باسيل يخوض آخر معاركه لاسترداد نفوذه السياسي

«حزب الله» يؤمّن مستلزمات الصمود تحسباً لأزمة مديدة

TT
20

باسيل يخوض آخر معاركه لاسترداد نفوذه السياسي

أشعل «التيار الوطني الحر» لبنان في مواجهة سياسية وأمنية غير مسبوقة بتوفيره كل أشكال الدعم للقاضية غادة عون في اقتحامها للمرة الثالثة على التوالي لمكاتب شركة مكتّف لنقل الأموال وسط صمت مريب من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تردد طويلاً قبل أن يرأس أمس الاجتماع الأمني الموسع للبحث في الأوضاع الأمنية الطارئة، مع أن ما حصل من جراء هذا الاقتحام أصاب الوسط الدبلوماسي بحالة من الذهول لأنه شكّل تمرداً على قرارات مجلس القضاء الأعلى بكفّ يدها عن التحقيق في ملف الشركة المستهدفة، وسرّع في انحلال مؤسسات الدولة وتفكيكها وصولاً إلى تفتيتها.
فالقاضية عون استعانت في اقتحامها لمكاتب شركة مكتّف بـ«ضابطة عدلية» خاصة بها أمّنها لها «التيار الوطني» من دون أن يحرّك عون ساكناً في الوقت المناسب لوقف التدمير الممنهج للدولة، وكذلك الحال بالنسبة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي فضّل الصمت ونأى بنفسه عن التدخل.
ومع أن المسؤولية في كفّ يد القاضية عون ووقف تمرّدها على قرار مجلس القضاء الأعلى تقع على عاتق هيئة التفتيش القضائي، فإن تمادي «التيار الوطني» - كما يقول مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» - في مشروعه الرامي إلى انحلال الدولة وانهيارها يطرح مجموعة من الأسئلة حول ماذا يريد رئيسه النائب جبران باسيل من توفيره الغطاء الميداني واللوجيستي للقاضية «المتمردة»؟ وأين يقف رئيس الجمهورية في ضوء ما نُقل عنه بأنه يعترض في الشكل على ما قامت به باعتبار أن الهدف من تحركها يكمن في مكافحة الفساد واسترداد الأموال المهرّبة إلى الخارج؟
ويلفت المصدر النيابي إلى أن باسيل بدعمه غير المشروط للقاضية عون أراد أن يفتح منصة على حسابه الخاص بذريعة استرداده لحقوق المسيحيين تحت غطاء الحفاظ على أموال المودعين، ويسأل: كيف السبيل إلى استردادها؟ هل بتخريبه للنظام المصرفي للبنان الذي يشكّل القاعدة الأساسية للاقتصاد الحر وبضربه القضاء بكل مؤسساته ووضعه موقع رئاسة الجمهورية في مهب الرياح الذي بات يهدد ما تبقى من ولاية عون في ضوء ارتفاع منسوب الدعوات إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكّرة أو بتوفير الغطاء السياسي لحليفه «حزب الله» والإفادة من تجربته في استحداث «سرايا» خاصة به.
ويؤكد أن باسيل لم يخف سراً عندما هدد بقلب الطاولة وبسقوط الهيكل فوق رأس الجميع، خصوصاً الذين يهددون بإسقاطه فوق رأسه ومن خلاله عون، ويقول إن باسيل الذي يحاصَر أميركياً بالعقوبات المفروضة عليه سرعان ما اكتشف أن الحصار تمدد أوروبياً بمبادرة باريس إلى إلغاء الدعوة التي وجّهت إليه للبحث في إسقاط الشروط التي تؤخر تشكيل الحكومة العتيدة، ويرى المصدر نفسه أن باسيل الذي يحاصَر دولياً وعربياً أخذ على عاتقه الانتحار السياسي حتى لو انسحب انتحاره على نحر الدولة وجرّها إلى السقوط، ويكشف بأنه لا يحبّذ حتى إشعار آخر إجراء الانتخابات النيابية في ربيع 2022 ليتولى المجلس النيابي المنتخب انتخاب خلف لعون، هذا إذا ما تسارعت التطورات وحالت دون تحقيق طموحاته في هذا المجال في ضوء إصرار وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل على إجراء الانتخابات في موعدها لتأمين انتظام مؤسسات الدولة بإعادة إنتاج السلطة.
ويجزم بأن هيل أعلم جميع من التقاهم بعدم الرهان على التمديد للمجلس النيابي ليتولى انتخاب رئيس جمهورية جديد، وهو يلتقي مع رئيس البرلمان نبيه بري برفضه التمديد، ويقول إن «التيار الوطني» ينطلق من رهانه على التمديد من مقولة مفادها بأن التمديد يجب أن ينسحب تلقائياً على عون بذريعة عدم إحداث فراغ في الرئاسة الأولى إلا إذا أيقن بأن التمديد يتيح لباسيل الترشح للرئاسة، مع أنه يدرك جيداً أن طموحه ليس في محله لأن البرلمان الممدد يشهد إعادة لخلط الأوراق ولم يبق له من حليف سوى «حزب الله».
ويقول إن باسيل يضع أوراقه في سلة «حزب الله» وهو يخوض حالياً مواجهة مفتوحة وبالنيابة عنه مع جميع القوى السياسية، ما اضطر حليفه للوقوف خلفه مع أنه يخدمه في تعطيل تشكيل الحكومة وتمديد الأزمة ليكون في وسعه إيداع تشكيلها بيد حليفه النظام الإيراني للاستقواء بها في مفاوضاته مع الولايات المتحدة الأميركية بخلاف ما ذهب إليه البعض أن الحزب يبيع ورقته لفرنسا بدعمه المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان.
ويؤكد المصدر أن الحزب وإن كان أيد المبادرة الفرنسية، فإنه أبلغ الموفد الفرنسي إلى بيروت باتريك دوريل ألا يتوقع منه الضغط على باسيل، ويقول إن الحزب وإن كان لا يراهن على إقحام البلد في فراغ مديد، فإنه في المقابل يستطيع أن يفرض شروطه في حال تقرر الدخول في تسوية لإنهاء الفراغ.
وفي هذا السياق، يسأل المصدر عن استنكاف «حزب الله» الدخول كطرف في المواجهة الحاصلة الآن، وهذا ما برز من خلال حرص أمينه العام حسن نصر الله على حصر إطلالته على جمهوره بالحديث عن مناسبة حلول شهر رمضان المبارك، فيما استكمل إعداده لكل المستلزمات من تموينية واقتصادية لتأمين بيئته الحاضنة له سواء من خلال البطاقات التي وزّعها على محازبيه وتتوزّع بين حصولهم على المواد التموينية لمرة واحدة شهرياً بأسعار تشجيعية، وبين إفادتهم من بطاقات الائتمان لتأمين احتياجاتهم بالدولار بواسطة الصراف الآلي، إضافة إلى توفير المستلزمات الصحية من طبية ومخبرية.
لذلك فإن التدابير التي اتخذها الحزب بتوفير بطاقات الائتمان وأخرى باسم «السجاد» و«النور» توحي بأن الأزمة مديدة، إلا إذا كانت مؤقتة استدعت تكديسه للمواد التموينية والأدوية المستوردة من إيران من باب الاحتياط، تاركاً المواجهة في عهدة باسيل لئلا يؤدي دخوله إلى صدام سنّي - شيعي.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.