«الرئاسي» يأمر بحماية حدود ليبيا تحسباً لتدهور الأوضاع في تشاد

سفير أميركا لدى ليبيا مستقبلاً رئيس مؤتمر التبو عيسى عبد المجيد (السفارة الأميركية)
سفير أميركا لدى ليبيا مستقبلاً رئيس مؤتمر التبو عيسى عبد المجيد (السفارة الأميركية)
TT

«الرئاسي» يأمر بحماية حدود ليبيا تحسباً لتدهور الأوضاع في تشاد

سفير أميركا لدى ليبيا مستقبلاً رئيس مؤتمر التبو عيسى عبد المجيد (السفارة الأميركية)
سفير أميركا لدى ليبيا مستقبلاً رئيس مؤتمر التبو عيسى عبد المجيد (السفارة الأميركية)

أمر المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، الوحدات العسكرية كافة المتواجدة في الجنوب باتخاذ الإجراءات الفورية لتأمين وحماية حدود ليبيا الجنوبية، والتعامل مع أي أهداف معادية، والإبلاغ عن تطورات الأحداث لحظة بلحظة، مع مراعاة أقصى درجات الحيطة والحذر، والاستعداد للتعامل مع أي طارئ في حينه.
ويأتي هذا القرار في وقت تتصاعد فيه مخاوف الليبيين من تأثير المعارك الجارية في تشاد على الأوضاع في بلادهم، وتحسباً من تدهور الأوضاع الأمنية في هذا البلد الذي لا يزال مرشحاً للاشتعال والقلاقل، لا سيما مع ترامي الحدود دون رقابة أمنية؛ وهو ما دفع مجلس النواب إلى مطالبة جميع الجهات المختصة، بما فيها القيادة العامة للقوات المسلحة، لحماية البلاد. في حين اتهم أمس رئيس مؤتمر التبو، عيسى عبد المجيد، عناصر محلية وقوات «الفاغنر» الروسية بدعم العمليات العسكرية في تشاد، انطلاقاً من الأراضي الليبية.
وطالب سياسيون وأكاديميون ومجلس النواب المجلس الرئاسي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، والقيادة العامة للجيش، وحكومة «الوحدة الوطنية» باتخاذ إجراءات «عاجلة وحازمة» لحماية الحدود الجنوبية مع دولة تشاد، تحسباً لتداعيات الوضع فيها، وتأمين الحدود وصون السيادة الوطنية.
وقال مجلس النواب في بيان أصدره، مساء أول من أمس، إنه يتابع «الأحداث المتسارعة في تشاد، وما قد يترتب على هذه الأوضاع من عمليات نزوح في المنطقة الجنوبية»، داعياً اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» إلى «الإسراع في توحيد المؤسسة العسكرية في شرق البلاد وغربها؛ هدف ضمان أمن البلاد واستقرارها».
وقُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي على خط الجبهة في معارك ضد المتمردين بشمال البلاد، وأعلن نجله الجنرال محمد، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الذي تأسس عقب بعد وفاة ديبي، أنه «يتولى مهام رئيس جمهورية» تشاد، حسب «ميثاق انتقالي».
وبخصوص تأزم الأوضاع في تشاد وتداعياتها المحتملة على الوضع في ليبيا، قال الدكتور بشير الكوت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة طرابلس والأكاديمية الليبية، أمس، «نحن مطالبون بالحذر من تداعيات ما يجري في تشاد على الأمن القومي الليبي في خاصرته الرخوة، وهي الجنوب». لافتاً إلى أن جانباً من عدم الاستقرار في تشاد مرده إلى «تداعيات الوضع الليبي، خاصة ما يتعلق باستفادة المعارضة التشادية من تردي الأوضاع في بلادنا، حيث حصلت على السلاح والإمدادات اللازمة لاستئناف حربها ضد ديبي».
وتعاني غالبية مناطق الجنوب الليبي من انفلات أمني واسع؛ نظراً لقربها من الحدود مع دول أفريقية، التي تنتشر فيها تجارة السلاح وتهريب الوقود والمهاجرين غير النظاميين. وقد ألقت هذه الأوضاع المضطربة بظلالها على لقاء السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، مع رئيس مؤتمر التبو عيسى عبد المجيد، في تونس العاصمة مساء أول من أمس، والذي ناقشا فيه الانتخابات العامة المقررة نهاية العام الحالي، وضمان تمثيل جميع السكان الأصليين بشكل عادل في الهياكل السياسية الليبية، وانتشار العنف في المنطقة.
وقالت السفارة الأميركية، إنه «استناداً إلى رؤية عبد المجيد لديناميكيات التبو في جنوب ليبيا وتشاد، فقد تحدث عن الدور المقلق، الذي تضطلع به بعض العناصر الليبية الداخلية، وكذلك القوى الخارجية مثل (فاغنر) الروسية لدعم العمليات العسكرية ضد تشاد من الأراضي الليبية». لكن روسيا تنفي دائماً وجود عناصر تابعين لها في ليبيا بشكل رسمي. في حين تطالب السلطة التنفيذية المجتمع الدولي بسرعة إخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والذي دعا إلى مغادرة هؤلاء خلال 90 يوماً. غير أن المدة الممنوحة انتهت وبقي «المرتزقة» على محاور القتال بسرت والجفرة بوسط ليبيا.
وأوضح الزعيم التباوي، أن هجوم المتمردين الأخير على نجامينا «يسلط الضوء مرة أخرى على الحاجة الملحة لتوطيد السيادة الليبية، عبر انتخابات وطنية من شأنها تمكين حكومة قوية، قادرة على السيطرة على حدود ليبيا، وبناء هيكل عسكري موحد».
وسبق أن أكدت الحكومة التشادية منتصف الشهر الحالي، أن مسلحين من المعارضة التشادية، كانوا يقاتلون في الحرب الليبية، تسللوا إلى تشاد، بقصد المشاركة في العمليات العسكرية المناوئة للرئيس ديبي.
وانتهى الكوت محذراً من أن، الفراغ الأمني في الجنوب الليبي وشمال تشاد والنيجر «مرشح لخلق أكبر بقعة فراغ أمني، وأنسب بيئة في العالم لحركات الإرهاب والتهريب، وكل أنواع الجريمة؛ وهو ما يستدعي الاهتمام والانتباه والحرص والعمل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».