الدول الفقيرة لن تلقح 20 % من سكانها بنهاية العام

صعوبات أمام تنفيذ برنامج «كوفاكس»

TT

الدول الفقيرة لن تلقح 20 % من سكانها بنهاية العام

اعترفت منظمة الصحة العالمية بأنها تواجه صعوبات كبيرة جداً في تحقيق الهدف المتواضع بتلقيح 20 في المائة من سكان البلدان الفقيرة، بحلول نهاية العام الجاري عن طريق برنامج «كوفاكس» الذي تشرف على تنسيقه بالتعاون مع الحكومات والقطاع الخاص. وقال ناطق بلسان المنظمة إن هذا الهدف سيبقى بعيد المنال ما لم يحصل تغيير سريع لزيادة الإنتاج العالمي وتيسير توزيع كميات كافية على البلدان النامية.
ويقدّر الخبراء بأن العالم يحتاج هذه السنة لما لا يقلّ عن 12 مليار جرعة لقاح للقضاء على أفدح جائحة في التاريخ الحديث، لكن هذا الهدف يبقى سراباً بعيداً في ظل وتيرة الإنتاج الحالية ونظام براءات الاختراع الذي يحصر إنتاج اللقاحات في حفنة ضئيلة من الشركات العالمية للأدوية. وحسب التقديرات الأخيرة لمنظمة الصحة، لن تتمكن الدول الفقيرة، وعددها 5، من الحصول على كميات اللقاح الكافية قبل نهاية عام 2023، وذلك رغم الإنجاز العلمي غير المسبوق بتطوير نحو 15 لقاحاً بسرعة غير مسبوقة وتقدّم البحوث لتطوير أكثر من 200 لقاح آخر.
وبعد أن تجاوز عدد اللقاحات الموزّعة حتى الآن في العالم المليار جرعة، قالت منظمة الصحة إن 90 في المائة منها في البلدان الغنيّة، وعادت لتحذّر من أن عدم تحقيق الشمولية في توزيع اللقاحات يمكن أن تنشأ عنه عواقب وخيمة بسبب الطفرات الفيروسية المرتقبة التي قد تكون أسرع سرياناً وأشدّ فتكاً من النسخة الأولى، وربما أقدر على مقاومة مفاعيل اللقاحات. ودعا المدير العام لمنظمة الصحة تيدروس أدهانوم غيبريسوس الدول الغنية إلى إعادة النظر في موقفها من موضوع التعليق المؤقت لنظام البراءات، الذي من المقرر أن تعود منظمة التجارة العالمية إلى مناقشته في اجتماع مجلسها التنفيذي مطلع الشهر المقبل.
يذكر أن الدول الغنيّة التي توجد فيها معظم الشركات الكبرى للأدوية، وهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وسويسرا، ما زالت ترفض الاقتراح الذي تقدّمت به الهند وجنوب أفريقيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتعليق العمل بنظام البراءات حتى نهاية الجائحة. لكن تفيد مصادر دبلوماسية مطّلعة في جنيف بأن الإدارة الأميركية أبدت استعداداً للتجاوب مع اقتراح وسطي تقدمت به كندا وأستراليا يقضي بتوقيع اتفاقات طوعية مؤقتة بين شركات الأدوية الكبرى والمصانع التي تملك القدرة على إنتاج اللقاحات في البلدان النامية، ولم تستبعد هذه المصادر أن تفاجئ واشنطن بموقف مؤيد للمبادرة الهندية - الجنوب أفريقية.
ويرى مراقبون أن شركات الأدوية لن تتجاوب مع هذه الخطوة التي تشكّل سابقة تخشى أن يبنى عليها في المستقبل، ما لم تبادر الحكومات إلى الضغط عليها بقوة. وتتذرع الشركات بأن تعليق البراءات لن يحلّ المشكلة لأنه لا توجد قدرات علمية وتصنيعية كافية في البلدان النامية لإنتاج اللقاحات، فضلاً عن أن هذه الصناعة تحتاج لمواد أوليّة ليست متوفرة بسهولة، وإلى تدابير معقّدة لمراقبة الجودة ليست موجودة سوى في عدد محدود من البلدان. وتقول الشركات إنه حتى في حال توفّر الكميات الكافية من اللقاحات في البلدان الفقيرة، تبقى مشكلة القدرة اللوجيستية على توزيعها.
لكن التطورات الأخيرة التي طرأت على المشهد الوبائي العالمي تدفع باتجاه ارتفاع منسوب الضغط على شركات الأدوية للتجاوب مع نداءات منظمة الصحة والقبول بالتخلي مؤقتاً عن براءات الاختراع. التطور الأول هو أن معظم هذه الشركات بالغت في تقدير طاقاتها الإنتاجية، وبات من الواضح أنها بسبب الطلب الضخم الذي لم تكن تتوقعه على اللقاحات والتعثّر في التصنيع، لن تتمكّن من إنتاج الكميات الكافية لتحصين سكان العالم بنهاية العام الجاري. ويقول الخبراء إن الإنتاج اليومي العالمي من اللقاحات لا يتجاوز 15 مليون جرعة في الوقت الراهن، بينما العالم يحتاج لأكثر من 60 مليون جرعة يومياً لتحصين جميع السكان.
أما التطور الثاني الذي يمكن أن يدفع إلى إعادة النظر بكل حملات التلقيح، وربما باللقاحات نفسها، فهي الطفرات الجديدة التي تتوالى، وكانت آخرها الطفرة الهندية التي تتميّز بتحوّر مزدوج للبروتين الفيروسي تشير الدلائل إلى أنه يمدّها بقدرة على السريان أسرع من الطفرات الأخرى. وليس معروفاً بعد إذا كانت هذه الطفرة، التي أوقعت مليون إصابة في الهند خلال ثلاثة أيام فقط، قادرة على مقاومة اللقاحات الموزعة حتى الآن، أم لا. وبعد أن تأكد وصول الطفرة الهندية إلى 21 دولة، كانت سويسرا آخرها، تدرس بعض الدول الأوروبية فرض تدابير وقائية صارمة لمنع انتشار هذه الطفرة، مثل وقف الرحلات الجوية مع الهند أو إخضاع الوافدين من هذا البلد أو العابرين منه إلى الفحص والحجر الإلزامي لمدة 14 يوماً. وكانت عدة دول قد اعتمدت تدبيراً مماثلاً مع البرازيل بعد أن ظهرت فيها طفرة فتّاكة.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.