مشاريع قوانين استقلالية القضاء اللبناني نائمة في أدراج البرلمان

وزير عدل سابق لـ«الشرق الأوسط»: الدستور يفصل بين السلطات لكن العبرة في التنفيذ

TT

مشاريع قوانين استقلالية القضاء اللبناني نائمة في أدراج البرلمان

عاد موضوع إقرار قانون استقلالية القضاء في لبنان إلى الواجهة مجددا بعد الأزمة القضائية التي شهدها مؤخراً ولا سيما السجال الذي أثاره رفض المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون تنفيذ قرار للنائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات بكف يدها عن عدد من الملفات كانت تعمل عليها، والذي تحول من قضائي إلى سياسي ما انعكس لاحقا على الشارع الذي انقسم بدوره بين مؤيد لعون وآخر مؤيد لعويدات.
وفي أدراج مجلس النواب أكثر من اقتراح قانون يتعلق باستقلالية القضاء ولعل أحدثها ما تقدم به النائب أسامة سعد في شهر مارس (آذار) الماضي والمتعلق باستقلال القضاء الإداري وشفافيته وما تقدمت به النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان العام 2018 والمرتبط باستقلال القضاء العدلي وشفافيته، إلا أن أي مقترح في هذا الخصوص لم يقر بل لا يزال المقترح المقدم منذ أكثر من سنتين في لجنة فرعية خاصةً أنشئت لدراسته حسب ما تؤكد يعقوبيان.
وتشير يعقوبيان في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنها طالما كانت تطالب بوضع الاقتراح على جدول الأعمال ولكن من دون جدوى إلى أن اندلعت انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الثاني) 2019 وتحول شعار استقلالية القضاء إلى مطلب شعبي فعمدت هي وعدد من النواب إلى التشديد على بدء دراسة هذا الاقتراح وإلا سيقاطعون الجلسات النيابية، فتم تشكيل لجنة لدراسة هذا الاقتراح برئاسة النائب جورج عدوان.
وتوضح يعقوبيان أنه ومنذ العام ونصف العام واللجنة تدرس المشروع والنائب عدوان قال إن القانون سيحول في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل إلى الهيئة العامة لمجلس النواب وذلك من دون فهم الأسباب الموضوعية للتأخر مشددة على ضرورة الضغط للإفراج على مشروع القانون لبدء المعركة مع الهيئة العامة لإقراره لأنه بلا استقلالية قضاء لا يوجد لبنان وأكبر دليل ما نشهده اليوم.
ويتضمن اقتراح القانون المقدم من يعقوبيان والمفكرة القانونية بنودا تتعلق بتعزيز استقلالية المؤسسات القضائية الثلاث أي مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي ومعهد الدروس القضائية، وتغيير طريقة اختيار أعضاء مجلس القضاء الأعلى الذين تعين السلطة التنفيذية حالياً ثمانية منهم من أصل عشرة، فضلاً عن صدور التشكيلات بموجب قرار يصدر عن مجلس القضاء الأعلى من دون الحاجة إلى مراسيم، بالإضافة إلى مواد تؤكد تعزيز استقلالية المؤسسات القضائية من خلال ضمانات مالية.
كما يتضمن اقتراح القانون مواد تعزز ضمانات وحقوق القضاة، منها إحاطة آليات تعيينهم بضمانات حصولها على أساس الكفاءة من دون تمييز، وتكريس مبدأ عدم نقل القاضي إلا برضاه ومبدأ المساواة بين القضاة ما يمنع الممارسات التمييزية كالانتداب للعمل في الإدارات والتعيين في لجان لقاء أجر، هذا فضلا عن تمكين القاضي من المشاركة في إدارة شؤون المحكمة التي يعمل بها من خلال إنشاء جمعيات عمومية للمحاكم.
ورغم مواد مشروع القانون الهادفة لتعزيز استقلالية القضاء يرى كثيرون أن العبرة بالتنفيذ في حال إقراره، وفي هذا الإطار لا ينفي وزير العدل السابق إبراهيم نجار أهمية تعديل قانون القضاء العدلي وصلاحيات مجلس القضاء الأعلى وطريقة اختيار أعضائه ولكنه يشير في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن العبرة في لبنان دائما تكمن في التنفيذ، فالدستور ينص على فصل السلطات وعلى استقلالية القضاء ومع ذلك يعتبر موضوع التدخل السياسي في القضاء أمرا مزمنا.
ويضيف نجار أن لبنان يشهد مخالفات عديدة حتى للقواعد القانونية البديهية ليس لعدم وجود نص قانون بل لغياب النية في تنفيذه لذلك تعتبر برأيه معظم الدعوات الحالية من الأفرقاء السياسيين لإقرار قانون استقلالية القضاء شعبوية لا تخرج عن إطار المزايدات ولا سيما أن من يريد أن يحافظ على استقلالية القضاء يمكن أن يبدأ من النصوص الموجودة حاليا.
صحيح أن الصورة المهينة للقضاء التي شهدها لبنان مؤخراً بين عون وعويدات دفعت المعنيين إلى التذكير بضرورة إقرار قانون استقلالية القضاء إلا أن قضايا أخرى كثيرة شهدها لبنان تصب في الإطار نفسه كما يرى منسق اللجنة القانونية في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد المحامي جاد طعمة، ويذكر منها على سبيل المثال تعثر إقرار التشكيلات القضائية بسبب كباش سياسي وما حصل في موضوع التحقيق بجريمة المرفأ فضلا عن ملاحقة الصحافيين والناشطين بناء على تدخلات سياسية وتعطيل هيئات الرقابة.
ويشير طعمة في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنه رغم تأكيد النصوص القانونية على استقلالية القضاء تبقى العبرة باستشعار القضاة لاستقلاليتهم خلال أداء مهامهم وتحدي السلطة السياسية بعيدا من طائلة المعاقبة تأديبيا في مسيرتهم المهنية وهذا غير ممكن طالما هناك تدخل للحكومة والوزراء في تكوين مجلس القضاء الأعلى والتشكيلات القضائية وتعيين القضاة ولا سيما في المواقع المتقدمة والنيابات العامة حيث يخوض السياسيون معارك محتدمة وغالبا ما يدخل التعيين في المحاصصة الطائفية أيضا.
ومن هنا تأتي، حسب طعمة، ضرورة إقرار قانون استقلالية القضاء الذي يقلل من دور الحكومة والوزراء بعملية تعيين القضاة ويشعر القاضي قولا وفعلا باستقلاليته.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.