السجن والاغتيال والعزلة أو المنفى... مصير رؤساء سوريا السابقين

الانتقال الوحيد للسلطة جرى بين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي عام 1955

انتقال السلطة بين الرئيسين هاشم الأتاسي (يمين) وشكري القوتلي في عام 1955 (أرشيف أمين الرئاسة الراحل عبد الله الخاني)
انتقال السلطة بين الرئيسين هاشم الأتاسي (يمين) وشكري القوتلي في عام 1955 (أرشيف أمين الرئاسة الراحل عبد الله الخاني)
TT

السجن والاغتيال والعزلة أو المنفى... مصير رؤساء سوريا السابقين

انتقال السلطة بين الرئيسين هاشم الأتاسي (يمين) وشكري القوتلي في عام 1955 (أرشيف أمين الرئاسة الراحل عبد الله الخاني)
انتقال السلطة بين الرئيسين هاشم الأتاسي (يمين) وشكري القوتلي في عام 1955 (أرشيف أمين الرئاسة الراحل عبد الله الخاني)

أحد ممثلي «معارضة الداخل» محمود مرعي تقدم إلى جانب 18 شخصاً آخرين أحدهم الرئيس بشار الأسد، بطلب الترشح إلى انتخابات الرئاسة السورية، ليكون العدد غير مسبوق منذ أول اقتراع قبل حوالي تسعة عقود.
وينتهي الترشح في 28 الشهر الجاري، على أن تجرى الانتخابات في 26 الشهر المقبل، بموجب دستور العام 2012، الذي ينص على وجوب أن يحصل المرشح على 35 صوتا من أعضاء مجلس الشعب ذي الـ250 مقعداً. وفي انتخاباته العام الماضي، حصلت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة بقيادة «البعث» على 183 مقعداً (بينهم 166 بعثياً)، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وائتلاف الأحزاب المرخصة. وأعلنت دول غربية بينها أميركا أن الانتخابات «لن تكون حرة ونزيهة وذات مصداقية.
وحسب قرار مجلس الأمن 2254، تتطلب الانتخابات ذات المصداقية في سوريا إشراف الأمم المتحدة وبيئة آمنة تضمن حماية جميع السوريين، بمن في ذلك اللاجئون والنازحون داخلياً، لممارسة حقهم في التصويت». ولن يكون معظم اللاجئين في الخارج (عدا في لبنان)، قادرين على المشاركة بسبب وجود شرط «الخروج الشرعي" ووجود جواز سفر سوري، لتملك الحق بالتصويت، كما أن معظم الدول الغربية أغلقت البعثات الدبلوماسية السورية. في المقابل، اعتبرت روسيا وإيران هذه الانتخابات "استحقاقا دستورياً"، حيث يتوقع أن يفوز الرئيس بشار الأسد بها بولاية رابعة مدتها سبع سنوات.

كيف وصل رؤساء سوريا إلى الحكم؟

تحمل الإنتخابات الرئاسية السورية المقبلة الرقم 18 منذ انتخابات العام 1932، التي جرت تحت الإنتداب الفرنسي الذي تسلم البلاد في 1920، وتنافس فيها ستة مرشحين، ما كان يمثل أكبر عدد من المتنافسين في انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد، قبل ارتفاع العدد في الإنتخابات الحالية إلى 13 مرشحاً.قبل تسعة عقود، كان اثنان من المتنافسين حاكميْن سابقيْن للبلاد، هما حقي العظم رئيس «دولة دمشق»، وصبحي بركات رئيس الدولة السابق، واثنان هما رئيس الوزراء، آنذاك، تاج الدين الحسيني، ورئيس الوزراء  السابق رضا الركابي. أما المرشحان المتبقيان، فأصبحا في وقت لاحق أول وثاني رئيس لسوريا: محمد علي العابد وهاشم الأتاسي. وكان الأول سفير السلطنة العثمانية في واشنطن ووزير المال في «الاتحاد السوري الفيدرالي» والثاني كان ممثل «الكتلة الوطنية».في 1936، ترشح الأتاسي وفاز بالتزكية لغياب المنافسين، فيما عَيَّن قائد «قوات فرنسا الحرة» شارل ديغول تاج الدين الحسني في 1941. وأصبح أحد أركان «الكتلة الوطنية»، شكري القوتلي، رئيساً بعد فوزه دون منافس في عامي 1943 و1947.

وفي العام 1949، قام حسني الزعيم بأول انقلاب في تاريخ سوريا، وأجرى استفتاءً هو الأول في تاريخ البلاد. واللافت هنا أن بشير كمال، ممثل «حزب الله» السوري آنذاك، والذي كان شعاره «نور الله»، ونشط في حلب بشكل سلمي تحت تأثير أفكار المهاتما غاندي، رشح نفسه، لكنه «نُصِح بالإنسحاب من السباق» وسرت إشاعة منظمة بأنه «مجنون».

بعد فترة وجيزة، قام سامي الحناوي بانقلاب ضد حسني الزعيم وأصبح رئيساً لأركان الجيش، وطلب من «القائد التاريخي» هاشم الأتاسي «الإشراف على انتخابات مؤتمر تأسيسي»، ثم أصبح رئيساً للحكومة. وبعد المؤتمر التأسيسي، انتخب الأتاسي رئيساً لسوريا. وعندما نفَّذَ أديب الشيشكلي انقلابه، عين فوراً  وزير الدفاع فوزي السّلو في الرئاسة. وفي العام 1953، جرى استفتاء لانتخاب الشيشكلي.

وبعد خروج الشيشكلي من الرئاسة «كي لا تراق دماء» في 1954، عاد هاشم الأتاسي لإكمال ولايته. وبعد سنة، جرت أشهر انتخابات في التاريخ المعاصر لسوريا، إذ ترشح خالد العظم، وهو "رئيس حكومة دولة" (كما ورد في المرسوم، مع أنه سمى نفسه في مذكراته بـ "رئيس دولة") سابق في العام 1941، خلال الحرب العالمية الثانية، ورئيس حكومة في 1948، ضد شكري القوتلي الذي فاز بالقصر.

تخلى القوتلي عن الرئاسة للرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي فاز في استفتاء بعد الوحدة السورية - المصرية في 1958. وفي «عهد الانفصال»، فاز ناظم القدسي ضد سعيد الغزي في تصويت تحت قبة البرلمان في 1961 خلفاً لعبد الناصر.

وبعد تسلم حزب «البعث» الحكم في 1963، عين مجلس قيادة الثورة الضابط لؤي الأتاسي رئيس «مجلس قيادة الثورة». وبعد «حركة» يوليو (تموز) أصبح أمين الحافظ «رئيس المجلس الوطني لقيادة الثورة" في نهاية يوليو، ثم رئيساً لـ "مجلس الرئاسة" في مايو (أيار)، إلى حين قيام صلاح جديد بـ«حركة» فبراير (شباط) في 1966، وتسلُّم نور الدين الأتاسي منصب «رئيس الدولة».

وبعد قيام وزير الدفاع حافظ الأسد بـ«الحركة التصحيحية» في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970، عُيِّن أحمد الخطيب «رئيس دولة » حتى مارس (آذار) 1971، حيث أصبح رئيساً للبرلمان، وفاز الأسد بالرئاسة عبر استفتاء، الأمر الذي تكرر إلى حين رحيله في العام 2000. وفي ذلك العام جرى تعديل الدستور، فاز بشار الأسد بالرئاسة في استفتاء. وفي 2012 تمت صياغة دستور جديد، نصَّ على التحول من «الإستفتاء» إلى «الانتخابات». وفي 2014، ترشح الأسد واثنان آخران، هما وزير التنمية الإدارية حسان النوري والنائب ماهر الحجار.

ما هو مصير الرؤساء السابقين ومرشحي الرئاسة؟

في العام 1936 ، أُجبِرَ محمد علي العابد على الإستقالة، كما هو الحال مع هاشم الأتاسي في1939 . الأول توفي في منفاه في مدينة "نيس ا"لفرنسية في 1939، وتوفي الثاني لكبر سنه في حمص في 1960.

وكان تاج الدين الحسيني، الذي عينه الفرنسيون في 1941، الرئيس الوحيد الذي يموت في «فراش القصر» في 17 يناير (كانون الثاني) 1943. وأُخرِج شكري القوتلي من القصر في مارس (آذار) 1949، بانقلاب عسكري قاده حسني الزعيم، الذي خرج أيضاً بانقلاب آخر في أغسطس (آب) قاده سامي الحناوي.

الزعيم قتل بــ 176 رصاصة في جسده في انقلاب الحناوي، الذي سُجِن ثم قتله حرشو البرازي في بيروت في 1950. وكان أديب الشيشكلي نفذ في ديسمبر (كانون الأول) 1949 انقلابه، ووضع الحناوي في السجن لمدة قبل أن يطلقه تلبية لضغوط وطلبات. أما الشيشكلي، الذي ترك البلاد بعد الحكم، فاغتيل في البرازيل في 1964، بسبب «ممارساته ضد الدروز» في جنوب سوريا.

غادر هاشم الأتاسي مقعد الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1951، بعدما تسلمه مؤقتا في ديسمبر (كانون الأول) 1949. أما فوزي السلو، فإنه غادر «طوعاً» لصالح أديب الشيشكلي في 1953.

وفي سبتمبر (أيلول) 1955، جرت مراسم التسلم والتسليم الشهيرة بين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي، ليكون «الإنتقال السلس» الوحيد في تاريخ البلاد، حيث عاد القوتلي واستقال لصالح جمال عبد الناصر في 1958، على عكس لؤي الأتاسي «الذي أصر على الاستقالة» بعد إعدامات «الناصريين» في يوليو (تموز) 1963، ثم توفي في حمص في 2003. أما القوتلي، فإنه توفي في منفاه في بيروت بجلطة في «نكسة» يونيو (حزيران) 1967 .

وسُجِن أمين الحافظ، الذي «خلعه» صلاح جديد في 1966،ثم غادر إلى المنفى، ثم عاد وتوفي في حلب في 2009.

ووَضِعَ نور الدين الأتاسي مع صلاح جديد في السجن، من قِبَل الأسد لدى تسلمه الحكم في 1970. وتوفي الأول بُعيْد خروجه من المعتقل، فيما توفي الثاني فيه.أما أحمد الخطيب، «رئيس الدولة» في أول سنة من حكم الأسد، فأصبح رئيساً للبرلمان لمدة سنة، ثم اعتزل العمل السياسي، كما هو الحال مع مرشحيْ العام 2014، اللذين صار أحدهما وزير تنمية، ثم «اعتزل السياسة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.