السبسي: تونس أكثر البلدان عرضة لتداعيات الأزمة الليبية

تونس تخصص 3 من مطاراتها لترحيل الرعايا المصريين من ليبيا

السبسي: تونس أكثر البلدان عرضة لتداعيات الأزمة الليبية
TT

السبسي: تونس أكثر البلدان عرضة لتداعيات الأزمة الليبية

السبسي: تونس أكثر البلدان عرضة لتداعيات الأزمة الليبية

قال الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية التونسية، إن «ليبيا هي خاصرة تونس وأمننا من أمنها». وأضاف في كلمة توجه بها أمس إلى سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية والإقليمية والدولية المعتمدين في تونس بمناسبة تلقيه التهاني بالسنة الإدارية الجديدة، أن تونس هي أكثر البلدان عرضة لتداعيات الأزمة الليبية. واعتبر أن مجريات الأمور في ليبيا وضرورة استعادة استقرارها من صميم أولويات الدبلوماسية التونسية خلال الفترة المقبلة.
وأشار قائد السبسي إلى دعم تونس لكل الجهود الرامية إلى إيجاد مخرج سياسي للأزمة الليبية عبر الحوار والتوافق بين كل الأطراف وفق ثوابت ومرجعيات أهمها وحدة ليبيا وسلامة ترابها ورفض التدخل الأجنبي.
وتابع السبسي، أن تونس وبهدف تكريس الحوار بين الفرقاء الليبيين ورفض التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية «ستسعى إلى دفْع التنسيق مع الدول المكونة لآلية الجِوار، وكذلك مع مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا»، على حد تعبيره.
وعبر قائد السبسي عن تضامن تونس الكامل مع مصر في معركتها ضد الإرهاب الذي ضرب مواطنيها في ليبيا. وأشار إلى أن الإرهاب «آفة عابرة للحدود ليس بوسع أي دولة بمفردها التوقي منها أو القضاء عليها». وأضاف أن الإرهاب يتغذى من حالات عدم الاستقرار وغِياب الدولة والنزاعات العرقية والمذهبية من جهة، ومن الفقر والتهميش والحرمان وثقافة الغلو ونفي الآخر، من جهة أخرى.
وفي الشأن السياسي الداخلي، أكد الباجي قائد السبسي، أن «تونس تجاوزت صعوبات الانتقال الديمقراطي بسلام، وبعد تكريس مسارها الديمقراطي واستقرار نظامها السياسي تبدو اليوم واثقة من قُدرتها على درء خطر الإرهاب، باعتباره ظاهرة غريبة عنها، وذلك بفضل تماسك أجهزة الدولة ووحدة صف التونسيين والتنسيق الأمني مع دول الجوار وباقي الدول الصديقة المعنية بمكافحته».
وقال إن هذا الإنجاز السياسي لا يحجب عن البلاد التحديات الكبيرة الماثلة أمامها اليوم، وهي على حد تعبيره «كثيرة وصعبة». واعتبر أن سنة 2015 ستكون سنة العمل والكد والاستقرار وتثبيت سلطة الدولة وإعادة الثقة في المؤسسات. وأشار إلى أن الاستثمار في تونس «تثبيت للقيم الديمقراطية وترسيخ لمقومات الاستقرار والتنمية في المنطقة».
وأضاف أن تونس تطمح إلى تسخير حجم غير مسبوق من الاستثمار خلال الخمس سنوات المقبلة وبعث مشاريع ضخمة في مجالات التنمية والبنية التحتية.
على صعيد آخر، استقبل محمد ناجم الغرسلي، وزير الداخلية التونسي، يوم أمس، بمقر الوزارة، أيمن مشرفة سفير جمهورية مصر لدى تونس وحضر اللقاء رفيق الشلي كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف الشؤون الأمنية.
ووفق مصدر مطلع من وزارة الداخلية التونسية، فقد تطرق اللقاء بين وزير داخلية تونس والسفير المصري إلى تعزيز التعاون في المجال الأمني والسياسي بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بإجلاء الجالية المصرية من ليبيا عبر المطارات والمعابر البرية التونسية. كما تدارس اللقاء سبل حلحلة الأزمة الليبية بعد أن دخلت منعرجا جديدا إثر إعدام 21 مصريا يعملون هناك، وهو ما نجم عنه قصف سلاح الجو المصري لمواقع تنظيم داعش الإرهابي.
وكانت السلطات المصرية قد بادرت بالتنسيق مع نظيرتها التونسية منذ إعدام 21 مصريا في ليبيا لدراسة فرضيات إجلاء رعاياها من هناك بعد ورود أنباء عن مطالبة الجالية المصرية بمغادرة التراب الليبي.
ومن المنتظر أن تخصص تونس مطارات جربة وقابس وتوزر الواقعة في الجنوب التونسي لترحيل المصريين المحاصرين في الأراضي الليبية.
وأكد أيمن مشرفة، السفير المصري لدى تونس، في تصريح إعلامي، أن السلطات التونسية قد عبرت عن استعدادها الكامل لمساعدة المصريين على الخروج من ليبيا. يذكر أن تونس قدمت المساعدة للسلطات المصرية خلال شهر أغسطس (آب) 2014 على إجلاء نحو 15 ألف مصري من الأراضي الليبية بعد تدهور الأوضاع الأمنية وامتداد رقعة الاشتباكات المسلحة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.