القاهرة تفند علناً «المشكلات الفنية» لـ«سد النهضة»

TT

القاهرة تفند علناً «المشكلات الفنية» لـ«سد النهضة»

واصلت القاهرة تحركاتها وأنشطتها الرامية إلى وقف مساعي أديس أبابا لبدء الملء الثاني لـ«سد النهضة»، المقرر في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) المقبلين، وفيما فنّدته وزارة الري المصرية، ما قالت إنه «مشكلات فنية» تكتنف عمل المشروع. وواصل وزير الخارجية سامح شكري جولاته الأفريقية لتسليم رسائل من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى 5 من قادة دول القارة لـ«توضيح الموقف المصري» في القضية. وفيما قال رئيس الوزراء الإثيوبي، قبل يومين، إن «الملء الثاني سيتم خلال الهطول الغزير للمطر في يوليو وأغسطس». دعت إثيوبيا، أول من أمس، أعضاء مجلس الأمن إلى حثّ مصر والسودان على العودة إلى المفاوضات الثلاثية بشأن الملء الأول والتشغيل السنوي لسد النهضة و«احترام العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي». وشرحت «الري المصرية»، في بيان أن «الجانب الإثيوبي فتح المخارج المنخفضة بسد النهضة الإثيوبي، تمهيداً لتجفيف الجزء الأوسط من السد للبدء في أعمال التعلية لتنفيذ عملية الملء للعام الثاني لسد النهضة»، موضحة أن هناك «مغالطات» تم نشرها مصاحبة للإجراء الذي أقدمت عليه أديس أبابا. وقدّرت الوزارة المصرية أن ما سمته بـ«الادعاء الإثيوبي بأن المخارج المنخفضة (وعددها فتحتان) قادرتان على إمرار متوسط تصرفات النيل الأزرق، هو ادعاء غير صحيح؛ حيث إن القدرة الحالية للتصرف لا تتعدى 50 مليون متر مكعب يومياً لكلا الفتحتين، وهي كمية لا تفي باحتياجات دولتي المصب، ولا تكافئ متوسط تصرفات النيل الأزرق»، وفق البيان.
كما اعتبرت أن «تنفيذ عملية الملء الثاني هذا العام واحتجاز كميات كبيرة من المياه طبقاً لما أعلنه الجانب الإثيوبي، سيؤثر بدرجة كبيرة على نظام النهر، لأن المتحكم الوحيد أثناء عملية الملء في كميات المياه المنصرفة من السد ستكون هذه المخارج المنخفضة، وسيكون الوضع أكثر تعقيداً بدءاً من موسم الفيضان (شهر يوليو المقبل)».
وتعترض القاهرة والخرطوم على ما تصفه بـ«التصرفات الأحادية» لأديس أبابا، في إطار مساعيها لملء السد «دون اتفاق قانوني ملزم»، وفشلت محادثات استضافتها الكونغو، مطلع الشهر الحالي في التوصل لاتفاق، وبينما تدعو مصر والسودان إلى إشراك وسطاء دوليين في المفاوضات، ترفض إثيوبيا ذلك التوجه.
وشرحت «الري المصرية» أن «الفتحات (مخارج تصريف المياه) ستقوم بإطلاق تصرف (للمياه) أقل من المعتاد استقباله في يوليو وأغسطس؛ حيث إن الحد الأقصى لتصرفات المخارج المنخفضة تقدر بـ3 مليارات متر مكعب شهرياً بفرضية الوصول لمنسوب 595 متراً»، وهو ما يعني معاناة دولتي المصب السودان ومصر، وذلك في حال ورود فيضان متوسط، وأن الوضع سيزداد سوءاً في حال ورود فيضان منخفض، الأمر الذي يؤكد حتمية وجود اتفاق قانوني ملزم يشمل آلية تنسيق واضحة} على حد تعبير البيان المصري.
وذكّرت «الري المصرية» بأن مفاوضيها طالبوا «عامي 2012 و2015 بضرورة زيادة تلك الفتحات (المخصصة لتصريف المياه) لاستيفاء احتياجات دولتي المصب، وعرضت تمويل التكلفة الزائدة، ولإعطاء مرونة أكبر خلال عمليات الملء والتشغيل والتعامل مع مختلف حالات الفيضان والجفاف، وادّعت إثيوبيا أن تلك الفتحات كافية وكذلك يمكن تشغيلها بصفة مستمرة حال انقطاع الكهرباء». وتطرق البيان المصري المطول إلى تفاصيل فنية تتعلق بتشغيل السد وطريقة توليد الكهرباء، وذهب إلى أن «مخارج التوربينات الثلاثة عشر (لتوليد الكهرباء) غير جاهزة للتشغيل حالياً (...) ولكن الجانب الإثيوبي يسابق الزمن لفرض أمر واقع على دولتي المصب من خلال ملء بحيرة السد للعام الثاني على الرغم من عدم جاهزية السد للتوليد الكهربائي المخطط له». وعلى المستوى الإنشائي، فإن «الري المصرية» قالت إن «إثيوبيا تقوم ببناء السد بطريقة غير سليمة»، وساقت أمثلة منها «عدم صب الخرسانة في أجزاء السد المختلفة بطريقة متجانسة، وما أثير من شبهات فساد تسببت في توقف المشروع أكثر من مرة».
وعلى الصعيد الدبلوماسي، وصل وزير الخارجية المصري، إلى ثالثة محطاته ضمن جولة تشمل 5 من دول القارة السمراء، والتقى، أمس، سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا. ووفق الخارجية المصرية، فقد سلّم شكري رسالة من السيسي «تتناول الوضع الحالي لمفاوضات سد النهضة وموقف مصر إزاء هذه القضية». وأفاد السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم «الخارجية المصرية»، أمس، أن الزيارة تأتي «في إطار حرص مصر على التنسيق والتشاور مع جنوب أفريقيا في ضوء مكانتها على الساحة القارية وعضويتها الحالية في هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي». وقال حافظ إن شكري شدد على أن «مصر برهنت خلال هذه الاجتماعات على ما تتحلى به من إرادة سياسية صادقة تهدف إلى تدشين مسار تفاوضي جاد يؤدي في نهاية المطاف إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوقها؛ حيث إنه من شأن التوصل لهذا الاتفاق المنشود تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي». وتضمن جدول زيارات الوزير المصري كلاً من كينيا وتونس (العضوين غير الدائمين بمجلس الأمن)، والكونغو الديمقراطية (الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي)، والسنغال، وجزر القُمُر.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.