نتنياهو يكلف الأمنيين بـ«محاولة أخيرة» للتأثير على مفاوضات «النووي» الإيراني

نتنياهو مخاطباً احتفالاً عسكرياً الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
نتنياهو مخاطباً احتفالاً عسكرياً الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يكلف الأمنيين بـ«محاولة أخيرة» للتأثير على مفاوضات «النووي» الإيراني

نتنياهو مخاطباً احتفالاً عسكرياً الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
نتنياهو مخاطباً احتفالاً عسكرياً الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، اجتماعاً استثنائياً لعدد من الوزراء وكبار قادة الجيش والمخابرات، للتداول في الرسائل الواجب تمريرها إلى الإدارة الأميركية حتى تتخذ موقفاً حازماً أكثر في الملف النووي الإيراني، وتأخذ بالاعتبار مصالح حلفائها في الشرق الأوسط.
وضم الاجتماع كلاً من وزير الأمن بيني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، ووزير الطاقة يوفال شتاينتس، ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، ورئيس جهاز المخابرات الخارجية «الموساد» يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة مئير بن شبات، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش «أمان» تمير هايمن. وتم البحث في سفر قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إلى واشنطن الأسبوع المقبل. وقالت مصادر سياسية إن مباحثات واشنطن ستكون «آخر محاولة للتأثير على الموقف الأميركي في مفاوضات الاتفاق النووي».
وكانت مصادر سياسية في تل أبيب، قد أكدت أن نتنياهو فشل في تغيير موقف الولايات المتحدة حتى الآن، وبدا أنها تعمل ضد رغبته باتجاه العودة إلى الاتفاق النووي القديم مع تعديلات طفيفة لا تفي بأغراض حلفائها في المنطقة. ولذلك، فقد وافق نتنياهو، على تسليم دفة الأمور إلى القيادة الأمنية التي تحظى باحترام كبير في الولايات المتحدة، وإرسال وفد رفيع منها إلى واشنطن لمناقشة الملف.
وسيسافر الوفد مطلع الأسبوع، وسيكون مؤلفاً من فريقين، أمني عسكري وسياسي استراتيجي. وسيقود الوفد العسكري رئيس أركان الجيش، ويضم رئيس «الموساد» ورئيس «أمان». ويقود الوفد السياسي الاستراتيجي رئيس مجلس الأمن القومي، ويضم ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارتي الخارجية والأمن.
وسترافق الوفدين مجموعة من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين الذين يحملون معهم وثائق مصورة ومسنودة، توضح قرب إيران من التسلح النووي العسكري وعمق الاختراق الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
وستكون المهمة الأساسية للوفدين نقل مدى القلق الإسرائيلي من التقارير الواردة من فيينا، عن تقدم في المفاوضات لإعادة إحياء الاتفاق النووي. لكنها ستشمل أيضاً قضية تموضع إيران في سوريا وتغلغل نشاط هيمنتها في المنطقة ضد جميع حلفاء الولايات المتحدة.
وحسب القناة الرسمية للتلفزيون الإسرائيلي «كان 11»، فإن «القضايا الكبرى التي سيطرحها الوفد الإسرائيلي، تدور في 3 محاور تحدد سياسة تل أبيب في الملف الإيراني، وهي الخط الدبلوماسي مقابل الولايات المتحدة، والذي ينطوي على خلافات كثيرة، أهمها أن إسرائيل تعتقد أنه لا يجوز وقف العقوبات قبل أن توقف إيران إجراءاتها في تخصيب اليورانيوم، وتوافق على تدمير الطرادات المركزية التي طوّرتها في السنوات الثلاث الأخيرة، والإعداد لخيار عسكري واضح وموثوق، علماً بأن بناء خيار كهذا يحتاج وقتاً طويلاً ويتطلب إضافة موارد أخرى وميزانية ضد البرنامج النووي الإيراني؛ والمعركة ضد تموضع إيران في الشرق الأوسط التي قد تؤثر عليها عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق».
وسيطلب الإسرائيليون أن يشمل أي اتفاق مع إيران مسألة الصواريخ الباليستية والنشاط الإيراني الإقليمي العدائي والتموضع في سوريا ودعم المنظمات المسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن وغيرها من دول المنطقة وزيادة صلاحيات مراقبي وكالة الطاقة الذرية في إيران.
وقالت مصادر أمنية في تل أبيب، أمس، إن «الحكومة الإسرائيلية غير معنية بالعودة إلى التوتر في العلاقات مع البيت الأبيض، كما كان عليه الحال في زمن الرئيس السابق باراك أوباما، وتعرف أن شهر العسل الذي ساد 4 سنوات مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، لن يعود، لذلك سترسل جنرالاتها إلى واشنطن حتى يحاولوا إقناعها بأن المسألة ليست سياسية بل أمنية واستراتيجية. فإذا خرجت إيران من الاتفاق النووي الجديد من دون تراجع حقيقي عنه وعن تطوير قوتها العسكرية التي تهدد إسرائيل وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، فإن المشروعات الإيرانية ستهدد استقرار المنطقة برمتها وستلحق ضرراً فادحاً أيضاً بالمصالح الأميركية».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.