السودان يجيز قانون مكافحة الفساد ويعزز لجنة تفكيك النظام السابق

TT
20

السودان يجيز قانون مكافحة الفساد ويعزز لجنة تفكيك النظام السابق

مرر المجلس التشريعي المؤقت في السودان الذي يتكون من جميع أعضاء مجلسي السيادة والوزراء، قانون مفوضية مكافحة الفساد بعد إزالة أي تعارض في نصوص القانون مع لجنة اجتثاث وتصفية نظام الرئيس المعزول عمر البشير التي تواجه بحملات منظمة من جهات عدة تسعى لحلها ووقف عملها.
وأكد مجلسا السيادة والوزراء المصادقة على القانون، مساء أول من أمس، واستمرار لجنة تفكيك نظم الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989، واسترداد الأموال العامة، ودعمها لاستكمال مهامها الدستورية في استرداد ممتلكات الشعب السوداني.
وتجابه لجنة التفكيك حملات منظمة من قبل أنصار النظام المعزول، ومن أطراف داخل السلطة الانتقالية ذاتها، بحسب اتهامات سابقة كانت وجهتها اللجنة إلى مسؤولين كبار في مجلسي السيادة والوزراء ـ بالعمل ضد تصفية نظام الإسلاميين، وهددت بفضحهم أمام الرأي العام. واستردت اللجنة أموالاً طائلة وممتلكات وشركات مملوكة لأعوان نظام البشير تقدر قيمتها بمليارات الجنيهات السودانية، ولا تزال تواصل عملها في تفكيك سيطرة الإسلاميين على مؤسسات الدولة.
وقال عضو مجلس السيادة الرئيس المناوب للجنة محمد الفكي سليمان إن البرلمان الانتقالي بعد أن أجاز القانون أكد على دعم لجنة التفكيك لتستمر في مهامها، فيما يتم تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد لتولي مهام محاربة الفساد.
وشكلت اللجنة وفقاً لنصوص الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في البلاد، وينص قانونها على أداء مهامها واختصاصاتها الكاملة في تصفية النظام المعزول، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة من الشعب السوداني، طيلة فترة الثلاثين عاماً من حكم الرئيس المعزول.
ونظراً إلى اختلاف طبيعة عمل مفوضية الفساد ولجنة التفكيك، أزيل التعارض الذي يمكن أن ينشأ بأن تؤدي كل جهة عملها بشكل منفرد حسب قانونها ومهامها. ودار خلال الفترة الماضية جدل حول مصير لجنة التفكيك بعد إجازة قانون مكافحة الفساد وتكوين المفوضية، ومضى الاتجاه الغالب إلى وجود المفوضية واللجنة لاختلاف نطاقات عملهما.
وتحظى لجنة تفكيك واجتثاث نظام البشير بدعم من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي يعتبر اللجنة من أهم المؤسسات الساعية والفاعلة لتحقيق شعارات الثورة.
من جهة ثانية، أكد عضو اللجنة وجدي صالح عدم التعارض بين مفوضية مكافحة الفساد ومهام عمل لجنة إزالة التمكين باعتبارهما استحقاقين دستوريين، مشيراً إلى أن اللجنة ستواصل عملها في تفكيك المنظومة السياسية التي استمرت ثلاثين عاماً، ومكنت نفسها داخل مؤسسات الخدمة المدنية، وخلقت لها واجهات اقتصادية وتنظيمية.
وذكر صالح في تصريحات لوكالة أنباء السودان، أمس، أن مجلسي السيادة والوزراء أجازا القانون واختصاصات المفوضية، بعد إزالة أي تعارض يمكن أن يحدث مع لجنة تفكيك النظام المعزول. وأوضح أن اللجنة معنية بتفكيك نظام البشير منذ مجيئه إلى السلطة وحتى سقوطه، ومهمتها تفكيك المنظومة السياسية، فيما تقوم المفوضية بمكافحة الفساد ومراقبة مؤسسات الدولة وانسجامها مع القوانين، ومن مهامها مكافحة الفساد الذي يمكن أن يحدث بعد سقوط النظام أيضاً واتخاذ التدابير الوقائية ومراقبة الأجهزة حتى لا تنحرف عن مسارها.



«الصفقة الشاملة»... ورقة ضغط لـ«حماس» تصطدم بـ«تهدئة مؤقتة»

تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«الصفقة الشاملة»... ورقة ضغط لـ«حماس» تصطدم بـ«تهدئة مؤقتة»

تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تأكيد جديد من «حماس» على تمسكها بإبرام «صفقة شاملة»، استبق محادثاتها بالقاهرة، التي تشهد حضور وفد كبير للحركة بخلاف مرات سابقة، مع تشديد مستمر على رفض «نزع سلاحها»، في حين تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع.

ذلك الموقف من «حماس» يُصادف تواصل العد التنازلي لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة الشهر المقبل، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ورقة ضغط جديدة من الحركة قبل الزيارة، بهدف تحقيق أكبر المكاسب لها.

ورجحوا ألا تحدث صفقة شاملة وإنما هدنة إنسانية في أقرب وقت لدخول المساعدات بجانب أخرى مؤقتة محل نقاش، تشمل تبادل الرهائن والأسرى وتموضعاً جديداً للقوات الإسرائيلية، وليس انسحاباً، على أن يحمل الرئيس الأميركي في جعبته للعرب حلاً نهائياً للأزمة.

وأفادت حركة «حماس»، في بيان صحافي، السبت، بأن «وفد قيادة (حماس)، برئاسة محمد درويش، رئيس المجلس القيادي للحركة وباقي أعضاء المجلس خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين ونزار عوض الله، بدأ لقاءات بالعاصمة المصرية القاهرة».

واللقاء الذي يحشد قيادة الحركة يبحث مع المسؤولين المصريين «رؤية حركة (حماس) لوقف وإنهاء الحرب وتبادل الأسرى على قاعدة الصفقة الشاملة، بما يتضمن الانسحاب الكامل والإعمار، وضرورة التحرك العاجل لإدخال المساعدات الإنسانية وجهود تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة».

ولم تكشف الحركة عن رؤيتها بشأن الصفقة الشاملة، غير أن «الشرق الأوسط» نقلت في 22 أبريل (نيسان) الحالي عن مصدر مطلع بالحركة «تقديمها رؤية في لقاء سابق بالقاهرة الأسبوع الماضي، تتضمن 5 بنود، من ضمنها صفقة شاملة، وإتمام هدنة طويلة تصل إلى 5 سنوات، مع اشتراط ضمانات إقليمية ودولية».

وتأتي رؤية «حماس» قبل زيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض، وبعد زيارة لتركيا الأسبوع الماضي، عقب لقاء وفد الحركة برئاسة القيادي محمد درويش، وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة»، في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

رجل يعرض دمية وسط أنقاض منزل بعد قصف إسرائيلي في حي الصبرة بمدينة غزة (أ.ف.ب)
رجل يعرض دمية وسط أنقاض منزل بعد قصف إسرائيلي في حي الصبرة بمدينة غزة (أ.ف.ب)

رئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، سمير غطاس، يرى أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن هناك هدنة جديدة ستعرض على «حماس» بضمانات؛ ولكنها جزئية وليست شاملة، مع الذهاب لتنفيذ هدنة إنسانية لساعات محدودة يومياً لإدخال المساعدات للقطاع، سواء جرى التفاهم على تلك التهدئة أو لا، وسيكون ذلك بضغط أميركي على إسرائيل.

ويستغرب غطاس من إصرار «حماس» على تأخير إتمام الصفقة، موضحاً أن الحركة تعتقد أنها ستأخذ شروطاً أفضل مع العد التنازلي لزيارة ترمب، مع إدراكها أنه يريد أن تكون في ظل تهدئة بالمنطقة، محذراً من أنها ستفاجأ بأن الشروط ستكون أسوأ، وأن التأخير ليس في صالحها، في ظل تشدد أميركي إسرائيلي باستبعادها من غزة ونزع سلاحها.

ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن المطروح حالياً هدنة مؤقتة تناقش خلالها هدنة طويلة وتفكيك الحركة وسلاحها، مضيفاً: «لكن الأقرب الآن مع اقتراب وصول ترمب للمنطقة هدنة مؤقتة قبل بدء جولته، على أن يأتي بجعبته اتفاق واضح لوقف الحرب».

فيما تواصل «حماس» تمسكها بصفقة شاملة، وأكد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة، طاهر النونو، السبت، أن الحركة منفتحة على هدنة طويلة الأمد في غزة، لكنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها.

وبثّت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، السبت، مشاهد فيديو لعملية قنص 3 جنود إسرائيليين في شمال قطاع غزة، غداة تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس عبر «إكس»، أن القوات الإسرائيلية تدفع «ثمناً باهظاً لنجاحاتها العسكرية» ضد الحركة في غزة.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقاربها جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقاربها جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يزال 58 محتجزين في غزة، 34 منهم قتلى، وفق الجيش الإسرائيلي، وسمحت هدنة تمَّ التوصُّل إليها واستمرَّت من 19 يناير (كانون الثاني) إلى 17 مارس (آذار) الماضيين، بعودة 33 رهينة إلى إسرائيل، من بينهم 8 قتلى، في مقابل إطلاق سراح نحو 1800 فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ووفق غطاس، فإن المأمول من «حماس» يخالف الواقع، وسترفضه إسرائيل، وفي الأغلب سنذهب لهدنة محدودة مع تعهدات بمناقشات بهدنة أطول، ولكن دون انسحاب إسرائيلي كلي بل إعادة تموضع للقوات بالقطاع، مشيراً إلى أن تمسك الحركة بتلك الصفقة الشاملة محاولة للبقاء في اليوم التالي تحت أي شكل ليس إلا، دون مراعاة للظرف الحالي ولا للتغيرات بالمنطقة.

وكذلك يستبعد الرقب هدنة طويلة حالياً أو تسوية شاملة، مشيراً إلى أن الأقرب أن الصفقة نضجت وتذهب لهدنة مؤقتة سترى النور خلال أيام، بحد أقصى مطلع الشهر المقبل قبل زيارة ترمب، كما رأينا قبل تنصيبه في 20 يناير الماضي، مشيراً إلى أن الجولة ستشمل حديثاً عن وقف نهائي للحرب، وستكون الكرة في ملعب اليمين الإسرائيلي للذهاب لذلك أو العودة لنقطة الصفر مجدداً.