كتاب عن ناديا كومانتشي... البطلة الأولمبية والضحية

النجمة «الكاملة» التي عانت من التعذيب في حقبة النظام الشيوعي

المؤرخ ستياريل أولارو مؤلف الكتاب (أ.ف.ب)
المؤرخ ستياريل أولارو مؤلف الكتاب (أ.ف.ب)
TT

كتاب عن ناديا كومانتشي... البطلة الأولمبية والضحية

المؤرخ ستياريل أولارو مؤلف الكتاب (أ.ف.ب)
المؤرخ ستياريل أولارو مؤلف الكتاب (أ.ف.ب)

صدر حديثاً كتاب عن ناديا كومانتشي؛ البطلة العالمية الأولمبية والتي صنعت التاريخ في أولمبياد مونتريال عام 1976 عندما باتت عن 14 عاماً أول لاعبة تحقق نتيجة «10 الكاملة» على الإطلاق لأدائها على العارضتين المتوازيتين. ولكن خلف البريق والنجاح هناك جانب آخر غير براق؛ إذ تعرضت كومانتشي لكثير من الإساءات من قبل «الشرطة السرية الرومانية (سيكوريتات)»، خلال الحقبة الشيوعية، في سبعينات القرن الماضي.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فالكتاب الذي يحمل عنوان: «ناديا سي سيكوريتات (ناديا والسيكوريتات)» وكتبه المؤرخ ستياريل أولارو، في وقت سابق من هذا الشهر، هو ثمرة تعمّقه وغوصه في آلاف الصفحات من تقارير الشرطة السرية الرومانية التي رُفعت عنها السرية.
في تلك الصفحات، يكشف المخبرون والمكالمات الهاتفية التي جرى التنصت عليها تفاصيل ما يسمّيه أولارو «العلاقة التعسفية» بين كومانتشي (59 عاماً الآن) التي عرفت بالاسم الرمزي «كورينا»، ومدرّبها بيلا كارولي.
وحسب الكتاب؛ فقد راقبت الشرطة السرية في إحدى دول أوروبا الشرقية الأكثر قمعاً؛ تحركاتها خطوة بخطوة.
قامت الشرطة بذلك من خلال جهاز مراقبة لا يشمل فقط عملاء سريين، ولكن أيضاً شبكة محدثّة باستمرار من المخبرين، يقول أولارو إنها تشمل مدربين وأطباء ومسؤولين في اتحاد الجمباز، وحتى مصمم رقصات الفريق وعازف البيانو.
وتتحدث التقارير التي كتبوها عن «الترهيب والوحشية» اللذين مارسهما كارولي تجاه كومانتشي، إضافة إلى اتهامات أخرى. وكتب أحد المخبرين في عام 1974: «تعرّضت الفتيات للضرب حتى نزفت أنوفهن، وعوقبن من خلال التدريبات البدنية لدرجة الإرهاق». وفقاً للتقارير، اعتاد كارولي على نعت لاعبات الجمباز بـ«الأبقار السمينة» و«الخنازير»، بينما كان يأخذ أيضاً جزءاً من الجوائز المالية التي يفزن بها في المسابقات الدولية.
رد المدرب على الانتقادات بالقول: «أنا بطبيعتي شخص لا أرضى بشيء... أريد دائماً المزيد... لاعبو الجمباز الذين أشرف عليهم هم الأفضل في العالم، ويحققون البطولات... هذا كل ما يهم».
سافر كارولي إلى الولايات المتحدة مع زوجته مارتا في عام 1981. وبينما تحدث أبطال أميركيون أشرف الزوجان عليهم سابقاً عن ممارسات مسيئة، ظلت كومانتشي دائماً متحفظة نسبياً بشأن هذه المسألة.
في حين لم تجرِ الرومانية المتوجة بتسع ميداليات أولمبية، بينها 5 ذهبيات، أي مقابلة بشأن هذا الكتاب، فإنها أكدت لوكالة الصحافة الفرنسية أنها كانت على اتصال مع أولارو وأجابت عن بعض من أسئلته.
نفى كارولي وزوجته كل المزاعم بحقهما بشأن سوء معاملة الرياضيين في المنشآت التدريبية الأميركية التي أنشأوها بعد مغادرة رومانيا. تحدثا في مقابلة مع قناة «إن بي سي» عن علاقتهما بلاري نصار؛ الطبيب السابق للفريق الأميركي للجمباز والذي عمل في المركز التدريبي الخاص بهما وحُكم عليه لاحقاً بالسجن بتهمة الاعتداء الجنسي على مئات الرياضيات.
ينقل الكتاب تصريحات خاصة لكومانتشي أدلت بها في مقابلة عام 1977 مع صحافيين، لم يتم نشرها مطلقاً، ولكن انتهى بها الأمر في ملفات الـ«سيكوريتات» بسبب التنصت على منزلها في مدينة أونيستي.
أكّدت خلال هذه المقابلة أنها تعرّضت «للإهانة» والضرب بشكل متكرر، كما أنها حُرمت من الطعام على مدى 3 أيام، والتوبيخ بسبب زيادة وزنها 300 غرام.
وتقول عن كارولي في التسجيلات: «أشياء كثيرة حدثت (...). لم يعد بإمكاني النظر إليه».
بعد 6 أشهر من إنجازها التاريخي في مونتريال حيث حققت 5 ميداليات (3 ذهبيات، وفضية وبرونزية)، رفضت أن تواصل التدرّب بإشراف كارولي.
شكت والدة كومانتشي من سوء المعاملة الذي تعرضت له ابنتها إلى الاتحاد المحلي للجمباز؛ حتى طلبت التحدث مباشرة مع نيكولاي تشاوشيسكو رئيس رومانيا والأمين العام للحزب الشيوعي الروماني في تلك الحقبة.
جرى ترتيب لقاء مع الديكتاتور، ولكنه أُلغي في اللحظة الأخيرة من دون تفسير.
يَذكر أولارو أن تشاوشيسكو «استخدم (كومانتشي) لأغراض دعائية» وأطلق عليها لقب «بطلة حزب العمل الاشتراكي»، مستطرداً: «لكنها مع ذلك، عانت من التعذيب والترهيب والإذلال»، حتى لو تعرضت للضرب أقل من زملائها وزميلاتها.
كان كارولي نفسه أيضاً تحت المراقبة من قبل المخبرين، الذين صوّروه على أنه شخص «لا يأبه بالمعاناة الإنسانية». كان عضواً في الأقلية المجرية بالبلاد والتي غالباً ما كانت تنظر إليها السلطات الشيوعية بعين الريبة.
لماذا لم تتدخل إذن السلطات حينها للحد من تصرفاته؟
يعزو أولارو ذلك إلى «اعتبارات سياسية بحتة»، ويسأل: «كيف يمكن أن يتفاخروا بالمستوى العالي لبرنامج الجمباز وفي الوقت نفسه يفتحون تحقيقاً بحق كارولي؟».
يقول أولارو إن ناديا أصبحت «سجينة في بلدها» بعد اعتزالها عام 1984 ومُنعت من السفر إلى الخارج، باستثناء بعض الدول الاشتراكية.
مع ذلك، تمكنت من الهروب إلى المجر في عام 1989، ومن هناك توجهت أولاً إلى النمسا، ثم إلى الولايات المتحدة حيث طلبت اللجوء.
يروي أولارو أن قرارها «حيّر النظام» الذي وصفته وسائل الإعلام الأجنبية بأنه أصبح «لا يطاق حتى لذوي الامتياز».
يعود آخر تقرير خاص بكومانتشي في ملفات الـ«سيكوريتات» إلى 20 ديسمبر (كانون الأول) 1989، قبل أيام من سقوط تشاوشيسكو.
ويتابع أولارو: «بعيداً عن الصورة التي قُدمت عنها في ذاك الوقت على أنها (صاحبة امتياز)، كانت ناديا ضحية للنظام»، مضيفاً أنه يراها «ثائرة ومحاربة تمكنت من التعافي من المحن التي مرّت بها». ويردف: «فعلت ما كان عليها فعله من أجل تحقيق طموحاتها».


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».