شرط الـ30 في المائة مقابل التمويل العقاري يدفع البنوك السعودية للبحث عن مخرج

«ساما» حذرتها من أي تجاوز للأنظمة

السوق العقارية السعودية تمر بحالة ركود كبرى خلال الفترة الحالية («الشرق الأوسط»)
السوق العقارية السعودية تمر بحالة ركود كبرى خلال الفترة الحالية («الشرق الأوسط»)
TT

شرط الـ30 في المائة مقابل التمويل العقاري يدفع البنوك السعودية للبحث عن مخرج

السوق العقارية السعودية تمر بحالة ركود كبرى خلال الفترة الحالية («الشرق الأوسط»)
السوق العقارية السعودية تمر بحالة ركود كبرى خلال الفترة الحالية («الشرق الأوسط»)

وضع شرط الـ30 في المائة مقابل التمويل العقاري، البنوك السعودية في مأزق انخفاض حجم الطلب، والعقود المبرمة بينها وبين عملائها الباحثين عن شراء العقارات من خلال تمويل هذه البنوك بضمان الراتب الشهري، مما دفع بعض هذه البنوك إلى البحث عن مخرج لهذا الشرط، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) حذرت البنوك في الأيام القليلة الماضية من تجاوز الأنظمة والقرارات الصادرة.
شرط الـ30 في المائة، ينص على أن يدفع المشتري (طالب التمويل العقاري)، ما نسبته 30 في المائة من قيمة العقار، كدفعة مقدمة، على أن يتولى الممول (بنك تجاري أو شركة تمويل)، دفع قيمة الـ70 في المائة المتبقية، ومن ثم تقسيط هذه القيمة على المشتري الباحث عن التمويل.
وبحسب مصادر مصرفية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أمس، فإن شرط الـ30 في المائة قاد طلبات التمويل إلى التراجع بصورة حادة، وقالت هذه المصادر: «هنالك بنوك بحثت عن مخرج لهذا القرار، إلا أن مؤسسة النقد العربي السعودي أوقفت ذلك، وحذرت البنوك من أي تجاوز للأنظمة. وعليه، فإن القرار ساري التنفيذ».
ولفتت المصادر ذاتها، إلى أن ارتفاع أسعار العقارات في السعودية يعتبر السبب الرئيس في عدم قدرة طالب التمويل على توفير ما نسبته 30 في المائة كدفعة مقدمة للتمويل العقاري، وهو الأمر الذي زاد من مرور السوق العقارية السعودية في حالة ركود كبرى خلال المرحلة الحالية.
من جهة أخرى، فإن الفلا السكنية التي يبلغ سعرها 1.5 مليون ريال على سبيل المثال (400 ألف دولار)، باتت تحتاج إلى توفير 450 ألف ريال (120 ألف دولار)، كدفعة أولى مقدمة من قبل طالب التمويل العقاري، وهو رقم مرتفع للغاية، يتطلب أن تكون أسعار العقارات أقل من ذلك بكثير.
من جهة أخرى، أكد مطلق الحمدان، وهو مسوق عقاري في العاصمة الرياض، أن أسعار العقارات السكنية ما زالت تأخذ مسارا هابطا، وقال: «هذا الأسبوع لا حظنا انخفاضا في أسعار بعض العقارات المعروضة للبيع، عن مستوياتها السعرية التي كانت قبل نحو 3 أشهر، فهذه العقارات لم يتم بيعها منذ أن تم عرضها بسبب الركود الحالي في السوق العقارية السعودية».
ولفت الحمدان إلى أن أسعار العقارات في السعودية مرشحة إلى التراجع في حال استمرار مرحلة الركود الحالية، واستمرار تطبيق شرط الـ30 في المائة مقابل التمويل العقاري. وقال: «قد نرى انخفاضا جديدا تتراوح نسبته بين 15 إلى 25 في المائة خلال العام الحالي 2015».
من جهة أخرى، أظهرت جولة ميدانية قامت بها «الشرق الأوسط» خلال اليومين الماضيين، على مجموعة من المكاتب العقارية في العاصمة الرياض، انخفاضا ملحوظا لأوامر الشراء، وارتفاعا في أوامر البيع، بينما أكد عاملون في هذه المكاتب أن مرحلة الركود الحالية باتت تشكل أداة ضغط كبيرة على الأسعار النهائية.
وأمام هذه المعلومات الجديدة، فإن السوق العقارية السعودية باتت تحتاج خلال المرحلة الراهنة إلى إطلاق مؤشر عقاري يتم تحديثه بشكل فوري، يشتمل مدن المملكة الرئيسية كمرحلة أولى، بحيث ينجح هذا المؤشر في كشف أوامر البيع والشراء والصفقات المبرمة والأسعار الحالية، مما يساعد على تنظيم السوق العقارية في البلاد.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بات فيه نحو 754 ألف مواطن على قائمة استحقاق وزارة الإسكان السعودية، جزء منهم استلم منتجه السكني كبعض منتجات الإسكان في منطقتي جازان والقصيم، وجزء آخر سيستلم منتجه السكني في العاصمة الرياض، مما يشير إلى أن الوزارة ستقترب من افتتاح باكورة مشاريعها في جميع مناطق البلاد خلال أسابيع قليلة.
وفي ظل تفاقم أسعار الأراضي بات امتلاك السكن في السعودية، سلعة من الصعب شراؤها والتعامل معها من قبل متوسطي الدخل ومن هم دون ذلك، إلا أن التحرك الحكومي الجاد نحو رفع معدلات تملك المواطنين للمساكن، عبر تقديم منتجات سكنية مناسبة للمواطنين، بات تحركا ملموسا في الآونة الأخيرة.
وأمام ذلك، بدأت وزارة الإسكان السعودية، الأسبوع المنصرم تسليم منتجاتها السكنية لنحو 2242 مواطنا في العاصمة الرياض، وذلك من خلال تقديم منتج «أرض وقرض»، وهو تحرك جديد على صعيد الرياض، مما ينبئ عن أن الوزارة ستقدم خلال العام الحالي 2015، مزيدا من المنتجات السكنية للإيفاء بطلبات قوائم استحقاق العاصمة الرياض.
وتأتي هذه التحركات، بعد أن أصبحت نقاط الاستحقاق، هي الفيصل النهائي في تحديد مواعيد تسلم المواطنين السعوديين لمنتجات الدعم السكني التي تشرف عليها وزارة الإسكان في البلاد، يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الوزارة - أخيرا - عن برنامج الدعم السكني للمرحلة الأولى، بعد حسم ملف طلبات الاعتراض.
وتعمل وزارة الإسكان السعودية خلال المرحلة الحالية على إبرام اتفاقيات مع بعض الشركات، لتطوير أراض جديدة، في بعض مدن المملكة التي ستسعى الوزارة إلى تسريع خطواتها نحو إنجاز مهامها التي أوكلت إليها.
ولا تمثل هذه الأراضي المراد تطويرها، الخط النهائي لتحركات وزارة الإسكان السعودية نحو تطوير الأراضي الخام، وهي الأراضي التي تستهدف الوزارة تقديمها للمواطنين وفق برنامج «أرض وقرض»، خصوصا أن المرحلة الأولى من لائحة الاستحقاق كشفت عن نية الوزارة تقديم نحو 306 آلاف منتج سكني، معظمها يقع تحت منتج «أرض وقرض».
ويمثل الضخ الحكومي في السعودية على مستوى مشاريع الإسكان خطوة نوعية على مستوى كثير من دول العالم، يأتي ذلك بهدف رفع معدلات تملك المواطنين للمساكن، وهي خطوة من المتوقع إتمامها خلال 3 إلى 5 سنوات مقبلة، مما يعني أن فرصة رفع معدلات تملك المواطنين للمساكن إلى مستويات عالية باتت مسألة وقت.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.