خوف في درعا من «تقارير المخبرين»

TT

خوف في درعا من «تقارير المخبرين»

أعرب معارضون سوريون في درعا جنوب البلاد عن اعتقادهم بأن كثيراً من المواطنين لن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، وسط خوف من «عودة المخبرين وتقاريرهم عن الذين لن يشاركوا فيها»، وسط ظهور شعارات ضد ترشح الرئيس بشار الأسد في السويداء المجاورة، ذات الأغلبية الدرزية. وأعلن رئيس مجلس الشعب (البرلمان) حمودة صباغ خلال افتتاح دورة برلمانية استثنائية موعد الانتخابات الرئاسية في الـ26 من الشهر المقبل. وحدد موعد الاقتراع للسوريين في السفارات في 20 مايو (أيار)، كما أعلن فتح باب الترشح للرئاسة السورية بدءاً من الاثنين ولمدة عشرة أيام. ويقول معارضون في درعا جنوب سوريا، التي وقعت اتفاق تسوية في 2018، إنه «لن تجري الانتخابات الرئاسية سوى في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري. لن تكون مشاركة الناس كبيرة في الانتخابات الرئاسية في سوريا، ولن يشارك معظمهم، فالأهالي غير مهتمة وآبهة بمن يحكم سوريا، بعد أن بات شاغل الأهالي تأمين لقمة العيش وتوفير المستلزمات، بسبب تدني الواقع الاقتصادي والمعيشي في سوريا».وقال معارض في درعا: «لن تنتخب الناس وهي جائعة، القاعدة المنطقية تقول إن المرشح عليه تقديم إغراءات وتحسينات للمنتخبين، والناس تزداد فقراً وتزداد أعباؤها وسط فساد البلاد وطمع التجار دون حسيب أو رقيب، لا سيما أن مناطق كثيرة جنوب سوريا لم تنتهِ بعد من ترميم آثار قصف طيران ومدافع النظام السوري سابقاً، ونقص بالخبز والمحروقات والكهرباء وتدهور اقتصادي وغيرها من المقومات الأساسية لأي دولة تقدمها للشعب، وهي غير متوفرة في بلادنا».
نزار من مدينة درعا البلد، يقول: «إذا كان بشار الأسد يحب الخير لسوريا كما يدعي، عليه ألا يترشح ويترك الرئاسة لتجارب جديدة، بعد أن كانت تجاربه مليئة بالدماء والاعتقال والتدهور الاقتصادي، على أي إيجابيات سوف يرشح نفسه، والناس لا تزال تفنى في السجون والمعتقلات؟»، لافتاً إلى أنه «تم اعتقال أخي ولا نعرف أين مكانه، وإن كان على قيد الحياة أم لا، فأي انتخابات ستكون شرعية أو حقيقية وأولادنا مغيبون في المعتقلات؟».
يقول أبو جهاد (60 عاماً): «سيشارك الموظفون الحكوميون والعسكريون وأعضاء الفرق الحزبية وغيرها من دوائر الدولة في الانتخابات بشكل شبه إجباري ومفروض، لأن الممتنع عن الانتخاب منهم سيحال إلى التحقيق بعد أن يُرفع اسمه من قبل (المخبر) الذي يكون قد زرعه النظام السوري بينهم، وهذه سياسة قديمة ويعتمد عليها النظام السوري كثيراً في وضع أشخاص يعملون على نقل أخبار الناس من تصرفات وأقوال وأفعال بشكل مفصل للأجهزة الأمنية خصوصاً في الدوائر الحكومية والعسكرية».
وتابع: «كحال أي انتخابات رئاسية في سوريا، سواء شاركت الناس أم لم تشارك ستكون الحال واحدة والرئيس محدداً»، معتبراً أن «العالم كله سيكون متحالفاً على الشعب السوري إذا نجح بشار الأسد في هذه الانتخابات، كان الجدير بالعملية الانتخابية أن تأخذ طابعاً دولياً ومراقبة دولية وتتدخل فيها دول كبيرة عربية وغربية تشرف على الانتخابات عبر بروتوكولات يحددونها بتنسيق بينهم أو مع روسيا، وهذا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل».
وفي محافظة السويداء جنوب سوريا، كسرت بعض العائلات فيها حاجز الخوف وعبرت عن رفضها الصريح لترشيح بشار الأسد في الانتخابات المقبلة، حيث رفضت عائلتا «آل نصر وآل أبو فخر» خلال بيانات منفصلة ترشح بشار الأسد للانتخابات المقبلة.
وكانت آراء أهالي محافظة السويداء متذمرة ومستاءة من النظام السوري، «نتيجة الظروف الاقتصادية والأمنية المتدهورة والمتمثلة بعمليات القتل والخطف والغلاء». وقال شاب من السويداء: «إننا نرفض أن يترشح الأسد للانتخابات الرئاسية، بعد عشر سنوات من الصراع على الكرسي، فسوريا تدمرت وانهارت نتيجة تمسكه بالمنصب».
وعبر آخر أنه «الأجدر لبشار الأسد كان وقف تدهور اقتصاد البلاد، وتأمين الخبز للناس، وتخليص المواطنين من الجوع والحرمان».
كما تنتشر عبارات جدارية خطها شبان في مدينة السويداء، مناهضة لرأس النظام السوري تعبر عن رفضهم لـ«ترشح الأسد للانتخابات الرئاسية المقبلة، إضافة إلى عبارات ترفض وجود الميليشيات الإيرانية في بلادهم»، حسب مصادر محلية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.