رسائل برادة وشكري... رغبة البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع

توثق لصداقة أدبية جمعت بين الناقد والروائي المغربيين

رسائل برادة وشكري... رغبة البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع
TT

رسائل برادة وشكري... رغبة البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع

رسائل برادة وشكري... رغبة البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع

صدرت أخيراً بمراكش الترجمة الفرنسية للمراسلات التي جمعت بين الكاتبين المغربيين محمد برادة ومحمد شكري، والتي سبق أن رأت النور بالعربية، قبل أكثر من عقدين، تحت عنوان «ورد ورماد».
وحافظت الترجمة الفرنسية، التي أنجزها الكاتب والمترجم محمد حمودان لدار النشر «كراس المتوحد»، على عنوانها الأصلي.
وتنقل الرسائل لصداقة أدبية جمعت بين برادة وشكري، قال عنها برادة «على رغم اختلافات بيننا في طريقة العيش وتحليل الأوضاع السياسية، فإن صداقتنا ظلت قوية ومُسترسلة إلى حين وفاته. لقد كان مؤنساً في جلساته، متفتحاً على الآخرين، مُقبلاً على الحياة... ومن ثم فإن صداقتنا كانت تغتني من الاختلاف ومن التواطؤ تجاه ضرورة التجديد والجرأة في الإبداع».
ولقيت الرسائل، منذ صدورها في كتاب عام 2000، اهتماماً كبيراً، يظهر من خلال عدد الدراسات والتحليلات التي كتبت حولها.
وكان برادة قد قدم للكتاب، بالعربية، بـ«إشارة»، مما جاء فيها «الحوار امتد بيني وبين شكري خلال اللقاءات ثم عبر الرسائل؛ لأنني وجدت فيه محاورِاً قريباً إلى النفس، متصفاً بالتلقائية والصراحة. وكان يخيل إلي ولعلي كنت مخطئاً، أن شكري يحتاج إلى من يذكّره بضرورة الاستمرار في الكتابة لمقاومة تفاهة المحيط الذي كان يعيش فيه. لكنني، وأنا أعيد قراءة الرسائل الآن، وجدت أن إلحاحاتي هي أيضاً نوع من التذكير لنفسي بأن الكتابة أهم من النشاطات السياسية والثقافية التي كنت مشدوداً إليها. وأظن أن كتابة الرسائل تستجيب للحظات جد حميمية تستشعر فيها رغبة البوح والمكاشفة والتفكير بصوت مرتفع. وللأسف أن تقاليدنا في المراسلات بين الأصدقاء المبدعين قليلة إن لم تكن منعدمة. من ثم وجدت، ومعي الصديق شكري، أن نشر هذه الرسائل التي امتدت ما بين 1975 و1994 قد يكون مضيئاً لبعض التفاصيل التي التقطتها الرسائل وهي في حالة مخاض. وقد يرسم ملامح أخرى لا يتسع لها النص الإبداعي».
تنقل الرسائل المراحل التي قطعتها رواية «الخبز الحافي» قبل أن تصدر بالعربية عام 1982، ونكتشف فيها، أيضاً، ظروف كتابة عدد من إصدارات برادة، بينها «لعبة النسيان» و«الضوء الهارب»، كما تطرح الرسائل أسئلة عديدة، بينها سؤال الكاتب وسؤال الكتابة، وتقدم أجوبة عديدة عن كتابة الرواية، في حين توثق لفترة مهمة من التاريخ الأدبي المغربي.
ومن آراء ووجهات نظر الكاتبين بصدد عدد من القضايا والانشغالات الشخصية والعامة، وكذا الأسئلة المحيطة بالكتابة، حديث شكري عن «الخبز الحافي»، في رسالة مؤرخة في أغسطس (آب) 1987، «لقد كتبته وتركتهم يختصمون!».
ويعود بيان ناشر الترجمة الفرنسية إلى أول لقاء جمع بين برادة وشكري، وما سيتلوه من لقاءات «في شارع باستور، خلال عطلة صيف 1972، التقى الكاتبان المغربيان محمد برادة ومحمد شكري لأول مرة. في أواخر يناير (كانون الثاني) 1975، سيبادر برادة ويكتب لصديقه شكري، رسالة تكمل حواراً بدآه في طنجة ذات صيف. يؤكد فيها بأن (كتابة الرسائل إلى الأصدقاء ليست عملاً سهلاً، فهي أيضاً كتابة بالمعنى «المطلق»، وما يستلزم ذلك من مخاض وحبل وولادة)». بعد ستة أشهر سيرسل برادة رسالة أخرى، كتب فيها «قرأت الفصل الذي أعطيته لي من سيرتك العاطرة (من أجل الخبز وحده) ووجدته ممتعاً ومليئاً باللقطات الإنسانية. وأعتقد مبدئياً أن لا شيء يحول دون نشرها هنا في المغرب».
في فبراير (شباط) 1979، ستنقل أول رسالة من شكري لحالة الحزن التي كان عليها كاتب «زمن الأخطاء»: «العام ما زال شاباً، لكنه مشؤوم بالنسبة لي. لقد حدث لي فيه أشياء جد مزعجة، حتى أنني فكرت في الانتحار مرات عدة في الأسبوع الماضي».
سيكتب شكري طيلة شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة نفسها، لصديقه برادة عدداً من الرسائل. كان شكري وقتها في مستشفى الأمراض العصبية، بتطوان. وسيكتب مع بداية 1978 «أنا ماضٍ في استنساخ القصص على الآلة. اخترت 18 قصة. الأخرى مزقتها». كما يبوح، في الرسالة ذاتها، بما يلي «لا أبالغ إن قلت لك بأني في حاجة دائماً إلى من يحفزني على العمل. فلولا بول بولز لما كتبت سيرتي الذاتية ولا كتابي عن تينيسي وليامز وجان جونيه. إنني مصاب بالكسل اللذيذ وأيضاً بهوس الكتابة إلى حد الانهيار». في 1979، سيصدر برادة مجموعته القصصية «سلخ الجلد»، بينما أصدر شكري «مجنون الورد».
تتحدث الرسائل عن تفاصيل صدور الطبعة العربية الأولى من «الخبز الحافي» عام 1982، وتبرز كيف أشرف برادة بنفسه على أطوار طباعة وتصحيح الكتاب. يقول برادة في رسالة كتبها في 19 أبريل (نيسان) 1982 «زرت أمس المطبعة ورأيت (الخبز الحافي) مصفوفاً، ولم أكد أصدق أن حلمنا سيتحقق قريباً وستعرف سيرتك العطرة طريقها إلى التلاميذ والشباب والكهول لتنقل لهم صورة عن حياة الأغلبية ممن يحاذونهم ولا يلتفتون إلى بؤسهم أو وحدتهم وحرمانهم... سيسلمني صاحب المطبعة التصحيح يوم 10 يونيو (حزيران)، وسأتولى تصحيحه... إذا أردت أن تكتب صفحة واحدة عن صدور الأصل بالعربية في شكل جميل وساخر فإن بالإمكان أن ندرجها في البداية».
في مايو (أيار) 1984، ستتناول رسالة من برادة أسباب منع «الخبز الحافي»، مما جاء فيها «يظهر أن لقرار منع (الخبز الحافي) و(موسم الهجرة إلى الشمال) علاقة باحتجاج جمعية الآباء في بعض المدن المغربية؛ لأنهم وجدوا أبناءهم (في الثانية والثالثة عشرة) يقرأون الكتابين من دون مراعاة السن». وأضاف «المهم أن نحو 16 ألف نسخة قد وزعت من كتابك؛ وبذلك تكون قد بلغت كلمتك». سيعلق بيان الناشر على رسالة برادة إلى شكري بخصوص توزيع «الخبر الحافي» في منتصف ثمانينات القرن الماضي «ست عشرة ألف نسخة! يبين حجم التوزيع درجة إقبال الناس على القراءة. كان المغاربة في ذلك الوقت يقرأون ويشترون كتباً! كان مجتمعاً قارئاً».
يشير بيان ناشر الرسائل، في ترجمتها الفرنسية، إلى أنه في أواخر سبعينات وبدايات ثمانينات القرن الماضي، كانت اهتمامات برادة تتوزع بين النقد الأدبي والترجمة، فضلاً عن كتابة القصة. وعندما انتخب رئيساً لاتحاد كتاب المغرب سنة 1976، عمل على ترسيخ قيم الحداثة. يضيف بيان الناشر «هنا تظهر الحاجة إلى السفر بعيداً عن مشاغل الرباط. للكتابة، طبعاً، علاقة بالمكان. في شاتونوف، التي قضى بها جزءاً من صيف 1980، سيعمل 10 ساعات في اليوم، وسينتهي في ظرف شهر من ترجمة (الدرجة الصفر للكتابة)، وكتابة بعض القصص.
يذكر في إحدى بطاقاته البريدية التي بعثها لصديقه شكري من جنوب شرقي فرنسا، ما يلي (إقامتي، إذن، جد مثمرة؛ لأنني استطعت أن استثمر الوقت بكيفية جيدة تختلف عن مشاغل الرباط وحياتها)».
يشير بيان الناشر إلى أنه خلال أشغال مؤتمر الرواية العربية الذي انعقد بفاس عام 1979، سيلتقي الطاهر بن جلون بشكري، وكيف اقترح برادة على بن جلون أن يقرأ «الخبز الحافي»، وأن يترجمها إذا أعجبته. وبالفعل، فقد وجد بن جلون في الكتاب نصاً يستحق الترجمة، وكتب تقديما مليئا بالإعجاب. وصدرت ترجمة «الخبز الحافي» بالفرنسية عام 1980.
وسيكتب برادة لشكري بتاريخ 19 مارس (آذار) 1991 «أنا سعيد لأنك عدت للكتابة والمقاومة عبر الكلمة، فهي التي تبقى... أما لحظات السكر والثرثرة والمتعة الحسية فإنها سرعان ما تتحول إلى رماد». وفي 19 أغسطس 1994، سيكتب برادة لشكري ما يلي «هل أذكرك بمشروع الرسائل؟ هل نفضت عنها الغبار واستخرجت منها صورة لترسلها إلي؟». وفي 11 يوليو (تموز) 1996، سيكتب برادة لشكري من باريس «كنت أود أن أسألك أين وصل مشروع نشر بعض رسائلنا المشتركة كما اقترحت عليك ذلك منذ أزيد من سنة. وطلبت منك أن تصور لي نسخاً من رسائلي إليك، وسأفعل الشيء نفسه، ليتم ترتيبها حسب التواريخ، والموضوعات. هل أنت موافق؟ متى يمكنك أن توافيني بالرسائل؟ سؤالان محددان أرجو أن تجيبني عنهما في أقرب وقت».
وتستمر الرسائل والبطائق حتى سنة 1997. وقد كان برادة حريصاً على جمعها وإصدارها في كتاب.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.