شاشة الناقد

زوج بريء من كل ذنب(2*)

ليام نيسون في «مخطوفة 3»
ليام نيسون في «مخطوفة 3»
TT

شاشة الناقد

ليام نيسون في «مخطوفة 3»
ليام نيسون في «مخطوفة 3»

خطفوا ابنته في باريس في الفيلم الأول، وخطفوا زوجته في تركيا في الفيلم الثاني. أما في هذا الجزء الثالث فإن الخطف لم يستمر طويلا. حملوا الزوجة إلى سيارة ثم إلى بيت مطلّقها حيث ذبحوها وتركوها هناك لكي يأتي الزوج ويكتشف جثّتها في الوقت الذي يصل فيه البوليس ويعتقد، بطبيعة ساذجة، أنه لا بد أن يكون القاتل.
«مخطوفة 3» هو الجزء الأخير من هذه الثلاثية والجزء الأقل إجادة. ما زال فيلما مثيرا لطلاب الترفيه ومشوّقا للراغبين في إثارة مبعثها السيارات الطائرة في الفضاء قبل أن تهوي فوق سيارات أخرى، أو في تلك التي تشق طريقها عكس السير، لكن تحقيق الفيلم لتلك الإثارة مبني على قدر كبير من التبسيط.
برايان (ليام نيسون) وزوجته لينور (فامكي جانسن) تطلّقا بعد الجزء التركي. هكذا يقدّمهما الفيلم لنا. برايان لا يزال الآن غيورا على مصلحة ابنته الشابة (ماغي غريس) التي استقلت وصار لديها «بويفرند». بالنسبة إليه ما زالت ابنة السابعة التي ستفرح إذا ما اشترى لها دمية على شكل دب. يكتشف حينها كم هو بعيد عن المواكبة. لكن مشكلته تبدأ حين تلجأ إليه مطلّقته لينور شاكية من أن حياتها مع زوجها الجديد ليست على ما يرام ثم حين يلجأ إليه زوجها الجديد ليطلب منه التوقّف عن مقابلتها. بعد ذلك مباشرة ها هي لينور تموت مقتولة في فراش برايان وها هو بطلنا الماهر والحذق يهرب من تهمة جاهزة يحاول بوليس لوس أنجليس (حيث تقع الأحداث) إثباتها عليه.
لحين يبدو الفيلم وقد دخل محراب ذلك العمل الأفضل الذي حققه أندرو ديفيز بعنوان «الهارب» الذي قام هاريسون فورد ببطولته لاعبا دور الطبيب الجرّاح المتهم بقتل زوجته والهارب من العدالة بينما يحاول البحث عن القاتل الحقيقي لإثبات براءته. هنا لدينا الممثل الأفرو - أميركي فورست ويتيكر ليحتل الدور الذي لعبه هناك تومي لي جونز، وبل هناك مشهد مجارير يرمي البطل نفسه فيها لكي يهرب من ملاحقيه.
لا يتأخر أوليفر ميغاتون، مخرج هذا الفيلم والجزء السابق، عن تطويع مهارته التقنية لتصوير الأمكنة على نحو مشبع. لكن بما أن لوس أنجليس ليست اسطنبول في الفيلم الثاني ولا هي باريس (في الفيلم الأول) وبما أنها كانت مسرحا لمئات الأفلام التي صوّرتها من كل زاوية ممكنة، فإن الحرص على إشراك البيئة المدنية والتصميمية للمدينة يواجه بحقيقة أننا شاهدنا كل ذلك من قبل.
لكن ما هو أكثر تأثيرا على هذا النحو السلبي حقيقة أن هذه الميكانيكية التي يعمل المخرج ميغاتون بها (وهي مطلب المنتج لوك بيسون أساسا) لا تترك للشخصيات ما تقوم به على نحو مستقل. بكلمات أخرى، تسحب اللقطات المعهودة والروتينية المُعالجة بمونتاج لا يقل ميكانيكية، من الشخصيات الروح التي كان عليها أن تبقى حاضرة لمنح شخصيات الفيلم ما هو أكثر من الفعل ورد الفعل.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.