الصدر يتهم جهات بتعكير الأمن في العراق

قال إنها بهجماتها تؤخر الانسحاب الأميركي

صورة تعود إلى أواخر الشهر الماضي لعنصر من جهاز مكافحة الإرهاب في بغداد (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى أواخر الشهر الماضي لعنصر من جهاز مكافحة الإرهاب في بغداد (أ.ف.ب)
TT

الصدر يتهم جهات بتعكير الأمن في العراق

صورة تعود إلى أواخر الشهر الماضي لعنصر من جهاز مكافحة الإرهاب في بغداد (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى أواخر الشهر الماضي لعنصر من جهاز مكافحة الإرهاب في بغداد (أ.ف.ب)

على وقع الصواريخ التي ما زالت تمشط مساحات مختلفة من العراق، ليس من بينها المنطقة الخضراء، بالتزامن مع بدء مفاوضات فيينا بين إيران والمجموعة الدولية، يبدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارة إلى العراق. ومع أن غالبية الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الإيرانيون إلى العراق، وفي مقدمتهم قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني غير معلنة، فإن زيارات ظريف هي وحدها التي يجري جدولتها كزيارة دولة يلتقي خلالها، وفي أجواء بروتوكولية، كبار المسؤولين العراقيين، تنتهي ببيانات تؤكد في العادة تطابق وجهات النظر بين البلدين.
لكن التطابق في وجهات النظر لا يشمل في العادة المسكوت عنها، وهي الصواريخ التي لا يستطيع أحد إيقافها، مع أن بمقدور أي جهة أو طرف إدانتها. فالإدانة مسموحة تماماً وعلى أي مستوى، بيان أو تصريح أو تغريدة، وهي أضعف الإيمان؛ الأطراف أو الجهات، مثلما أشار إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في آخر تغريدة له لا أحد يعرف إن كانت هي نفسها التي نحت من أجلها مصطلحه المعروف، «الميليشيا الوقحة»، أو أطرافاً جديدة دخلت على المشهد المفتوح لكل قادم يريد أن يجرب حظه في إثبات مدى فاعلية صواريخه، ليس في مدى دقتها في إصابة الهدف، بل في مدى بعدها عن الهدف بمسافة محسوبة.
الهدف من الإطلاق ليس إصابة الهدف، لأن من شأن ذلك تغيير قواعد الاشتباك تماماً، بل الهدف هو تذكير صاحب الهدف بـ«أننا موجودون». المرة الوحيدة التي تم الاقتراب فيها من الهدف كانت في محاولة اقتحام السفارة الأميركية في قلب بغداد، من قبل الفصائل المسلحة قبل آخر يوم من عام 2019، فكانت النتيجة ليست متوقعة على صعيد تغيير كل قواعد الاشتباك، حين قتلت الولايات المتحدة الأميركية بطائرة مسيرة قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني، على بُعد عشرات الأمتار من الطائرة التي كان هبط منها، قبل فترة قصيرة والقادمة من دمشق، التي استقبله عند سلمها القيادي البارز في «الحشد الشعبي»، أبو مهدي المهندس، حيث قضيا معاً في تلك الغارة، التي لم يكن يتوقعها أحد.
لم تتوقف الصواريخ لكن وجهتها هي التي تغيرت مع تغير الجهات، التي كال لها الصدر الاتهام في تدوينته الأخيرة، أمس، حيث كتب قائلاً إن «هناك جهات تريد تعكير الأمن لأسباب عديدة، أهمها تأخير أو إلغاء الانتخابات، وذلك من خلال بعض الميليشيات المنفلتة التي تستهدف بقصفها القوات المحتلة لتثنيها عن الانسحاب»، مبيناً أن «بقاءها بقاء تلك الميليشيات، أو من خلال زج العراق بصراع خارجي، من خلال ربطه بالصراع السوري الإسرائيلي». وأضاف: «فهلموا إلى سلام شامل لا سلاح فيه ولا عنف لنعيش في كنف وطننا بلا أجندات خارجية وبلا ركوع»، مبيناً أن «عراقنا يحتاج إلى ذلك السلم والسلام».
وطبقاً لتغريدة الصدر، فإنه يرى أن هذه «الجهات» أو «الميليشيات المنفلتة»، وهي تسمية رديفة لـ«الوقحة» تهدف إلى إشاعة الفوضى في العراق لتحقيق هدفين مترابطين يبرران استمرارها، وهما تأخير الانتخابات وتأخير الانسحاب الأميركي؛ فعلى صعيد الانتخابات، فإن إجراءها في موعدها خلال الشهر العاشر المقبل.
وفي حال جرت بنزاهة، فإن دور مثل هذه الجهات يتضاءل. كما أن إبقاء الأميركيين لفترة أخرى يمنحها مبرراً في بقائها، الذي يتمثل في العادة بإطلاق بضعة صواريخ بين فترة، وأخرى لم تعد تثير اهتماماً أميركياً خارج سياق تصريح من المتحدث باسم البيت الأبيض، أو مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأميركي بلينكن لرئيس الوزراء مصطفى كاظمي في بغداد، أو رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني في أربيل.
القيادي في التيار الصدري والنائب عن كتلتها في البرلمان «سائرون»، سلام الشمري، أكد رفض تياره وكتلته في أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.
الشمري وفي بيان له قال إن «شعب العراق يريد العيش بأمن وسلام متمتعاً بثرواته وخيراته وألا يتم اتخاذه وسيلة لتصفية حسابات إقليمية ودولية يدفع ثمنها دماً، وإمكانيات منهوبة لهذا الطرف أو ذاك». وأضاف الشمري أن على الجميع العمل بدعوة الصدر «لانتشال العراق وشعبه من واقعه المرير لواقع أفضل يعيش الجميع فيه بسلام لا فرق بين هذا وذاك، إلا بما يقدمه من خدمة لبلده وأبنائه». وشدد على ضرورة أن «تعمل الدبلوماسية العراقية لإبراز دور العراق كقوة فاعلة وعدم السماح مطلقاً لأي دولة التدخل بأي شكل في شؤونه الداخلية».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».