استقلالية «التفتيش القضائي» على المحك في قضية القاضية عون

TT

استقلالية «التفتيش القضائي» على المحك في قضية القاضية عون

تعوّل القوى السياسية المعارضة لما قامت به القاضية غادة عون، على دور «هيئة التفتيش القضائي» التي وضع مجلس القضاء الأعلى في عهدتها هذا الملف لحله، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ«التيار الوطني الحر»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» أن على هيئة التفتيش أن تفصل في هذه الواقعة.
وتعد «هيئة التفتيش القضائي» أرفع جهاز في القضاء اللبناني للبت في شبهات المخالفات داخل الجسم القضائي، ويحقق فيها ويصدر أحكامه. ويحيل مجلس الهيئة، بحسب القانون، القضاة وموظفي الفئة الثانية التابعين لمراقبة الهيئة إلى مجلس التأديب إذا ظهر له في التحقيقات ما يوجب هذه الإحالة. وله أن يقترح على وزير العدل توقيف القاضي المحال إلى مجلس التأديب عن العمل.
وتتراوح الأحكام بين التنبيه والعزل، لكنه نادراً ما حصلت حالات عزل بحق القضاة. وتقول مصادر قانونية إن القضاة الذين تثبت عليهم مخالفة، «غالباً ما يقدمون استقالتهم» في حال إدانتهم أمام هيئة التفتيش القضائية، وأحياناً بمجرد استدعائهم من قبل مجلس القضاء الأعلى. وكان القاضي محمد مازح في شهر يوليو (تموز) الماضي، آخر القضاة الذين يقدمون استقالتهم بعد استدعائه من قبل مجلس القضاء الأعلى لاستيضاح حيثيات قراره بمنع وسائل الإعلام من استصراح السفيرة الأميركية.
وتقول مصادر قانونية إن دورها يماثل إلى حد ما دور هيئات التفتيش في الإدارات والوزارات والمؤسسات العامة، لكنها تكتسب أهمية إضافية من كون القضاء سلطة وليس إدارة في لبنان، وتحقق في مختلف الملفات القضائية المرتبطة بعمل القضاة. فالقانون ينص على أن صلاحية هيئة التفتيش القضائي تتم تحت إشراف وزير العدل، وتشمل المحاكم العدلية والإدارية والهيئات في وزارة العدل، وديوان المحاسبة والأقلام التابعة لها والدوائر المركزية في وزارة العدل. ويدخل في نطاقها أعمال القائمين بعمل ذي صفة قضائية في جميع المجالس والهيئات واللجان وكذلك كتاب العدل والخبراء ووكلاء التفليسة ومراقبي الصلح الاحتياطي.
وهيئة التفتيش القضائي مستقلة حتى عن التدخل السياسي، وتتمتع بقوة كبيرة، فصحيح أن رئيس هيئة التفتيش القضائي يُعيّن بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل من بين القضاة العدليين من الدرجة الرابعة عشرة فما فوق أو ما يوازي هذه الدرجة في ملاك مجلس شورى الدولة وملاك ديوان المحاسبة، إلا أنه لا يمكن لمجلس الوزراء إقصاؤه من موقعه قبل أن تنتهي مدة ولايته أو أن يقدم استقالته. وتقول المصادر الحقوقية إن هذه القصية «أعطته قوة واستقلالية كبيرتين لمنع أي تأثير سياسي عليه». ويجتمع مجلس الهيئة بناء على دعوة الرئيس، ولا يكون اجتماعه قانونياً إلا بحضور الرئيس ومفتشين عامين اثنين على الأقل. وتتخذ القرارات بأكثرية الأصوات عند التعادل يكون صوت الرئيس مرجحاً.
ولرئيس وأعضاء هيئة التفتيش القضائي، بحسب ما تنص المادة 111 معدلة من قانون القضاء العدلي، «الحق باستعمال جميع وسائل التحقيق للقيام بمهامهم والاطلاع على جميع الوثائق والملفات والسجلات والاستماع إلى من يرون استماعه ضرورياً من الموظفين وغيرهم واستدعاء هؤلاء بواسطة النيابة العامة عند الاقتضاء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.