مناطق شرق الفرات في سوريا تخشى فقدان السيطرة على «كورونا»

نقص الأكسجين يخنق نظام الرعاية الصحية في شمال شرقي البلاد

مركز العزل في القامشلي (الشرق الأوسط)
مركز العزل في القامشلي (الشرق الأوسط)
TT

مناطق شرق الفرات في سوريا تخشى فقدان السيطرة على «كورونا»

مركز العزل في القامشلي (الشرق الأوسط)
مركز العزل في القامشلي (الشرق الأوسط)

حذرت منظمة طبية عاملة في ريف محافظة دير الزور شرق سوريا، من اتساع انتشار الإصابة بجائحة (كوفيد - 19) بسبب النقص الحاد في أسطوانات الأكسجين، إضافة إلى غياب المستلزمات الطبية والمعدات الوقائية ما ينذر بفقدان السيطرة على احتواء الوباء، في وقت دعا مركز «جيان كوفيد – 19» سكان المنطقة للابتعاد عن التجمعات المكتظة واتخاذ التدابير الوقائية ضد فيروس «كورونا» مع تزايد أعداد الوفيات والإصابات بالآونة الأخيرة.
ولدى حديثه إلى جريدة «الشرق الأوسط»، يقول عمر خلف المحمد، الإداري في «فريق الفرات الطبي»، إن مناطق ريف دير الزور الشرقي، الخاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، «تعاني المستشفيات والنقاط الطبية فيها من نقص في أسطوانات الأكسجين وأجهزة قياس الأكسجة والأقنعة والمواد المعقمة وسيارات الإسعاف، بالإضافة إلى غياب الدعم اللوجيستي الذي تحتاجه الفرق والطواقم الطبية لتقديم الرعاية الصحية للمصابين».
وسجلت هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية شرق الفرات 232 إصابة و7 حالات وفاة أمس (الثلاثاء)، بينها 38 إصابة إيجابية في مناطق دير الزور، ليبلغ عدد المصابين بفيروس «كورونا» في مناطق نفوذها 14281 حالة إصابة مؤكدة منها 469 حالة وفاة، و14560 تماثلت للشفاء.
ووجه فريق الفرات الطبي نداء استغاثة للمنظمات الدولية والجهات الإنسانية على حسابها الرسمي بمواقع التواصل الاجتماعي، جراء النقص الحاد بالمعدات والمستلزمات الطبية والتي قد تتسبب بفقدان السيطرة واحتواء جائحة «كورونا». وقال المحمد: «رعايتنا للمصابين تقتصر على اتباع آلية الحجر المنزلي، مع تقديم بعض الأدوية اللازمة، وتوفير أسطوانات من الأكسجين بصعوبة بالغة»، مناشداً منظمة الصحة العالمية «تقديم الدعم اللازم للفرق الطبية لمتابعة عملها خلال تفشي الموجة الثالثة لفيروس (كورونا)».
ويضم الفريق أطباء وممرضين يعملون على أخذ مسحات للحالات المشتبه بإصابتها وإرسال العينات إلى مختبرات التحليل، كما يضم الفريق قسماً خاصاً بالتوعية والتعقيم والثقافة الطبية، ولفت عمر المحمد إلى أن عمل الفريق يتركز في النقاط الطبية بمناطق الكشكية وغرانيج وأبو حمام وتقع بالريف الشرقي لمحافظة دير الزور. وقال: «نقص الأكسجين خلال الفترة الأخيرة تسبب بتدهور حالة بعض المصابين وحدوث مضاعفات خطيرة مثل فقدان الوعي وبعض حالات الشلل».
وتواجه مناطق الإدارة الذاتية «هجمة شرسة» لفيروس «كورونا»، بحسب وصف رئيس هيئة الصحة الدكتور جوان محمد الذي كان حذر في تصريح إلى «الشرق الأوسط» الأسبوع الفائت، من كارثة إنسانية وشيكة «جراء زيادة الإصابات في المنطقة والتي تعاني من هجمة شرسة للموجة الثالثة، حيث أصبحت تفتك بعموم سوريا وطالت مناطق شمال وشرق سوريا تحديداً».
وكانت الإدارة الذاتية أعلنت الإغلاق العام في 13 من الشهر الحالي مدة 10 تنتهي 22 هذا الشهر، ووجهت نداءً عاجلاً إلى المنظمات الدولية لمنع حدوث كارثة إنسانية بسبب زيادة حالات الإصابة بفيروس «كورونا» على نحو متسارع، وصعوبة السيطرة عليها في منطقة تعاني من هشاشة نظام الرعاية الصحية جراء استمرار الحرب الدائرة منذ 10 سنوات.
في السياق، قال بهاء حبو مدير «مركز جيان كوفيد - 19» في مدينة القامشلي، إن المركز وطاقمه وكوادره الطبية في حالة جاهزية تامة لاستقبال المصابين بالفيروس، الّذين يتم نقلهم بواسطة سيارات الإسعاف التابعة لمنظمة الهلال الأحمر الكردية، أو الذين ينقلون إلى المركز من قبل ذويهم، وأشار إلى وجود 38 مصاباً بالفيروس «يتلقون الرعاية الصحية اللازمة بينهم 3 مصابين حالتهم حرجة، فيما الآخرون يتماثلون للشفاء».
وعن أعراض الإصابة بالجائحة، أضاف حبو قائلاً: «بعضهم يعاني من ضيق التنفّس وارتفاع حرارة الجسم، بينما يشتكي آخرون من آلام جسدية يرافقها التهاب أمعاء وإسهال وألم الكلى، وانخفاض نسبة الأكسجين في الدم الأمر الذي يسبب جلطة مميتة»، مشيراً إلى أن الموجة الثالثة لوباء «كورونا» تعد الأكثر خطورة والأسرع انتشاراً من الموجات السابقة، «إذ تصيب كافة الفئات العمرية، فيما تشكّل خطراً على الفئة الأكبر سنّاً، أي الذين تتراوح أعمارهم بين الـ45 عاماً وما فوق».
ويضم مركز جيان 76 سريراً ويساهم في تقديم الرّعاية الصحية الكاملة للمصابين بشكل مجاني، وأوضح حبو أنّ نسبة الوفيات ازدادت في الفترة الأخيرة، «وسطياً يصل عددها يومياً ما بين 3 إلى 6 حالات وفاة»، وناشد منظمة الصحة العالمية بتأمين اللّقاحات لمناطق شمال وشرقي سوريا، «لتلافي وقوع كارثة إنسانية وشيكة الحدوث، وأدعو الأهالي إلى الابتعاد عن التجمّعات والالتزام بالتدابير الوقائية اللازمة كارتداء الكمّامة والقفازات».



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.