«كورونا» يجعل مطاعم القاهرة تتنافس في الهواء الطلق

ديكورات مبهرة لجذب الزبائن وتعويض الخسائر الناتجة عن الفيروس

TT

«كورونا» يجعل مطاعم القاهرة تتنافس في الهواء الطلق

بعض من امتزاج رائحة الشواء المنبعثة من أصابع الكفتة وشرائح اللحم التي تسوى على نار هادئة، واختلاطها بنسمات ما قبل أذان المغرب تُلهب ذائقة رواد مطعم «بابا عبده» الذين ينتظرون لحظة انطلاق مدفع الإفطار وهو يتراصون على طاولات الطعام أمام باب الفتوح أحد أبواب سور القاهرة الفاطمية.
فأمام عبق التاريخ وعديد الأصناف والأطباق تتبارى المطاعم المصرية، لكن يظل الرابح منها من لديه ميزة الانفتاح على «الهواء الطلق» بعيداً عن الصالات المكيفة، وهي الميزة التي تتنافس من خلالها مطاعم شهيرة في مناطق عديدة بالقاهرة كمحاولة لتعويض خسائر العام الماضي، بسبب تأثيرات فيروس «كورونا»، بينما تسعى المطاعم التي لا تمتلك هذه الميزة إلى اجتذاب روادها بالترويج لعروض وقائمة طعام شهية.
تستقبل المطاعم الشهر الفضيل هذا العام بمزيد من العمل لاجتذاب روادها وكثير من الجهد لتعويض خسائرها الفائتة، حيث تتسابق للإعلان أن لديها الأفضل والأشهى مذاقاً، كما دأبت المطاعم في الابتكار في عروضها الرمضانية والتجديد في قوائم طعامها، أملاً في استقطاب الزبائن سواء من المصريين أو الأجانب.
وجرت العادة أن تشهد المطاعم في مصر خلال شهر رمضان إقبالاً كبيراً من روادها، الذين يقصدونها لتناول الإفطار أو طعام السحور في الخارج، حيث تشهد المطاعم بشكل يومي في رمضان «العزومات» بين الأسر والأهل، أو بين الأصدقاء وزملاء العمل، التي ينتظرها الجميع لكونها تتم وسط أجواء وطقوس رمضانية فريدة.
وتعمل المطاعم في مصر في الوقت الحالي فقط بـ50 في المائة من طاقتها، بسبب الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة لمنع التجمعات خوفاً من تفشي الفيروس، خاصة مع بدء الموجة الثالثة منه، حيث أصدرت قرارات وضوابط تنظيمية لتشغيل المنشآت الفندقية والسياحية خلال شهر رمضان.
رغم ذلك التقييد؛ ولأجل كسب رضا الزبائن ومحاولة تطمين خوفهم من الإصابة بالفيروس؛ عكفت المطاعم قبل حلول شهر رمضان على حشد خبراتها لتقديم الوجبات المتنوعة والمذاقات الشهية، والترويج لذلك عبر الوسائل الإعلامية، ومن خلال صفحاتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتفنن في عرض بضاعتها من المأكولات والأطباق.
ولا تقتصر محاولة جذب الزبائن على نوعيات مطاعم بعينها، فهي تشمل مطاعم المشاوي من اللحوم والدواجن، ومطاعم المأكولات البحرية، ومطاعم المعجنات، والمأكولات الشعبية، وكذلك المطاعم التي تتخصص في تقديم مطبخ واحد، كالآسيوي أو الغربي أو العربي، وأيضا محلات بيع الحلويات الشرقية. كما يشمل ذلك مطاعم المنشآت الفندقية أو المطاعم خارجها.
وسعت إدارة مطعم «بابا عبده» لطمأنة زبائنها على جودة الطعام وعدم المغالاة في أسعاره، وقالت بلهجة دارجة: «لا يجب أن تنتظر قبض الراتب لكي تأتي تزور مطعمنا، بابا عبده بيطمنك، عندنا مش محتاج ميزانية علشان تفطر في أهم منطقة تاريخية».
ومن بين الأساليب التي يلجأ إليها كثير من المطاعم هو تغيير قوائم الطعام بما يناسب الشهر الفضيل، وهو أسلوب معتاد في غالبية المطاعم، حيث تتوسع قائمة الطعام لتشمل ما لذ وطاب من الأطباق والأطعمة المبتكرة التي تلبي كافة الأذواق، مما يوفر خيارات واسعة للراغبين في تناول وجبة الإفطار.
عن ذلك الإجراء، يعلق محمد الدري، الشيف بأحد مطاعم المشويات بالقاهرة: «خلال شهر رمضان تشهد قوائم الطعام تغييرات على الأطباق، بحيث يكون هناك خيارات واسعة أمام الصائمين، الذين يحضرون إلينا لتناول وجبة إفطار غير تقليدية»، وتابع: «نحاول أن نقدم توليفة من الأطعمة لإرضاء الزبائن، ويتم ذلك من خلال التحضير المسبق قبل حلول الشهر الكريم، بإضافة تغييرات على قائمة الطعام وتنظيم الوجبات».
وفي محاولة لاجتذاب الزبائن، وإشاعة نوع من التنافس بينهم على التهام الوجبات، فهو أسلوب آخر لبعض المطاعم يهدف إلى خلق نوع من الدعابة ومساحة من الحميمية مع الزبائن، حيث تروج كثير من المطاعم أطباقها بإطلاق مسميات على عروضها الرمضانية، على غرار «عرض الوحوش» أو «تحدي الأكيلة»، «جرّب التحدي». كما تستهدف مطاعم أخرى تقديم أطباق ووجبات كبيرة الحجم، تجمع بين أصناف متنوّعة، بما يناسب عمل الولائم للأقارب وأفراد العائلة، وتمتد إلى اجتماع زملاء العمل في الشركات والمصانع والمحلات.
واستغلت مطاعم قربها من المناطق الأثرية لإضفاء صبغة تاريخية في الدعاية والترويج لنفسها، واللعب على وتر الوجود في مشهد تاريخي، والجمع بين روعة المكان وفتح شهية الطعام، ومن بين ذلك نجد المطاعم المطلة على الأهرامات وتمثال أبو الهول، وهناك المطاعم ذات الصبغة الشعبية بمحيط الآثار الإسلامية، التي تروق للكثيرين، وتجتذب هذه المطاعم روادها بالترويج لفكرة تناول الإفطار في جو رمضاني أصيل وسط عبق تاريخ مصر وآثارها.
وتأتي الديكورات والزينة الرمضانية كإحدى الوسائل المهمة التي تلجأ لها المطاعم لجذب الزبائن إليها، عبر إجراء تعديلات وإضافة لمسات بسيطة تتناسب مع أجواء رمضان، وذلك من خلال أقمشة الخيامية الشهيرة التي يمكن أن تكسو الحوائط أو تغلف الكراسي والطاولات، وتوظيف الإكسسوارات الفولكلورية التي تميز شهر رمضان وعلى رأسها الفوانيس مختلفة الأحجام والأشكال، والقناديل المضاءة والنجوم والأهّلة ووحدات الإضاءة الملونة، أو اللجوء إلى المجسمات التي ترتبط بالشهر مثل المسحراتي وبائع الكنافة والشخصيات الكرتونية التي ارتبطت بالشهر.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.