حزب مغربي يحذر من الانتهاز السياسي لـ«الإحسان» قبل الانتخابات

لشكر دعا إلى «إيقاف استغلال الوزراء لنفوذهم»

من جلسات البرلمان المغربي المخصصة لبحث الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
من جلسات البرلمان المغربي المخصصة لبحث الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
TT

حزب مغربي يحذر من الانتهاز السياسي لـ«الإحسان» قبل الانتخابات

من جلسات البرلمان المغربي المخصصة لبحث الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
من جلسات البرلمان المغربي المخصصة لبحث الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)

حذر إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي (غالبية)، من الاستغلال الانتخابي للإحسان، الذي تقوم به بعض الجمعيات قبيل الانتخابات، وقال خلال لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني بمدينة سلا المجاورة للرباط، الليلة قبل الماضية، وجرى بثه عن بعد، إن الحكومة «مسؤولة عن كل استغلال سياسوي للإحسان العمومي».
يأتي ذلك في وقت أثير فيه مؤخراً جدل حول نشاط مؤسسة خاصةً تسمى «جود للتنمية»، مقربة من حزب التجمع الوطني للأحرار، لكونها توزع مساعدات في شهر رمضان، وهو ما يمكن استغلاله في الدعاية الانتخابية قبل الأوان.
وكان كل من عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة (معارضة)، ونبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (معارضة)، قد انتقدا أخيرا توزيع هذه الجمعية لمساعدات قبل الانتخابات، ورد عزيز أخنوش في شريط فيديو، نشر مساء أول من أمس، منتقدا «التشكيك» في مجهود «مؤسسة جود للتنمية»، معتبرا أن هذا الاستهداف «غير معقول»، لأن هذه المؤسسة تقدم خدمات اجتماعية تضامنية في كافة التراب الوطني، داعيا المنتقدين إلى القيام بعمل مماثل لصالح السكان.
في السياق ذاته، دعا لشكر إلى «إيقاف استغلال الوزراء لنفوذهم»، قبل الانتخابات، والتوقف عن تدشين المشاريع أمام وسائل الإعلام، لضمان تكافؤ الفرص خلال الانتخابات المقبلة، المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل، ودعاهم إلى «الكف عن استعمال وسائل الدولة في العمل الحزبي الانتخابي، وتوقيف استعمال سيارات الدولة».
وبخصوص الجدل حول موقف حزبه من اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، قال لشكر إن حزبه سبق أن اقترح اعتماد قاسم انتخابي على أساس الأصوات المعبر عنها. لكن خلال المشاورات التي قادها وزير الداخلية مع الأحزاب السياسية تبين أن «بعض أحزاب الأغلبية» اقترحت أن يتم اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين. مبرزا أنه «حصل توافق بين جزء من أحزاب الأغلبية والمعارضة»، على اعتماد تعديل يجعل القاسم الانتخابي يحسب على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية. علما بأن النظام الانتخابي في المغرب دأب على اعتماد «الأصوات المعبر عنها» أساسا لحساب القاسم الانتخابي بعد إجراء عملية التصويت. واعتبر لشكر أن الصيغة السابقة تعطي للحزب الأول «أكبر مما يستحق من المقاعد على حساب أحزاب أخرى». أما الصيغة الجديدة فهي «أكثر إنصافا وعدلا»، حسب قوله.
وبخصوص الدعوات إلى تمكين التكنوقراط من تسيير الحكومة مكان السياسيين، عبر لشكر عن رفضه لهذا التوجه، داعيا الشخصيات التكنوقراطية إلى التقدم للانتخابات المقبلة.
وحول مدى عزمه الترشح في الانتخابات، تفادى لشكر الإدلاء بجواب صريح لكنه لمح إلى أن هناك دعوات لترك الباب لنخب جديدة.
وبخصوص تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود للمغرب في مراتب متأخرة من حيث حرية الصحافة، قال لشكر إن المغرب ما كان يجب أن يفتح ملفات اعتقال الصحافيين، لكنه استدرك بالقول: «حين اطلعت على أن منظمة مراسلون بلا حدود صنفت دولا مثل أفغانستان وبيرمانيا، حيث القتل... في مراتب أفضل من المغرب، تبين لي أن المقاييس مختلة»، معتبرا أن للمغرب خصوما في هذه المنظمة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.