وفد إسرائيلي إلى واشنطن للمطالبة بتمديد العقوبات على إيران

مئير بن شبات (رويترز)
مئير بن شبات (رويترز)
TT

وفد إسرائيلي إلى واشنطن للمطالبة بتمديد العقوبات على إيران

مئير بن شبات (رويترز)
مئير بن شبات (رويترز)

يبدأ قادة الجيش والمخابرات وأجهزة البحوث الاستراتيجية الإسرائيليون، غداً (الأحد)، مداولات مكثفة ستستغرق خمسة أيام مع المسؤولين الأميركيين، في محاولة للتأثير على الموقف الأميركي من الملف الإيراني. وقال مسؤول أمني إسرائيلي، أمس (الجمعة)، إن الجهاز الأمني سيحاول تخفيف التوتر القائم في الحلبة السياسية مع الإدارة الأميركية ولن يطلب عدم التوصل إلى اتفاق نووي جديد ولكنه سيطلب تضمين الاتفاق شروطاً منها عدم إلغاء العقوبات الأميركية بل تأجيل إزالتها إلى حين تُثبت إيران جدية نياتها، وسيطالب بتشديد الرقابة على البرنامج النووي الإيراني.
وقالت مصادر سياسية إن الموقف السياسي المتشدد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سينعكس في اللقاءات التي يجريها الوفد السياسي الاستراتيجي الإسرائيلي، برئاسة مئير بن شبات، وعضوية السفير الإسرائيلي في واشنطن والأمم المتحدة غلعاد أردان، وممثلين عن وزارات مختلفة في الحكومة، والذي سيصل إلى واشنطن بعد غد (الاثنين). وهذا الوفد سيطلق من واشنطن حملة سياسية دولية ضد إيران وممارساتها العدوانية ومخططها للهيمنة على الشرق الأوسط والعالم.
وقالت هذه المصادر إنه إزاء الخلافات في الطرح ما بين نتنياهو والقيادة العسكرية، تقرر تقسيم الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن لوفدين مستقلين. الوفد العسكري يضم كلاً من رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس جهاز المخابرات الخارجية «الموساد» يوسي كوهين، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش «أمان» تمير هايمن. وسيلتقي كلا من رئيس الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي، ومستشار الأمن القومي جاك ساليفان، ووزير الدفاع لويد أوستن، ومسؤولين آخرين في وزارة الدفاع والجيش الأميركي. ونقل موقع «والا» الإلكتروني عن مسؤول أمني قوله إن «توقيت زيارة رئيس هيئة الأركان العامة بالغ الأهمية، لأنه قد يوقّع الاتفاق بعد أسبوع، ولذلك فإن هذا جهد أخير لاستعراض الواقع الأمني في الشرق الأوسط وتبعات الاتفاق». وأضاف: «نريد ألا تكون بنود غروب الشمس (إزالة القيود عن البرنامج النووي الإيراني بعد عشر سنوات) قريبة بهذا الشكل، وأن يكون الإشراف والرقابة على كافة المركبات: التخصيب بكل أنواعه، وانتشار السلاح وكيفية بناء قنبلة. ومستوى الرقابة على السلاح منخفض اليوم».
وأكد أن وفد كوخافي سيركز خلال المحادثات على البرنامج النووي الإيراني وتموضع إيران في الشرق الأوسط خصوصاً في سوريا ولبنان. وسيستعرض كوخافي «معلومات استخباراتية حساسة» حول البرنامج النووي وحضور إيران في المنطقة، وجهود «حزب الله» من أجل تحسين دقة الصواريخ والتعاون بين «حزب الله» ومنظمات أخرى. وسيحاول توضيح أن الضربات العسكرية الإسرائيلية لإيران ضرورة حيوية تساعد الموقف الدولي ضد النووي الإيراني ومشروع الهيمنة.
أما الوفد السياسي برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات، فسيحاول التركيز على الجانب السياسي في محاولة للتأثير على مواقف إدارة الرئيس جو بايدن في محادثات الاتفاق النووي. وقال مصدر سياسي إن الوفد الإسرائيلي يسعى لمجابهة الطروحات التي أطلقتها إيران ويتبناها بعض قوى اليسار الأميركي والتي تضع «ديمونة مقابل نطنز». وأضاف: «هذه محاولة تضليل إيرانية لا ينبغي للغرب أن يتبناها. فالخطر الذي يواجه البشرية اليوم هو النووي الإيراني وما يرافقه من نشاط عسكري وإرهابي».
من جهة أخرى، خرج ثلاثة مسؤولين أمنيين إسرائيليين كبار سابقين محذّرين من السياسة الإسرائيلية الرافضة للاتفاق النووي، وهم: رئيس الموساد الأسبق أفرايم هليفي، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) الأسبق أهارون زئيفي فركاش، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق تشيك فرايلخ. ففي مقال نشرته صحيفة «هآرتس»، أمس (الجمعة)، كتبوا أن «إسرائيل توجد اليوم أمام مفترقين استراتيجيين بالغي الأهمية ومتوازيين: المواجهة مع إيران والعلاقات مع الولايات المتحدة. والولايات المتحدة عازمة على العودة إلى الاتفاق النووي، وهكذا إيران أيضاً. وإذا لم تحدث مفاجآت، فإنه بالإمكان النظر إلى العودة للاتفاق على أنها حقيقة منتهية».
ودعا المسؤولون السابقون إلى تغيير السياسة الإسرائيلية: «إيران لم تصل بعد إلى القنبلة. التقديرات الأخيرة لـ(أمان) أن إنتاج القنبلة سيستغرق سنتين على الأقل منذ اتخاذ قرار بهذا الخصوص، وقرار كهذا لم يُتخذ منذ سنوات كثيرة. وبدلاً من تخويف شعب إسرائيل بأوصاف مبالَغ فيها حول تهديد إيراني داهم، من اللائق بث رسالة أخرى، أقرب إلى الواقع. ورغم أن إسرائيل تقف أمام تهديد كبير، لكن وجودها مضمون».
وإزاء خط المواجهة الذي يتبعه نتنياهو مع إدارة بايدن، دعا المسؤولون الثلاثة إلى «تنسيق حقيقي وبأعلى مستوى مع الولايات المتحدة، والامتناع عن إطلاق تصريحات حول أهمية التنسيق وإلى جانبها تصريحات وممارسات تعد في الولايات المتحدة محاولة لتخريب الجهود للعودة للاتفاق النووي». وحذروا أيضاً من توجه بعض الجنرالات الذين يهددون بالحرب ضد إيران. وأكدوا أن «التخوف الأميركي من هجوم عسكري إسرائيلي في إيران، كان أحد الاعتبارات التي دفعت أوباما إلى اتفاق سريع مع إيران عام 2015، وممارسات إسرائيلية ليست منسقة مع إدارة بايدن قد تؤدي إلى نتيجة مشابهة». ودعا الثلاثة القيادة الإسرائيلية إلى «تأييد العودة إلى اتفاق نووي أفضل بقدر الإمكان».
وأشاروا إلى أن «المس بالعلاقات مع الولايات المتحدة هي الآن التهديد الاستراتيجي الأساسي». وتساءلوا: «هل من حاجة إلى التذكير بأنه من دون السلاح الأميركي ستتضرر قوة الجيش الإسرائيلي؟». وأيّد الثلاثة استمرار العمليات السرية الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، لكنهم حذروا من خطورة التسريبات والتباهي الإسرائيلي بها. كما أيّدوا إعداد خطط هجومية لاستهداف البرنامج النووي، واستمرار الهجمات السيبرانية.



ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
TT

ماكرون يرسم خطوطاً حمراء للتعاون مع دمشق

الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)
الرئيس إيمانويل ماكرون متحدثاً في إطار الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا عبر العالم في قصر الإليزيه الاثنين (رويترز)

احتلت ملفات الشرق الأوسط حيزاً واسعاً في الكلمة التي ألقاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ظهر الاثنين، في قصر الإليزيه، بحضور سفراء فرنسا عبر العالم وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وبالنظر للتطورات الجارية في سوريا، فقد حرص ماكرون على إبراز موقف واضح، مشدداً على أن بلاده «لم تصدق أبداً أن الديكتاتور (في إشارة إلى بشار الأسد) يمكن إعادة تأهيله».

إلا أنه في الوقت عينه، دعا إلى التزام الحذر «من خلال النظر إلى تغيير النظام في سوريا من دون سذاجة». وما حرص عليه ماكرون يكمن في رسم ما يمكن تسميته «خريطة طريق» لكيفية التعامل مع السلطات الجديدة في دمشق، وما تتوقعه باريس والعواصم الأوروبية الأخرى، من السلطة الجديدة، مع التذكير بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بايربوك مؤخراً إلى دمشق.

الأكراد «الحلفاء الأوفياء»

قوات من «قسد» في تدريب مشترك مع القوات الأميركية شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

وفيما تتصاعد المعارك في الشمال السوري بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، والقوات الحليفة لتركيا، حرص ماكرون على التأكيد بقوة على موقف بلاده من الأكراد الذين وصفهم بـ«الحلفاء الأوفياء» في محاربة تنظيم «داعش»، ملمحاً إلى أن بعض الدول كانت مستعدة للتخلي عنهم، في تلميح للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي كان مستعداً في عام 2018 لسحب القوات الأميركية لتسهيل سيطرة تركيا على المنطقة.

وقال ماكرون: «نحن نعي الدين الذي ندين به لمجمل (القوات الديمقراطية السورية) وللمقاتلين من أجل الحرية مثل الأكراد، الذين تحلوا بالشجاعة في محاربة المجموعات الإرهابية». وأضاف أن بلاده «لم تتخل عنهم أبداً، ولن نتخلى عنهم في المسار الجديد، ونحن متيقظون لعملية الانتقال السياسي» الجارية حالياً في سوريا.

وتابع: «ما تريده فرنسا هو قيام سوريا ذات سيادة وحرة وتحترم تعدديتها الإثنية والسياسية والطائفية». وشدد ماكرون على أهمية أن تضم العملية الانتقالية الديمقراطية «كل مكونات المعارضة» للنظام السابق، بالتوازي مع «توفير الأمن للاجئين للعودة إلى بلادهم ومواصلة محاربة الإرهاب بشكل واضح، وتدمير كل البنى المنتجة للسلاح الكيماوي وشبكات إنتاج وتهريب المخدرات».

ويرى ماكرون، في إشارة على الأرجح للبنان، أنه «يتعين على سوريا أن تشارك في ضمان الأمن والاستقرار الإقليميين»، مذكراً بـ«مؤتمر بغداد» في نسخته الثالثة التي ستعقد في الربيع القادم، دون أن يحدد مكان انعقادها، لعرض تنفيذ مشاريع إقليمية «لمصلحة الجميع ولتحقيق السلام والأمن».

وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن شدد، في حديث صحافي، الأحد، على ضرورة ألا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم نظام الأسد لإضعاف سوريا، مشيراً إلى أن سوريا «تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا... وتُضعفها بشكل إضافي».

وبحسب جان نويل بارو، فإن «مستقبل سوريا يعود إلى السوريين. وانطلاقاً من وجهة النظر هذه، فإن هدف السيادة الذي أظهرته السلطة الانتقالية وممثلو المجتمع المدني و(أفراد المجتمعات) الذين التقيناها كذلك هو أمر سليم». وكان بارو يلمح للدور المتعاظم الذي لعبته وتلعبه تركيا في العملية الانتقالية الجارية حالياً.

الدور الإيراني

قاآني يستقبل الرئيس مسعود بزشكيان خلال مراسم ذكرى قاسم سليماني في طهران الخميس الماضي (الرئاسة الإيرانية)

بيد أن أشد العبارات استخدمها ماكرون في الحديث عن إيران التي اعتبرها «التحدي الأمني والاستراتيجي الرئيسي» في الشرق الأوسط. وجاء في حرفية كلام ماكرون أن إيران «تشكل التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير»، محذراً من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى حافة القطيعة».

وما يعنيه الرئيس الفرنسي أن طهران اقتربت كثيراً من الحصول السلاح النووي. واللافت أن ماكرون يعد أحد القادة الغربيين القلائل الذين يحافظون على خط تواصل دائم مع القيادة الإيرانية. لكن يبدو أن قرب عودة ترمب إلى البيت الأبيض يجعل الأوروبيين ومنهم فرنسا يلجأون إلى خطاب أكثر تشدداً إزاء طهران.

وجاء لافتاً أن ماكرون أشار في كلامه، وفي إطار نظرته لما تمثله إيران، إلى «أنها ستكون، بلا شك، واحدة من القضايا الرئيسية في الحوار الذي سنقيمه مع الإدارة الأميركية الجديدة». ومن المرجح أن ينتهج الرئيس ترمب خطاً بالغ التشدد إزاء طهران، بحيث يذهب أبعد من التدابير التي اتخذها بحقها إبان ولايته الأولى. وثمة مراكز بحثية أميركية لا تتردد في الحديث عن اللجوء إلى ضربات عسكرية مشتركة إسرائيلية - أميركية ضد البرنامج النووي الإيراني.

حقيقة الأمر أن ماكرون أقام «مضبطة اتهام» بحق طهران وقادتها. وتشمل هذه المضبطة ما تعتبره باريس دوراً مزعزعاً للاستقرار في الشرق الأوسط وأبعد منه تقوم به طهران؛ في الإشارة إلى الدعم الذي تقدمه «للمجموعات التي تشكل خطراً في جميع مناطق المواجهة في الشرق الأوسط»؛ في إشارة إلى «حزب الله» و«حماس» و«المجموعات الميليشياوية في العراق»، فضلاً عن الحوثيين في اليمن.

غير أن أهم إعلان صدر عن ماكرون تناول إشارته إلى احتمال تفعيل الآلية المسماة «سناب باك» التي يعاد بفضلها الملف النووي إلى مجلس الأمن، ويمكن أن تعقبه إعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك، بإشارته إلى أن أمراً كهذا يمكن أن يحل في الخريف القادم. وقال ماكرون: «خلال الأشهر المقبلة، سيتعين أن نسأل أنفسنا ما إذا كان يتعين علينا استخدام... آلية إعادة فرض العقوبات على إيران»، مشيراً إلى أن أكتوبر (تشرين الأول) 2025، هو الموعد الذي تنتهي فيه اتفاقية 2015 رسمياً.

يأخذ الغربيون على إيران انخراطها في الحرب الروسية على أوكرانيا، كما أنهم يتخوفون من البرنامج الصاروخي - الباليستي الإيراني الذي يمكن أن يشكل تهديداً لأوروبا.

وتخطط باريس لأن يدور حوار واضح بينها وبين واشنطن حول سبل التعاطي مع إيران، التي تزايدت المخاوف الغربية منها بعد أن وصلت صواريخها إلى الأراضي الإسرائيلية. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، صدرت قرارات قوية بخصوص إيران. بيد أن الدول الغربية وعلى رأسها الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015، امتنعت عن تفعيل آلية «سناب باك» لأسباب مختلفة ومتغيرة.

لكن يبدو أن الغربيين عازمون، أخيراً، على اجتياز خطوة مهمة فيما إيران أصيبت إقليمياً بالضعف بسبب حرب إسرائيل على «حماس» ولبنان وضرباتها ضد الأراضي الإيرانية نفسها وضد الحوثيين، ومؤخراً تدمير قدرات الجيش السوري العسكرية. لكن هذا التصعيد يترافق مع محاولات دبلوماسية للدول الأوروبية الثلاث - فرنسا وبريطانيا وألمانيا - للبحث عن مخارج دبلوماسية للأزمة مع إيران، ومن ذلك الاجتماع المقرر في 13 الجاري. وآخر ما تشكو منه باريس هو محاولات إيران الانغراس في أفريقيا، التي ترى فيها فرنسا إضراراً بمصالحها.

لبنان

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (أ.ف.ب)

لم يأت الرئيس الفرنسي بجديد بالنسبة للبنان «حيث لفرنسا تاريخ طويل والكثير من المواطنين والأصدقاء». وما يسعى إليه ماكرون هو توفير الهدوء على طول «الخط الأزرق»، من خلال مشاركة وحدات فرنسية في قوة «اليونيفيل»، وتسهيل انتشار الجيش اللبناني «بشكل حاسم» جنوب نهر الليطاني وامتداداً حتى الحدود مع إسرائيل.

ولم يتوقف ماكرون طويلاً عند العقبات التي يواجهها وقف إطلاق النار والشكاوى الكثيرة التي تقدم بها لبنان ضد الانتهاكات الإسرائيلية، التي لا تحترم الآلية التي توصلت إليها فرنسا بالتشارك مع الولايات المتحدة. كذلك بقي ماكرون عند العموميات فيما يخص موضوع الفراغ المؤسساتي وعملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مذكراً بالحاجة لإنجاح المسار السياسي، ومشيراً إلى الجهود التي يبذلها ممثله الوزير السابق جان إيف لو دريان في هذا الخصوص.

وبحسب ماكرون، فإن انتخاب رئيس جديد «يمثل الخيار الحاسم الذي من شأنه توفير السيادة اللبنانية، ويفتح الطريق لتشكيل حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية».

الاعتراف بدولة فلسطين

الدمار والخراب في قطاع غزة بعد أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المتواصل (أ.ف.ب)

كالعادة، ذكّر ماكرون بـ«الصداقة التاريخية» بين فرنسا وإسرائيل وتضامنه معها «في مواجهة الهمجية التي ظهرت في هجمات» «حماس» في 7 أكتوبر 2023، وضرورة إطلاق سراح الرهائن. كذلك أعرب ماكرون عن «تفهم بلاده لحاجة إسرائيل بألا تتكرر أمور كهذه وأن تضمن أمنها... ومما شدد عليه اعتباره أن الضربات الإسرائيلية (المستهدفة) في لبنان وسوريا وإسرائيل غيرت الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ما يرتب علينا جميعاً استخلاص النتائج وفتح أفق لسلام صلب ودائم وآمن للجميع في المنطقة».

وبحسب ماكرون «لا يمكن بناء هذا النوع من السلام على الأمن وحده، إذ يجب أن ينطوي على العمل الإنساني والسياسي، وهو شرط أساسي مطلق، أولاً وقبل كل شيء في غزة». وأضاف ماكرون: «لا يوجد أي مبرر عسكري لاستمرار العمليات الإسرائيلية والعرقلة المتعمدة للمساعدات الإنسانية، ولاستمرار العوز الشديد وحالة الجوع التي وصل إليها السكان المدنيون» في القطاع، معتبراً أنه ينبغي على إسرائيل «أن تضع حداً للحرب دون مزيد من التأخير، وأن تعترف بأن لديها شركاء للسلام، وأن تلتزم بتسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية، وذلك بالتنسيق مع جميع دول المنطقة بشأن غزة، والحفاظ على الأوضاع السياسية في الضفة الغربية وغزة».

ورغم سوداوية الوضع، يرى ماكرون أن «السلام ممكن، حيث إن المملكة العربية السعودية وشركاءنا العرب من ذوي النوايا الحسنة، (الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة) على وجه الخصوص، ملتزمون بذلك، وفرنسا قدمت ولا تزال تقدم دعمها الكامل».

وحث ماكرون الأوروبيين على العمل في هذا الاتجاه، وبالتنسيق مع الشركاء العرب، «من أجل حل الدولتين، مع احترام الاحتياجات الأمنية للإسرائيليين والتطلعات المشروعة للفلسطينيين».

ودعا الرئيس الفرنسي إلى «بناء إطار جديد للأمن والتعاون في الشرق الأوسط» مشيراً إلى أن «هذا هو هدف المؤتمر الدولي الذي بادرنا به مع المملكة العربية السعودية، والذي سيعقد في نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون علينا أن نجعل من هذا المؤتمر لحظة حاسمة». واختتم كلامه بالإشارة إلى أن فرنسا «يمكنها من هذا المنطلق التحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطين».