المعارضة التونسية تقترح استقالة الغنوشي وتنازل سعيّد

بهدف تجاوز الأزمة السياسية التي تؤثر على أداء الحكومة

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

المعارضة التونسية تقترح استقالة الغنوشي وتنازل سعيّد

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

في محاولة للخروج من أزمة الخلاف المتصاعد بين الرؤساء الثلاثة في تونس، دعا النائب البرلماني العياشي زمال، عن الكتلة الديمقراطية المعارضة، رئيسي الجمهورية قيس سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، إلى تقديم تنازلات مشتركة لتجاوز الأزمة السياسية التي تعصف بمؤسسات الدولة، وتعوق عمل الحكومة، وتوتر مناخ العمل السياسي برمته. وقال زمال إن الرئيسين مطالبان بـ«الرفق بتونس، وتقديم تنازلات مشتركة للخروج من المأزق»، وطالب الرئيس سعيد بـ«الدخول فوراً في حوار سياسي وطني، خاصة بعد الوقوف على ثغرات كثيرة في دستور 2014، ومناقشة وضع دستور جديد أو تعديل الدستور الحالي، علاوة على مراجعة القانون الانتخابي، وقانون تنظيم الأحزاب السياسية».
أما راشد الغنوشي، فقد طالبه بالاستقالة من رئاسة البرلمان «من أجل نفسه، ومن أجل تونس»، معتبراً أن هذا الاستقالة «ستزيد في قيمته الاعتبارية لدى التونسيين، وسيقدم بذلك خدمة لتاريخه السياسي الطويل، وينقذ البلاد من حالة التناحر السياسي التي وجدت طريقها إلى البرلمان بعد تولي الغنوشي رئاسته».
وفي السياق ذاته، دعا لطفي المرايحي، رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري (معارض)، إلى ضرورة التهدئة على مستوى الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة)، معتبراً أن الوضع الحالي «لا يمكن أن يستمر على هذا النحو، مع حكومة تفتقد إلى رؤية شجاعة لحل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية. أما رئيس الجمهورية فهو مطالب بتعديل مواقفه، والوقوف على المسافة نفسها من جميع الأطراف السياسية، بصفته طرفاً يجمع كل التونسيين». كما دعا المرايحي خصوم سعيد إلى وقف حملات تهميشه، مؤكداً أن الطبقة السياسية الحالية غير واعية بخطورة الوضع الذي تعرفه تونس.
وعلى صعيد متصل، هاجم عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس الشورى في حركة النهضة، رئيس الجمهورية، وعده «مشروع ديكتاتور»، بمساندة أقلية في البرلمان وقوى خارجية وأطراف داخل قصر قرطاج.
وبخصوص الخلاف الدائر بين الغنوشي والرئيس سعيد، قال الهاروني إن موقف «النهضة» هو «الدفاع عن رئيس الدولة، وليس مهاجمته. وحركة النهضة تخاف على رئيس الجمهورية، وليست خائفة منه»، داعياً إياه إلى وقف الأسلوب التصعيدي في تصريحاته.
وانتقد الهاروني كذلك رئيس الحكومة هشام المشيشي، بسبب عدم تفعيل التعديل الوزاري الذي شمل 11 وزيراً رفض الرئيس سعيد أداءهم اليمين الدستورية أمامه بعد مصادقة البرلمان عليهم. وقال إن المشيشي «مطالب بتنفيذ صلاحياته الدستورية، واستكمال بقية الخطوات المؤدية إلى ممارسة الوزراء المصادق عليهم لمهامهم، بهدف التفرغ لحل المشكلات المتراكمة على جميع المستويات».
ومن جهة أخرى، قال محسن الدالي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالعاصمة، إن النيابة العامة بصدد دراسة تصريحات النائب البرلماني راشد الخياري التي اتهم فيها الرئيس سعيد بتلقي تمويلات أميركية مشبوهة خلال حملته الانتخابية الرئاسية.
وأوضح الدالي أن النيابة العامة أحالت، أمس، تقرير الاطلاع على مقطع فيديو للنائب الخياري إلى الوحدة الأمنية المختصة التي تعهدت، منذ بداية شهر أبريل (نيسان) الحالي، بالنظر في مسألة تمويل الحملات الانتخابية، ومن بينها الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية قيس سعيّد.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.