القوائم الفلسطينية تستبق قرار عباس وتتظاهر ضد «إلغاء الانتخابات»

تبادل اتهامات بين إسرائيل والسلطة حول «معضلة القدس»

وقفة احتجاجية لمرشحي قوائم فلسطينية مستقلة أمام مقر مفوضية الانتخابات المركزية في غزة (د.ب.أ)
وقفة احتجاجية لمرشحي قوائم فلسطينية مستقلة أمام مقر مفوضية الانتخابات المركزية في غزة (د.ب.أ)
TT

القوائم الفلسطينية تستبق قرار عباس وتتظاهر ضد «إلغاء الانتخابات»

وقفة احتجاجية لمرشحي قوائم فلسطينية مستقلة أمام مقر مفوضية الانتخابات المركزية في غزة (د.ب.أ)
وقفة احتجاجية لمرشحي قوائم فلسطينية مستقلة أمام مقر مفوضية الانتخابات المركزية في غزة (د.ب.أ)

أعادت السلطة الفلسطينية الكرة إلى الملعب الإسرائيلي فيما يخص سبب إلغاء الانتخابات، وقالت إن ما يشاع عن موافقة إسرائيل على إجراء الانتخابات في القدس «عارٍ عن الصحة»، وذلك بعدما حاولت إسرائيل إحراج الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، بقولها، إنها لم تتدخل في موضوع الانتخابات وإن إجراءها رهن بقرار عباس نفسه.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس هيئة الشؤون المدنية، حسين الشيخ، إن «ما يشاع، بأن الحكومة الإسرائيلية قد وافقت على إجراء الانتخابات بما فيها القدس الشرقية، عار عن الصحة. إن الحكومة الإسرائيلية أبلغتنا، رسمياً، بأن الموقف الإسرائيلي من إجراء الانتخابات في مدينة القدس الشرقية ما زال سلبياً». وأضاف الشيخ أن الجهة الرسمية التي يجب أن تتسلم الجواب الرسمي الإسرائيلي، هي السلطة الوطنية الفلسطينية.
وجاءت تصريحات الشيخ بعدما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، تقارير قالت فيها إن إسرائيل لم تمانع ولن تتدخل بإجراء الانتخابات الفلسطينية. وبحسب تقارير نشرت في صحيفة «يسرائيل هيوم» وموقع «واللا»، فقد أبلغت إسرائيل الدول الأوروبية أنها لم تمنع الانتخابات الفلسطينية في القدس. ونقل عن رئيس القسم السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ألون بار، أنه التقى أمس 13 سفيراً أوروبياً وقال لهم، إن إسرائيل اتخذت قراراً متقدماً بعدم التدخل ولا التعليق على انتخابات السلطة الفلسطينية بأي شكل من الأشكال، وبالتالي السماح لأبو مازن باتخاذ القرارات بنفسه.
وأكد بار أن إسرائيل لن تكون سبباً في إلغاء أو تأجيل. وقال للسفراء: «القرار بيد أبو مازن، ولا تستمعوا للاتهامات الفلسطينية ضدنا ولا تقلدوها». وعززت هذه التصريحات قناعات لدى المعارضة الفلسطينية وكتل انتخابية، بوجود رغبة لدى عباس بإلغاء الانتخابات بدون أن يتعلق الأمر بالقدس. وزاد الهجوم، أمس، على عباس، باعتبار أن قرار التأجيل المرتقب ليس بسبب القدس، ولكن بسبب الخلافات التي ظهرت داخل (فتح) وتشكيل قوائم موازية للحركة من قياداتها، وهي اتهامات نفتها الحركة، التي قالت إنها جاهزة للانتخابات ومصرة عليها ولكن ليس على حساب القدس.
وأكد نائب رئيس حركة حماس في الخارج، موسى أبو مرزوق، رفض الحركة تأجيل الانتخابات الفلسطينية تحت أي مسوّغ، محذراً أن ذلك سيكون له انعكاسات على مستقبل المصالحة الفلسطينية ومآلاتها.
وقال إن موقف حماس من عقد الانتخابات في القدس ثابت، ويجب إجراؤها فيها. ووصف أبو مرزوق «مبررات» تأجيل الانتخابات، بأنها «واهية، وغير واقعية». وطالب أبو مرزوق بالعمل على مستوى الأحزاب والمستويات الشعبية، لدفع مسار الانتخابات حتى النهاية، وحتى مراحلها الثلاث.
وانضمت قوائم وكتل انتخابية لموقف حماس وصعدت بشكل أكثر حدة، إذ قال أستاذ الإعلام في جامعة بير زيت ومدير الحملة الانتخابية لكتلة وطن للمستقلين، نشأت الأقطش، أن التحجج بعدم إجراء الانتخابات ما لم تُجر في القدس، «عذرُ أقبح من ذنب»، مهدداً بأن الكتل لن تعترف بشرعية أحد إذا تم إلغاء الانتخابات، وستقاضي الرئيس عباس ولجنة الانتخابات المركزية. أما الناطق باسم قائمة «القدس موعدنا» التابعة لحماس، محمد صبحة، فقال إن قائمته تذكّر الجميع وتدعوهم إلى الالتزام بالمواعيد المقرة والمعلنة، التي جاءت بناء على الحوار الوطني في بيروت والقاهرة وإسطنبول.
لكن منير الجاغوب مسؤول مكتب الإعلام في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح، رد على الجميع بقوله، إن الفصائل الفلسطينية وقعت على اتفاق في القاهرة بأنه لا انتخابات بدون القدس. وتقول فتح إن المسألة تتعلق بمسائل سيادية وقانونية، باعتبار أن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة.
ورغم ذلك أرسل عدد من القوائم الانتخابية رسالة للرئيس محمود عباس ونسخة منها لرئيس لجنة الانتخابات المركزية د. حنا ناصر، أكدوا فيها على أهمية تطبيق المرسوم الرئاسي بعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني في مواعيدها المحددة، كونها حقاً أساسياً طال انتظاره وواجب التطبيق لأسباب سياسية ووطنية، والتزاماً بالرغبة الشعبية الجامحة التي عبر عنها أكثر من 90 في المائة من الناخبين.
وشددت الرسالة على أهمية تجديد شرعيات جميع المؤسسات الفلسطينية وضخ دماء جديدة في شرايينها، لجعلها قادرة على مواجهة التحديات الجسيمة التي تهدَد القضية الفلسطينية. وكانت مجموعة من القوائم الانتخابية قد اتفقت على عدة خطوات جماعية للتصدي لخطر تأجيل الانتخابات، والتأكيد على أهمية عقدها في القدس، بما في ذلك تشكيل لجنة قانونية للقوائم، والتشاور مع المجتمع المدني وشخصيات وطنية فاعلة، بالإضافة إلى خطوات أخرى، من بينها التظاهر في الشارع. وفعلاً تظاهر أمس ممثلون عن نحو 28 قائمة انتخابية في غزة أمام مقر لجنة الانتخابات المركزية، مطالبين بإجراء الانتخابات في موعدها. ورفع المشاركون شعارات تدعو للالتزام بالجداول الزمنية لإجراء الانتخابات محذرين من تداعيات تأجيلها.
ويأتي كل هذا الجدل قبل يومين من اجتماع موسع يعقده عباس مع الفصائل لمناقشة موضوع الانتخابات التشريعية. ويفترض أن يلقي عباس، غداً الخميس، خطاباً يعلن فيه تأجيل الانتخابات بسبب منعها في القدس، ما لم يحدث تطور مفاجئ قبل ذلك.
وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت تقريراً، عن توجه الرئيس عباس لتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في 22 من مايو (أيار) القادم، وذلك قبل انطلاق الدعاية الانتخابية بداية الشهر القادم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم