احتجاجات مناصرة لنافالني واعتقالات في ٩٥ مدينة روسية

فرنسا تحذر من عقوبات جديدة ضد موسكو إذا توفي المعارض السجين

مدينة سان بطرسبورغ شهدت أعنف المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة (إ.ب.أ)
مدينة سان بطرسبورغ شهدت أعنف المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات مناصرة لنافالني واعتقالات في ٩٥ مدينة روسية

مدينة سان بطرسبورغ شهدت أعنف المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة (إ.ب.أ)
مدينة سان بطرسبورغ شهدت أعنف المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة (إ.ب.أ)

تواصلت أمس، تداعيات حملات الاحتجاج الواسعة التي شهدتها المدن الروسية الأربعاء، للمطالبة بالإفراج عن المعارض البارز أليكسي نافالني. وتعمد منظمو الاحتجاجات التي لم تحصل على ترخيص رسمي من السلطات المختصة اختيار توقيت انطلاقها في أكثر من ٩٥ مدينة ليتزامن مع إلقاء الرئيس الروسي خطابه السنوي أمام الهيئة التشريعية الروسية. وتباينت المعطيات التي قدمتها المعارضة مع الأرقام التي أعلنتها السلطات الروسية حول حجم الاحتجاجات، وسعت السلطات إلى التقليل من أهمية الحدث، وقالت إن مجموع المشاركين في الأعمال الاحتجاجية لم يتجاوز 15 ألف شخص، في حين أشارت المعارضة إلى استجابة نحو نصف مليون نسمة لدعوات الاحتجاجات في كل الأقاليم الروسية. وتعد هذه أوسع احتجاجات تطالب بإطلاق نافالني، منذ فعاليات مماثلة واسعة النطاق شارك فيها مئات الألوف من أنصار المعارضة في فبراير (شباط) الماضي.
ووفقا لأنصار نافالني فقد بلغ حجم الاعتقالات مستويات قياسية في بعض المدن، إذ احتجزت السلطات نحو 1800 شخص نصفهم تقريبا في مدينة سان بطرسبورغ التي شهدت أعنف المواجهات بين المتظاهرين ورجال الشرطة ومكافحة الشغب. وللمقارنة فإن السلطات الروسية كانت احتجزت نحو خمسة آلاف متظاهر في الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها المدن الروسية في يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين. ولفت هذا الفارق إلى تقارير منظمات حقوقية روسية قالت إن وحدات الشرطة والحرس الوطني «تصرفت بشكل أكثر مرونة وهدوءا من المعتاد في التجمعات السابقة»، باستثناء مدينة سان بطرسبورغ، حيث برزت تصرفات قاسية وفقا لتقارير، واشتكى المعتقلون من تعرضهم للضرب والصعق الكهربائي.
وكالعادة بدأت المظاهرات بالتحرك في مناطق أقصى شرق روسيا، التي تفصلها عن موسكو 8 ساعات في فارق التوقيت، قبل أن تنطلق تدريجيا إلى وسط البلاد وأقاليم المركز والشمال. ورغم الحملة الدعائية الضخمة التي أطلقتها وزارة الداخلية لتنبيه الروس بعدم المشاركة في أعمال غير مرخصة رسميا، فضلا عن حملات الاعتقال المسبقة للناشطين في فريق نافالني في المدن المختلفة، بدا أن استجابة المعارضين لدعوة النزول إلى الشارع كانت واسعة النطاق. وردد المتظاهرون شعارات تندد بسياسات الكرملين الداخلية وتحملها مسؤولية الفساد، وطالبوا بالإفراج عن نافالني والسماح للفرق الطبية بمتابعة وضعه الصحي.
وكانت المعارضة حذرت في وقت سابق من تدهور الوضع الصحي لنافالني في سجنه، وحذرت من أنه دخل مرحلة الخطر، وهو ما استدعى رد فعل في أوروبا والولايات المتحدة، حيث برزت دعوات عاجلة لموسكو لضمان الرعاية الصحية للمعارض الروسي، ترافقت مع تحذيرات حازمة من أن موسكو سوف تواجه ردود فعل صارمة في حال تعرضت حياة نافالني للخطر».
وطالب البرلمان الأوروبي، أمس، بالإفراج عن المعارض الروسي، ودعا إلى توفير الرعاية الطبية له، وعدم الاكتفاء بالخدمات الطبية التي توفرها إدارة السجن، بل السماح لطبيب يراه هو بالإشراف على وضعه الصحي. لكن موسكو سارعت إلى رفض الدعوات الأوروبية، وقال رئيس الوفد الروسي للبرلمان الأوروبي بيتر تولستوي، إن روسيا «تخضع لقرارات مسيسة يطلقها البرلمان الأوروبي أو مؤسسات مجلس أوروبا».
وكان نافالني الذي اعتقل في المطار فور عودته في يناير الماضي من رحلة العلاج في ألمانيا بعد تعرضه لمحاولة تسميم باستخدام مادة كيماوية، أعلن إضرابا عن الطعام في سجنه منذ نهاية مارس (آذار) الماضي، احتجاجا على ظروف اعتقاله، وقال عدد من أنصاره المقربون إن حالته الصحية تدهورت بشكل خطير وإنه «يحتضر». ما دفع منظمات حقوقية وبلدان غربية إلى المطالبة بالإفراج الفوري عنه. واعتبر أربعة خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة، أول من أمس، أن نافالني في «خطر كبير»، وحضّوا السلطات على السماح بإجلائه خارج البلاد. وأكد الخبراء الأربعة، وهم مقررون خاصون معنيون بحرية الرأي والتعبير وبالتعذيب والإعدامات بلا محاكمة أو التعسفية والحق في الصحة البدنية والعقلية، «نشعر بقلق بالغ لبقاء السيد نافالني في ظروف قد تبلغ حدّ التعذيب... أو المعاملات القاسية، غير الإنسانية أو المهينة».
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس الخميس إن الاتحاد الأوروبي سيحمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسلطات الروسية المسؤولية المباشرة إذا توفي المعارض نافالني المضرب عن الطعام في أحد السجون، مضيفا أن التكتل سيفرض عقوبات جديدة إذا حدث ذلك. وفي حديثه للقناة الثانية في التلفزيون الفرنسي قال لودريان إنه لا يعتقد أن موسكو تريد شن عملية عسكرية في شرق أوكرانيا رغم أنها تحشد الآلاف من قواتها على الحدود.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».