السودان يجيز قانون مكافحة الفساد ويعزز لجنة تفكيك النظام السابق

TT

السودان يجيز قانون مكافحة الفساد ويعزز لجنة تفكيك النظام السابق

مرر المجلس التشريعي المؤقت في السودان الذي يتكون من جميع أعضاء مجلسي السيادة والوزراء، قانون مفوضية مكافحة الفساد بعد إزالة أي تعارض في نصوص القانون مع لجنة اجتثاث وتصفية نظام الرئيس المعزول عمر البشير التي تواجه بحملات منظمة من جهات عدة تسعى لحلها ووقف عملها.
وأكد مجلسا السيادة والوزراء المصادقة على القانون، مساء أول من أمس، واستمرار لجنة تفكيك نظم الثلاثين من يونيو (حزيران) 1989، واسترداد الأموال العامة، ودعمها لاستكمال مهامها الدستورية في استرداد ممتلكات الشعب السوداني.
وتجابه لجنة التفكيك حملات منظمة من قبل أنصار النظام المعزول، ومن أطراف داخل السلطة الانتقالية ذاتها، بحسب اتهامات سابقة كانت وجهتها اللجنة إلى مسؤولين كبار في مجلسي السيادة والوزراء ـ بالعمل ضد تصفية نظام الإسلاميين، وهددت بفضحهم أمام الرأي العام. واستردت اللجنة أموالاً طائلة وممتلكات وشركات مملوكة لأعوان نظام البشير تقدر قيمتها بمليارات الجنيهات السودانية، ولا تزال تواصل عملها في تفكيك سيطرة الإسلاميين على مؤسسات الدولة.
وقال عضو مجلس السيادة الرئيس المناوب للجنة محمد الفكي سليمان إن البرلمان الانتقالي بعد أن أجاز القانون أكد على دعم لجنة التفكيك لتستمر في مهامها، فيما يتم تشكيل مفوضية لمكافحة الفساد لتولي مهام محاربة الفساد.
وشكلت اللجنة وفقاً لنصوص الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية في البلاد، وينص قانونها على أداء مهامها واختصاصاتها الكاملة في تصفية النظام المعزول، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة من الشعب السوداني، طيلة فترة الثلاثين عاماً من حكم الرئيس المعزول.
ونظراً إلى اختلاف طبيعة عمل مفوضية الفساد ولجنة التفكيك، أزيل التعارض الذي يمكن أن ينشأ بأن تؤدي كل جهة عملها بشكل منفرد حسب قانونها ومهامها. ودار خلال الفترة الماضية جدل حول مصير لجنة التفكيك بعد إجازة قانون مكافحة الفساد وتكوين المفوضية، ومضى الاتجاه الغالب إلى وجود المفوضية واللجنة لاختلاف نطاقات عملهما.
وتحظى لجنة تفكيك واجتثاث نظام البشير بدعم من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي يعتبر اللجنة من أهم المؤسسات الساعية والفاعلة لتحقيق شعارات الثورة.
من جهة ثانية، أكد عضو اللجنة وجدي صالح عدم التعارض بين مفوضية مكافحة الفساد ومهام عمل لجنة إزالة التمكين باعتبارهما استحقاقين دستوريين، مشيراً إلى أن اللجنة ستواصل عملها في تفكيك المنظومة السياسية التي استمرت ثلاثين عاماً، ومكنت نفسها داخل مؤسسات الخدمة المدنية، وخلقت لها واجهات اقتصادية وتنظيمية.
وذكر صالح في تصريحات لوكالة أنباء السودان، أمس، أن مجلسي السيادة والوزراء أجازا القانون واختصاصات المفوضية، بعد إزالة أي تعارض يمكن أن يحدث مع لجنة تفكيك النظام المعزول. وأوضح أن اللجنة معنية بتفكيك نظام البشير منذ مجيئه إلى السلطة وحتى سقوطه، ومهمتها تفكيك المنظومة السياسية، فيما تقوم المفوضية بمكافحة الفساد ومراقبة مؤسسات الدولة وانسجامها مع القوانين، ومن مهامها مكافحة الفساد الذي يمكن أن يحدث بعد سقوط النظام أيضاً واتخاذ التدابير الوقائية ومراقبة الأجهزة حتى لا تنحرف عن مسارها.



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».