سعيد يرفض لقاء الغنوشي والمشيشي لحل الأزمة

قيادي في «النهضة» اتهم سعيد بـ«وضع مزيد من العراقيل أمام الحكومة»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

سعيد يرفض لقاء الغنوشي والمشيشي لحل الأزمة

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

قال علي العريض، القيادي في حركة النهضة التونسية، إن رئيس البرلمان راشد الغنوشي تقدم باقتراح لتنظيم حوار بين الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والحكومة والبرلمان) لتجاوز الأزمة السياسية المتواصلة منذ نحو 4 أشهر، لكن رئيس الجمهورية قيس سعيد رفض الجلوس مع رئيس الحكومة ورئيس البرلمان تماماً، حسب تعبيره. كما رفض تنظيم حوار وطني، وتغاضى عن مبادرة اتحاد الشغل (نقابة العمال)، وهو ما يجعله -حسب مراقبين- في وضعية «تعطيل الدستور» الذي مكنه من الفوز في الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن الخلاف بين مختلف الأطراف «ليس بسيطاً، لكن الجلوس إلى طاولة المفاوضات يبقى الحل الأفضل لتجازوه».
واتهم العريض رئيس الجمهورية بممارسة نوع من «الاستعلاء» الذي يقلل من احترام بقية الأطراف، وهو ما أدى -حسبه- إلى فشل كل مساعي الحوار، ورفضه القيام بدوره الدستوري في الاجتماع برئيسي البرلمان والحكومة من أجل التشاور، وتحديد سياسة الدولة، والحفاظ على المصلحة العليا للوطن، على حد تعبيره.
واتهم العريض كذلك رئيس الجمهورية بوضع مزيد من العراقيل أمام الحكومة، بحجة أنه لم يقم بواجباته الدستورية في قبول وزراء التعديل الوزاري، وأدائهم اليمين الدستورية أمامه لمباشرة مهامهم الحكومية. كما رفض القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية، وعطله من خلال الإصرار على إرجاعه لقراءة برلمانية ثانية، ثم دعا إلى إسقاط الحكومة برمتها.
وبخصوص تقييمه لحكومة هشام المشيشي، قال العريض إنها «دون سند فعلي، لكنها تستند إلى دعم سياسي قوي من قبل الائتلاف البرلماني، وهو الذي مكنها من البقاء، على الرغم من الدعوات المتكررة لإسقاطها»، مؤكداً أن سعيد سعى بكل الطرق إلى «عرقلة عملها، وتعطيل السير العادي لمؤسسات الدولة، من خلال توجيه خطب التهديد والوعيد والإحباط، وتقسيم التونسيين»، على حد قوله.
ومن جهته، دعا يوسف الشاهد، رئيس الحكومة السابق، مختلف الأطراف إلى الالتزام بهدنة سياسية، «في ظل حكومة تعمل دون سند سياسي قوي، وبرلمان تتقاذفه الأزمات، مما له تأثير مباشر على حياة التونسيين»، وذلك بهدف التوصل إلى حل للخروج من الأزمة الدستورية والسياسية التي تعرفها البلاد.
وفي سياق ذلك، قال غازي الشواشي، رئيس حزب التيار الديمقراطي (معارض)، إن تعدد قراءات دستور 2014 يعود إلى غياب المحكمة الدستورية التي تفصل في كل النقاط الخلافية، مضيفاً أن رئيس الجمهورية «هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية فقط، في حين أن الأمن الداخلي من صلاحيات وزير الداخلية الذي يعينه رئيس الحكومة».
وعد الشواشي أن الدستور التونسي وزع السلطات، ولم يمنح أي شخص قيادة كل القوات المسلحة، داعياً رئيس الجمهورية إلى أن يكون «جزءاً من الحل»، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، عبرت مجموعة من الناشطين في «منتدى الفكر والسياسة» (فكري مستقل)، من خلال عريضة عرضتها على عموم المواطنين للتوقيع عليها، عن رفض التجاذبات السياسية الحالية، وطالبت رئيس الجمهورية باحترام الدستور التونسي، والكف عن الخروقات المتعددة، والتأويل الأحادي للفصول الدستورية. ودعت كل الفاعلين في المشهد السياسي إلى ضرورة النأي بالمؤسستين العسكرية والأمنية عن الصراعات والمناكفات، لما يمثله ذلك من مخاطر على أمن البلاد واستقرارها، في إشارة إلى تصريح الرئيس سعيد بأنه القائد الأعلى للقوت المسلحة، بأنواعها العسكرية والأمنية، وما يحمله هذا الصراع من تنازع للصلاحيات في الإشراف على وزارة الداخلية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».