البرلمان العراقي يناقش حريق «ابن الخطيب»

التحقيقات الأولية أثبتت إهمالاً وتهالكاً في المستشفى

TT

البرلمان العراقي يناقش حريق «ابن الخطيب»

ما زالت الأوساط الرسمية والشعبية العراقية منشغلة بتداعيات الحريق المأساوي الذي نشب في «مستشفى ابن الخطيب» المخصص لمعالجة وعزل مصابين بوباء «كوفيد19»، وأدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 200 مواطن بين مريض ومرافق وكادر صحي؛ حيث عقد البرلمان العراقي، أمس، جلسة استثنائية لمناقشة الحادث.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قرر إيقاف وزير الصحة ومدير صحة الرصافة ومحافظ بغداد عن العمل وإحالتهم إلى التحقيق على خلفية الحادث، إلى جانب قرار القضاء اعتقال مدير المستشفى وبعض المسؤولين فيه إلى حين انتهاء الجهات المختصة من إجراءات التحقيق.
وأعدت لجنة الصحة النيابية، أمس، تقريراً أولياً حول الأسباب التي أدت إلى الحادث ورفعته إلى رئاسة البرلمان. ويتوقع أن تعلن لاحقاً نتائج تحقيق اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء.
وبحسب تقرير اللجنة النيابية، فإن «مستشفى ابن الخطيب»؛ الذي أنشئ عام 1959، «لا يحتوي على منظومة إطفاء حرائق مركزية، مع عدم وجود مراقبة وفحص نظامي من قبل مديرية الدفاع المدني». وأشار التقرير إلى «عدم سيطرة قوات حماية المنشآت وإدارة المستشفى على أعداد المرافقين الموجودين داخل المستشفى مع مرضاهم، حيث يوجد من 3 إلى 4 مرافقين، إضافة إلى وجود آخر من الزائرين، وتبين قيام بعض المرافقين باستخدام الهيترات (السخانات) لطهي الطعام داخل الردهات».
بدوره؛ قال رئيس لجنة الصحة النيابية، قتيبة الجبوري، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية: «مبنى (مستشفى ابن الخطيب) متهالك ومخصص للعزل الصحي لعلاج (كورونا)، ويضم أكثر من 200 مريض، أما الردهة التي حصل فيها الحادث فتضم 32 مريضاً مع وجود كمية هائلة من الأكسجين». ورأى أن «اللجنة وجدت تقصيراً واضحاً في متابعة الاحتياجات الفعلية لمستشفيات بغداد، خصوصاً في الرصافة البالغ عددها 27 مستشفى ومن ضمنها (ابن الخطيب)». وأضاف أن «هناك إهمالاً كبيراً في وجود عدد كبير من المرافقين للمرضى؛ وهذا ما تتحمله منظومة الحماية الموجودة في المستشفى، وذلك ما يفسر أن عدد الشهداء هو ضعف المرضى الموجودين، وهذا ما تتحمله جهات الحماية المسؤولة، ولا يتحملها فقط مسؤولو وزارة الصحة».
وحمّل الجبوري وزارة المالية جزءاً من المسؤولية؛ لأنها «قصرت في تخصيص مبالغ إلى دائرة صحة الرصافة، (والتي طالب بها خلال ثلاث سنوات)، لشراء منظومات إطفاء وحماية للمستشفى، ولكن (المالية) لم تلب الطلبات».
من جانبه، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حسن الكعبي، الذي ترأس جلسة البرلمان الاستثنائية، أمس، على إلزام وزارة المالية بتوجيه التخصيصات اللازمة لإكمال المستشفيات النظامية التي وصلت إلى مراحل متقدمة في عموم المحافظات. وشدد على «عدم التحجج بأعذار غير مقبولة». وطالب الكعبي بـ«وقفة جادة لمعالجة المشاكل التي تعاني منها المؤسسات الصحية، ومكافحة الفساد الإداري والمالي فيها، وأن يأخذ القضاء دوره في محاسبة المقصرين المسؤولين عن وقوع الحادثة لوضع حد للحوادث المتكررة».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.