اتفاق بين الفرقاء في صنعاء بإنشاء مجلس وطني مع الإبقاء على البرلمان

المجلس الجديد يضم 250 عضوًا

اتفاق بين الفرقاء في صنعاء بإنشاء مجلس وطني مع الإبقاء على البرلمان
TT

اتفاق بين الفرقاء في صنعاء بإنشاء مجلس وطني مع الإبقاء على البرلمان

اتفاق بين الفرقاء في صنعاء بإنشاء مجلس وطني مع الإبقاء على البرلمان

قالت مصادر سياسية في اليمن بأن جولة الحوار التي تجريها الأطراف السياسية بإشراف الأمم المتحدة بصنعاء، تسير باتجاه إقرار مسودة اتفاق تقضي بإنشاء مجلس وطني والإبقاء على مجلس النواب الحالي (البرلمان).
وقال أمين عام حزب الحق وممثله في الحوار حسن زيد بأن «الاتجاه العام في الحوارات يسير في اتجاه التوافق على إنشاء مجلس وطني مكون من 551 عضوا، ويحتفظ مجلس النواب بقوامه ووجوده واسمه»، موضحا بأن هناك اتفاقا على «إنشاء مجلس يسمى مجلس الشعب الانتقالي تتوزع المهام التشريعية والرقابية بينه وبين مجلس النواب، كل على حدة وفي اجتماعهما المشترك (المجلس الوطني)»، وأضاف: «المشروع يجري تطويره وإثراؤه لتحديد مهام كل غرفة بصورة دقيقة ومهام اجتماعهما المشترك وآلية تشكيل مجلس الشعب الانتقالي ونسب التمثيل فيه» مشيرا إلى أن هناك من يرى «أن يكون أساس مجلس الشعب الانتقالي (مجلس الشورى) بينما يرى آخرون السكوت في هذه المرحلة عن مجلس الشورى على أن يحدد الموقف منه لاحقا باعتباره في الأصل جزءا من السلطة التنفيذية»، موضحا بأن ذلك «قفزة نوعية في إنجاز اتفاق شامل، خصوصا أن الجميع ملتزم بالمرجعيات المتوافق عليها».
وقد سجل الحوار للأزمة الحاصلة بسبب الانقلاب الذي أقدم عليه الحوثيون في البلاد، تقدما ملحوظا بين المجتمعين بعد أن توصلت الأطراف إلى مرحلة متقدمة من النقاط المتفق عليها، حول الإبقاء على مجلس النواب المكون من 301 عضو، وإضافة غرفة جديدة تضم 250 عضوا، وقال مصدر سياسي مطلع من داخل الاجتماع لـ«الشرق الأوسط»: «هذا تقدم نوعي ملحوظ في الحوار، ويعد اعترافا رسميا من الحوثيين بالرئيس هادي، وبمجلس النواب السابق، وهي خطوة تعني تراجعا للحوثيين عما سموه (الإعلان الدستوري)»، مضيفا: «توصلنا في الاجتماع إلى ما نسبته 90 في المائة من الموافقة على هذه النقطة، التي تعد أهم مفاصل الخلاف في الفترة الماضية، خاصة أن بقاء مجلس النواب هو إسقاط لما يسمى بالإعلان الدستوري الذي أطلقه الحوثيون الذي نص على إلغائه، وهذا يعني وبطريقة غير مباشرة، التنازل عن الإعلان الدستوري السابق».
وكان المجتمعون أمس تلقوا خبرا من ممثلي الحوثيين في الاجتماع، حمزة الحوثي ومهدي المنشط، يفيد بأنهم توصلوا في اجتماع ضم جماعة أنصار الله والمؤتمر الشعبي (الحزب الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، إلى اقتراح يتضمن الاعتراف بالبرلمان السابق مع إنشاء مجلس وطني جديد بعدد 250 عضوا.
وأشار المصدر إلى أنهم تمكنوا من «كسب نقطة جديدة تصب في صالح البلاد، بعد الخلاف الكبير الذي استمر طيلة الأيام الماضية، فالمحافظة على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، بالإضافة إلى الاعتراف بمجلس النواب السابق، يكون المجتمعون حلوا أكبر العقبات التي واجهتهم طيلة الأيام الماضية».
وفيما يتعلق بآلية عمل المجلسين أفاد المصدر أن «نقاش أي قانون أو أي نقطة خاصة بالبلاد سيكون في كلا غرفتي المجلس سواء الأولى التي تمثل مجلس النواب السابق بعدد 301. أو الغرفة الثانية التي تمثل المجلس الجديد بـ250 عضوا، والهدف إزالة النزاع، والتصويت بشكل طبيعي». وأضاف أنه «في حال نجحنا في تثبيت هذا الاتفاق، فإننا سنعمل في المرحلة المقبلة على تشكيل المجلسين بحيث يكون الأول هو مجلس النواب، والثاني سيطلق عليه المجلس الاتحادي الذي سيوزع بالتساوي بين كافة الأقاليم في البلاد».
من جهة أخرى أكدت مصادر موثقة لـ«الشرق الأوسط» أمس أن الهدف من قرار إقالة محمد علي الحوثي من رئاسة ما يسمى «اللجنة الثورية العليا»، وتعيين يوسف الفَيشِي بديلا له، هو تدوير داخل الجماعة التي سيطرت على مقاليد الحكم بقوة السلاح أواخر العام الماضي، وقال المصدر الذي طلب إخفاء اسمه: «إن الحوثيين اتفقوا فيما بينهم على أن تكون رئاسة المجلس (دورية) بحيث يترأس كل اجتماع شخص جديد. وقلل المصدر من رفض محمد الحوثي للقرار، أو إقالته في الأصل، مشددا على أن ذلك متعلق بالتدوير فيما بين الحوثيين أنفسهم، وهذا لا يقرب أو يبعد، كون المجلس غير شرعي في الأصل.
وكان جمال بنعمر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، حذر من أن البلد أصبح على شفا حرب أهلية، وهو ما دعا سفارات أجنبية إلى إغلاق أبوابها وترحيل طواقمها، كما فعلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا والسعودية والإمارات، وهو ما زاد من عزلة اليمن دوليا.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.