هل يتسبب منع اجتماع الحكومة ببنغازي في انهيار العملية السياسية؟

سؤال بات يطرحه جُل الليبيين وسط مخاوف من «ابتزاز المؤسسات»

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية (أ.ب)
TT

هل يتسبب منع اجتماع الحكومة ببنغازي في انهيار العملية السياسية؟

عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية (أ.ب)
عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة الليبية (أ.ب)

رغم أنه لم يعد يفصل كافة الليبيين عن إجراء استحقاق الانتخابات العامة سوى ثمانية أشهر، فإن ذلك لم يمنع مشاعر الخوف، التي تولدت لدى فصيل سياسي واسع، إثر «منع» عقد اجتماع حكومة «الوحدة الوطنية»، الذي كان مقرراً في مدينة بنغازي (شرق) أول من أمس.
جانب من هذه التخوفات مبعثها خشية البعض من تصعيد مبكر بين حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والقيادة العامة للقوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر، وما قد يترتب على ذلك من تجذّر الانقسام ثانية، وإفشال مهمة السلطة التنفيذية الوليدة في توحيد مؤسسات الدولة، ومن ثم تعطيل العملية السياسية برمتها، والعودة إلى أجواء التوتر.
وأول المتخوفين من هذا التطور المقلق رمضان أبو جناح، نائب رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، الذي عبر عن خوفه «من أن تمنح حادثة منع انعقاد اجتماع الحكومة الفرصة لمن يسعى لإفشال العملية السياسية في البلاد»، مبدياً أسفه من «أن يسعى أي طرف لاستمرار حالة الانقسام السياسي، وتفكك الدولة وابتزاز مؤسساتها».
واستهل أبو جناح بيانا أصدره أمس بقوله: «تابعنا باهتمام بالغ حادثة منع هبوط الطائرة، التي كانت تقل رئيس وأعضاء الحكومة في مطار بنينا بمدينة بنغازي الأحد الماضي، رغم إعلان وترتيب مسبق عن نية الحكومة زيارة بنغازي، وتفقد أحوال أهلها، وتلبية حقوقهم وخدمتهم».
أبو جناح الذي أكد ثقته في أنه «لا مصلحة لأي طرف بأن تدخل ليبيا دوامة الانقسام والعنف مجدداً»، شدد على أن موقفه الداعم للاستقرار «يزداد صلابة كلما تعرضت العملية السياسية في ليبيا لمحاولات إفسادها وإيقافها».
ونجح منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي انعقد بجنيف في انتخاب سلطة تنفيذية موحدة، ممثلة في مجلس رئاسي بقيادة محمد المنفي، ورئيس للحكومة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأناط بها تجهيز البلاد لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويرى كثيرون من الليبيين أن الحكومة الجديدة تمتلك من المرونة ما يؤهلها لتجاوز أي عقبات في سبيل تحقيق طموحهم بعودة الاستقرار، وتوحيد المؤسسة العسكرية، المنقسمة بين شرق وغرب البلاد. لكن ذلك لا يمنع مخاوفهم من «تعطل الحل السياسي، والاحتكام ثانية للسلاح».
بعض هذه التجاذبات والمخاوف التي طفت على السطح سريعا، دفعت الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب، إلى مطالبة «أهل فزان بكافة أطيافهم الاجتماعية، وتشكيلاتهم العسكرية، وأجهزتهم الأمنية أن يخرجوا من عباءة المنطقة الشرقية»، التي رأى أنها «أصبحت عائقاً في لمّ شتات الوطن ووحدته السياسية». فيما أبدى بعض المسؤولين في شرق البلاد «ترحيبهم بالضيوف»، مشيرين إلى أن الاعتراضات «تتعلق بالترتيبات الأمنية فقط».
وحول ما أورده أبو جناح عن عدم السماح بهبوط الطائرة، التي قال إنها كانت تقل رئيس وأعضاء الحكومة «الوحدة»، أبدى فرج فركاش الكاتب الليبي استغرابه، وقال إن «المعلومات الواردة تقول إن الطائرة التي كانت تقل الوفد الأمني هبطت بالفعل» مساء الأحد، مضيفا «إمّا أن هذه المعلومات غير صحيحة، وإما أن أبو جناح لديه معلومات مختلفة، أو ربما له مقصد آخر. ونعتقد أنه يتحدث هنا عن الوفد الوزاري (بما فيه رئيس الوزراء)، الذي كان ينتظر المغادرة من مطار معيتيقة، والذي ربما لم يحصل على إذن بالهبوط قبل مغادرة طرابلس». ولفت أبو جناح إلى أنه بذل جهوداً للتواصل مع جميع الأطراف الليبية الفاعلة «من أجل إعادة الأمل بأن تمضي العملية السياسية، وفقاً لنص وروح الاتفاق السياسي الليبي، الذي رعته الأمم المتحدة، واتفقنا جميعا على تنفيذه واحترام بنوده وعدم عرقلته»، وذهب إلى أن موقفه «متناغم مع غالبية الشعب الرافض لاستمرار التعطيل والابتزاز السياسي، الذي يعرقل كل محاولات الذهاب إلى التنمية والمصالحة الوطنية، واستعادة السيادة الوطنية لبلادنا». واعدا الليبيين بأن «تمر هذه الظروف العصيبة، وأن تتحقق مطالبهم في العيش الكريم، وأن يتوقف استغلالها من أجل تحقيق مصالح البعض الضيقة». وانتهى أبو جناح قائلاً: «ندرك أن ليبيا تعيش لحظة تاريخية، لا مجال فيها إلا للعمل من أجل شرقها وغربها وجنوبها وشمالها»، وبالتالي «لا مجال لإثارة الفتن، أو العودة للوراء والتخلي عن تعهداتنا لليبيين بالبناء، وتحقيق العدالة وإرساء المصالحة الوطنية».
وكان الناطق باسم الحكومة، محمد حمودة، قد أعلن تأجيل اجتماع مجلس الوزراء، الذي كان من المقرر عقده في مدينة بنغازي، أول من أمس، لموعد لاحق، دون أن يوضح أسباب ذلك.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.