عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> الدكتور عبد العزيز بن علي الصقر، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس، التقى أول من أمس، وزير الدفاع التونسي، إبراهيم البرتاجي. وعبر الوزير عن رغبة بلاده في رفع نسق التعاون الإيجابي المشترك بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات العسكرية، خصوصاً في مجال التدريب، منوهاً بالمستوى العالي الذي تشهده الأكاديميات والمدارس العسكرية بالمملكة. فيما ثمن السفير حرص تونس على فتح قنوات تعاون جديدة، مؤكداً حرص المملكة وسعيها على تمتين علاقات التعاون مع جميع الدول الصديقة والشقيقة.
> الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، رئيس مجلس الوزراء الكويتي، استقبل أول من أمس، سفير جمهورية قبرص لدى دولة الكويت شار الامبوس حادجيسافاس، في قصر السيف، وذلك بمناسبة انتهاء مهام عمله الدبلوماسي بالكويت.
> الشيخ طلعت صفا تاج الدين، المفتي العام لروسيا ورئيس النظارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، اجتمع أول من أمس، بسفير مملكة البحرين لدى روسيا الاتحادية، أحمد عبد الرحمن الساعاتي، حيث تقدم المفتي بالتهنئة للملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، مشيداً بدعم الملك ورعايته للإسلام والمسلمين والمبادرات الرائدة لترسيخ التسامح ونشر ثقافة السلام واحترام التنوع الديني والثقافي على الأصعدة كافة.
> جوناثان كوهين، سفير أميركا في القاهرة، زار أول من أمس، متحف الحضارة المصرية بالقاهرة، وتجول بقاعة المومياوات الملكية، ونشرت السفارة الأميركية على حسابها على موقع «تويتر» صوراً من زيارة السفير للمتحف. وقالت: «السفير كان سعيداً بزيارة هذه الكنوز المصرية في منزلهم الجديد بالمتحف القومي للحضارة المصرية»، وتابعت: «انضم السفير إلى العالم في مشاهدة الموكب الذهبي الرائع لمومياوات الفراعنة في وقت سابق من هذا الشهر، وكان سعيداً بزيارة هذه الكنوز المصرية في منزلها الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية».
> محمد علي بوغازي، وزير السياحة والصناعة التقليدية والعمل العائلي بالجزائر، شارك أول من أمس، في افتتاح معرض لبيع المنتجات التقليدية والفنية لفائدة السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، بمقر وزارة الشؤون الخارجية. وأوضح أن المعرض يعطي بعداً ملموساً للدبلوماسية الاقتصادية، ويعكس تشجيع الحكومة لشريحة الحرفيين وتقدير مكانتهم كسفراء للثقافة الجزائرية العريقة. وأضاف أن المعرض يهدف إلى ترقية الصناعة التقليدية كمورد للثروة والولوج إلى الأسواق العالمية بما من شأنه الإسهام في التنمية الوطنية الشاملة.
> غلين مايلز، سفير أستراليا في القاهرة، التقى أول من أمس، السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، لبحث آفاق التعاون الزراعي بين البلدين. وأكد الوزير على حرص مصر على التعاون البناء القائم على المصالح المشتركة، مشيراً إلى النهضة التي شهدتها الزراعة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أن الزراعة أثبتت خلال أزمة «كورونا» أنها من القطاعات المهمة الداعمة لاقتصاديات الدول. واتفق الجانبان على تشكيل لجنة فنية لمتابعة ما يتم الاتفاق عليه والإسراع بتنفيذه على أرض الواقع.
> لمرابط ولد بناهي، وزير الثقافة والصناعة التقليدية الموريتاني، التقى أول من أمس، السفير الصيني بموريتانيا لي باي جون، وتناولت المباحثات علاقات التعاون القائم بين البلدين والسبل الكفيلة بتعزيزه وتطويره، خصوصاً في مجال العمل الثقافي، وتفعيل برنامج التعاون الثقافي بين موريتانيا والصين الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 على هامش المنتدى الصيني العربي (وزراء الثقافة العرب). حضر اللقاء مدير التعاون الخارجي بوزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان حد معلوم ولد باب، ومستشارون من السفارة الصينية في موريتانيا.
> محمد أبو قديس، وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الأردني، تفقد أول من أمس، عدداً من المدارس في محافظتي عجلون وجرش للاطلاع على احتياجاتها. وأكد الوزير على أن هذه الزيارة تأتي ضمن نهج الوزارة لمتابعة احتياجات المدارس من أجل توفير بيئة تعليمية آمنة وإمكانية إجراء عمليات التطوير والتحديث بمبانيها، بالإضافة إلى التواصل مع الميدان التربوي للاطلاع على واقع الاستعدادات لبدء العام الدراسي الجديد، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ أعمال صيانة المدارس التي تجريها الوزارة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)