخصيات المعارضة بمحاولة تقسيم البلاد على أسس عرقية. وتتهم شخصيات معارضة فرماجو بمحاولة ترسيخ السلطة في حكومة غير شرعية. وكان من المفترض أن تنتهي ولاية فرماجو في 8 فبراير (شباط) إلا أن الصومال، الواقع في شرق أفريقيا، فشل في إجراء انتخابات بسبب الجمود السياسي بشأن اللوائح الانتخابية والتمثيل. وكان رئيس الوزراء محمد حسين روبلي ندد، قبل ساعات، باقتراح الرئيس تمديد فترته، ودعا إلى التجهيز لانتخابات رئاسية جديدة.
وانشق قادة في الشرطة والجيش وانضموا للمعارضة، واتخذ الفصيلان المتنافسان في قوات الأمن مواقع في العاصمة مقديشو، ما أثار مخاوف من حدوث اشتباكات في قلب المدينة، فضلاً عن فراغ أمني في المناطق المحيطة قد تستغله حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة. وأشاد الرئيس بجهود رئيس الوزراء وغيره من القادة السياسيين، ورحب بالبيانات التي أصدروها بشأن الانتخابات.
وبدأ سكان، الثلاثاء، بمغادرة بعض أحياء العاصمة الصومالية، حيث كانت حدة التوتر لا تزال في أوجها بعد مواجهات مسلحة وقعت مساء الأحد بين قوات حكومية ومؤيدين للمعارضة. وتوقف تبادل إطلاق النار، الاثنين، بعد أن أسفر عن مقتل شرطيين ومقاتل معارض، وفقاً لحصيلة للشرطة، لكن الوضع كان لا يزال، الثلاثاء، هشاً في العاصمة، حيث عزز كل طرف مواقعه.
ولم يشهد الصومال أعمال عنف ذات طابع سياسي منذ سنوات، فالبلد يشهد توازناً هشاً ويواجه تمرداً من حركة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة. زادت حدة التوتر منذ انتهاء ولاية الرئيس في الثامن من فبراير دون تنظيم انتخابات جديدة. وتحول المأزق الانتخابي إلى مواجهات مسلحة مساء الأحد، في حين أقام مقاتلون موالون للمعارضة حواجز في أحياء عدة في مقديشو.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.