الراعي وعودة يستنكران «تمرّد» القاضية عون: تدمير للقضاء وتشويه لصورته

القاضية غادة عون (الوكالة الوطنية)
القاضية غادة عون (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي وعودة يستنكران «تمرّد» القاضية عون: تدمير للقضاء وتشويه لصورته

القاضية غادة عون (الوكالة الوطنية)
القاضية غادة عون (الوكالة الوطنية)

أجمع البطريرك الماروني بشارة الراعي ومطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة على استنكار «تمرّد» القاضية غادة عون على قرار كف يدها عن الجرائم المالية وإصرارها الأسبوع الماضي على الدخول بالقوة إلى شركة مكتف لاستيراد الأموال لاستكمال تحقيقاتها. وفيما عبّر الأوّل عن «ذهوله» لما سماها بـ«الواقعة القضائية»، سأل الثاني: «هل يجوز أن يخرج القاضي عن القانون؟». وهو ما استدعى ردّ فعل من «التيار الوطني الحر»، على لسان النائب زياد أسود الذي توجّه إلى الراعي بالقول: «سيدنا يفترض أن تصاب بالذهول من النهب لأموال اللبنانيين ومن تراكم الأخطاء السياسية».
واعتبرت مصادر أن كلام الراعي يعكس التباين الذي شهده لقاءه مع النائب جبران باسيل في الموضوعين القضائي والحكومي، خلافاً لما أشيع.
وقال الراعي في عظة الأحد: «أصابنا الذهول ونحن نرى على شاشات التلفزة واقعة قضائية لا تمت بصلة إلى الحضارة القضائية ولا إلى تقاليد القضاء اللبناني منذ أن وجد. فما جرى يشوه وجه القاضي النزيه والحر من أي انتماء، ذي الهيبة التي تفرض احترامها واحترام العدالة وقوانينها. نحن نصر على أن يكافح القضاء مكامن الفساد والجريمة بعيداً من أي تدخل سياسي. ونصر على أن تعود الحقوق إلى أصحابها، لا سيما الودائع المصرفية». وأضاف: «لكن ما جرى، وهو مخالف للأصول القضائية والقواعد القانونية، قد أصاب هيبة السلطة القضائية واحترامها وكونها الضمانة الوحيدة لحقوق المواطنين وحرياتهم في خلافاتهم فيما بينهم، وفي نزاعاتهم مع السلطة والدولة، وبتنا نتساءل بقلق عظيم عن ماهية ما حصل وخلفياته. وإن كان ليس من شأننا، أو من شأن أحد، التدخل في مسار التحقيقات القضائية، أو اتخاذ موقف من صحة أو عدم صحة الأفعال موضوع التحقيقات، إلا أننا لا يمكننا السكوت عما يجري والتعبير عن مخاوفنا من مثل هذه الممارسات التي تضرب ما تبقى من صورة الدولة، ما يدفعنا إلى رفع الصوت لإعلان رفضنا المطلق لهذا الانحراف ومطالبة المسؤولين بضبط هذا الانفلات الخطير وتفادي سقوط السلطة القضائية بالكامل، إذ أن سقوطها يشكل الضربة القاضية لدولة الحق والمؤسسات. نصلي إلى الله كي يهدي الجميع إلى كل ما يؤدي إلى خير الوطن والمواطنين».
وموقف الاستنكار نفسه، عبّر عنه المطران عودة الذي قال في عظة أحد الشعانين: «معيب ومخزٍ ما نعيشه في لبنان وما يكابده مواطنون لا ذنب لهم سوى أنهم وثقوا بزعماء وتبعوهم لكن هؤلاء خانوا الشعب وثقته بهم وعملوا لمصالحهم ولو على حساب المصلحة العامة ولبنان، وهذا ما يفعلونه اليوم، وبعد تدمير سمعة لبنان المالية والسياسية والاجتماعية ها نحن نشهد تدمير المؤسسات والقضاء عليها وآخرها السلطة القضائية التي هي حصن لبنان الأخير والجيش الذي يدافع بنقاء ومحبة وتضحية».
وسأل عودة: «هل يجوز أن يتمرد قاضٍ على القانون وهو مؤتمن على تطبيقه؟ هل يجوز أن يقتحم قاضٍ أملاكاً خاصة دون مسوغ قانونيّ؟ هل يجوز الاعتداء على الإعلاميين الذين يؤدون واجبهم؟ مهما كانت قضية القاضي محقة ومن يشن عليه حرباً متجاوزاً للقوانين، هل يجوز أن يخرج قاضٍ عن القانون؟ أي عدل نتبع وأي حكم وملك بما أن العدل أساس الملك؟».
واستغرب غياب مجلس النواب، سائلاً: «أين المجلس النيابي من كل ما يجري؟ أليس من واجبه القيام بما يلجم هذه التجاوزات؟ وعلى القاضي أن يتحلى بالحكمة والصبر لا أن ينقاد بانفعاله ويتصرف بشعبوية لا تقود إلا إلى الفوضى وقسمة الشعب».
ولفت إلى أنه بعد 17 أكتوبر (تشرين الأول) وتمرد الشعب على سلطة أساءت إليه كان أملنا كبيراً في ولادة جيل متمسك بمبادئ الحرية والمواطنة بغض النظر عن الانتماء الحزبي والطائفي، وكان أملنا أن يتخطى المواطنون انتماءهم إلى الزعماء وينتموا إلى وطن، لكن أملنا خاب عندما شهدنا الاصطفافات الطائفية الأسبوع الماضي.
وردّ أسود على الراعي كاتباً على حسابه في «تويتر»: «يجب أن تصاب بالذهول من النهب لأموال الرعايا واللبنانيين وأسماء الناهبين والمصارف والطرق المعتمدة، وأن تصاب بالذهول من تراكم الأخطاء السياسية التي أوصلت إلى هنا وأولها اتفاق الطائف، أما إجراءات القضاء فهي تعود للقاضي بحسب النص والصلاحية والأمر الواقع وليس المصور تلفزيونياً».
في موازاة ذلك، قالت القاضية عون في بيان: «يتم التداول على وسائل التواصل الاجتماعي ببيان ينسب إلي أتهم فيه بأني أقول أموراً مشينة عن البطريرك الماروني. إني أستنكر بشدة هذا الأسلوب الشيطاني الميليشياوي لتشويه سمعتي. بالتأكيد لا يمكن أن أتفوه بهذه المهاترات السخيفة البذيئة التي ليست من شيمي وأخلاقي. وأنا مؤمنة، مسيحية وملتزمة، أحترم رأس الكنيسة المارونية. وسأتقدم بشكوى غداً لكشف مروجي هذه المقالات المستنكرة وطلب معاقبتهم».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.