«آلام الذاكرة» تواصل «تسميم» العلاقات بين الجزائر وفرنسا

تشهد فتوراً غير مسبوق منذ وصول ماكرون إلى السلطة

صورة أرشيفية تعود لسنة 1961 وتؤرخ لفترة استعمار فرنسا للجزائر (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تعود لسنة 1961 وتؤرخ لفترة استعمار فرنسا للجزائر (أ.ف.ب)
TT
20

«آلام الذاكرة» تواصل «تسميم» العلاقات بين الجزائر وفرنسا

صورة أرشيفية تعود لسنة 1961 وتؤرخ لفترة استعمار فرنسا للجزائر (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تعود لسنة 1961 وتؤرخ لفترة استعمار فرنسا للجزائر (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات السياسية بين الجزائر وباريس فتوراً غير مسبوق، منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى الرئاسة عام 2017، ناجمة عن إرهاصات ما يعرف بـ«آلام الذاكرة» الموروثة عن الماضي الاستعماري، التي تمنع بناء علاقات طبيعية بين أكبر شريكين تجاريين في شمال أفريقيا.
وجاءت تصريحات ماكرون أول من أمس لصحيفة «لوفيغارو»، الفرنسية لتضفي مزيداً من التعقيد حول إمكان انفراج ما يعده الإعلام «أزمة» بين البلدين، حيث أكد أنه «من غير المقبول» موقف وزير العمل الجزائري الهاشمي جعبوب، الذي قال مؤخراً إن فرنسا «عدوتنا التقليدية والدائمة»، وهي التصريحات التي سببت إزعاجاً كبيراً في فرنسا، وأثارت حرجاً لدى الرئيس عبد المجيد تبون، الذي سبق وأثنى على «مرحلة جديدة بدأناها مع فرنسا».
وأبرز ماكرون أن «الرغبة في مصالحة الذاكرة بين الفرنسيين والجزائريين مشتركة بشكل كبير، على الرغم من بعض الرفض في الجزائر»، مشيراً إلى أن «هذه الرغبة مشتركة خصوصاً مع الرئيس الجزائري تبون. صحيح أنه عليه أن يأخذ في الحسبان بعض الرفض». وبشأن مساعٍ لـ«مصالحة الذاكرتين» قال ماكرون: «لست بصدد التوبة ولا الإنكار. أنا أؤمن بسياسة الاعتراف التي تجعل أمتنا أقوى... لا تخطئوا، فوراء الموضوع الفرنسي - الجزائري يوجد أولاً موضوع فرنسي - فرنسي»، في إشارة إلى أن ماضي فرنسا الاستعماري وتداعياته قضية لا تزال تثير جدلاً بين الفرنسيين، الذين يعتبر قطاع منهم أن احتلال الجزائر عام 1830 «يتضمن جوانب حضارية»، فيما يراه آخرون غزواً أعقبه نهب وقتل.
وتابع ماكرون موضحاً: «في الأساس، لم نصالح بين الذكريات الممزقة، ولم نبنِ خطاباً وطنياً متجانساً. الذاكرة الممزقة هي ذاكرة الأقدام السود (أوروبيون ولدوا بالجزائر وغادروها عند استقلالها)، وذاكرة الحركى (جزائريون متعاونون مع الاستعمار)، والمجندون الذين جرى استدعاؤهم والعسكريون الفرنسيون، وذاكرة الجزائريين الذين أتوا بعد ذلك إلى فرنسا، وذاكرة أبناء هؤلاء المهاجرين، وذاكرة مزدوجي الجنسية».
وألقت تصريحات الوزير جعبوب مزيداً من التعقيد على العلاقات مع فرنسا. ففي معرض حديثه بـ«مجلس الأمة» في الثامن من الشهر الحالي، حول تذمر مستشفيات فرنسية من تراكم ديون الضمان الاجتماعي الجزائري لدى مؤسسة «مستشفيات باريس»، تخص مستحقات تطبيب مئات الجزائريين بفرنسا في السنين الماضية، هاجم الوزير الحكومة الفرنسية، واعتبر الأموال التي تطالب بها «مستشفيات باريس» فيها مبالغة.
وقال مراقبون حينها إن جعبوب «كان بصدد التصرف كقيادي في حزبه حركة مجتمع السلم»، الإسلامي المعروف برفضه الشديد لأي تقارب مع فرنسا إذا لم تقدم اعتذاراً عن احتلالها الجزائر، وتدفع تعويضات عن ذلك.
وكرد فعل على جعبوب، قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، كليمون بون، إن بلاده «تريد تهدئة في العلاقات مع الجزائر، رغم بعض (التصريحات التي لا مبرر لها)».
وتزامن ذلك مع إعلان إرجاء زيارة رئيس الوزراء الفرنسي إلى الجزائر، بسبب الرفض الجزائري لـ«ضعف التمثيل» في الوفد الفرنسي. وبرر كاستيكس، رداً على موقف الجزائر، بأن قلة عدد الوزراء الذين كانوا سيرافقونه في زيارته «مردها للأزمة الصحية». وخلال الأسبوع الماضي، طالب وزير الخارجية الجزائري، سلطات فرنسا بـ«معالجة أكثر جدية لملف التعويض الخاص بالتجارب النووية»، التي أجرتها بصحراء الجزائر في ستينات القرن الماضي. وهذا الموضوع بالذات يشكل «أزمة داخل أزمة». فالجزائر تتهم فرنسا بـ«تماطل يخفي رفضاً»، بخصوص تسوية ملف تعويض ضحايا التجارب النووية، وذلك منذ 2009، تاريخ صدور قانون يتناول صرف تعويضات للمتضررين من التفجيرات النووية في بولينيزيا بالمحيط الهادي (1996) وفي الجزائر. وقد أعد مئات الجزائريين ملفات تثبت الضرر، الذي ألحقته الإشعاعات بصحة سكان الصحراء، وبالثروة الحيوانية وحتى المياه الجوفية، وأرسلتها جمعيات مهتمة بالموضوع إلى السلطات الفرنسية، لكنهم لم يلقوا تجاوباً منها.



الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
TT
20

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)

قضت السلطات الصومالية، الثلاثاء، على 16 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، من بينهم قيادات بارزة، في غارة جوية جنوب شرقي البلاد.

يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية»، بأن الغارة الجوية التي نُفذت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً لمسلحين كانوا محاصرين خلال الأيام الماضية إثر عمليات عسكرية للجيش الوطني، مضيفة أن الغارة أسفرت أيضاً عن تدمير سيارات تابعة لحركة «الشباب» الإرهابية.

وأشارت الوكالة إلى أن «الغارة الجوية التي وقعت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً للإرهابيين الذين تمت محاصرتهم خلال الأيام الماضية جراء العمليات العسكرية».

متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولفتت إلى أن «الغارة الجوية أسفرت عن تدمير المركبات القتالية التابعة لميليشيات الخوراج». ويستخدم الصومال عبارة «ميليشيا الخوارج» للإشارة إلى حركة «الشباب». وتشن الحركة هجمات تهدف إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية للاستيلاء على الحكم، وتطبيق الشريعة على نحو صارم.

كان وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور قد قال، يوم الجمعة، إن قوات صومالية وإثيوبية نفذت عمليات مشتركة ضد حركة «الشباب» بإقليم شبيلي الوسطى. وقال نور لوسائل الإعلام الصومالية الرسمية «العمليات العسكرية المنسقة، بدعم جوي دولي، تستهدف بشكل محدد الجماعات المسلحة». كما أعلنت القيادة الأميركية في أفريقيا، أواخر الشهر الماضي، أنها نفذت، بطلب من الحكومة الصومالية، غارة جوية ضد حركة «الشباب».

صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قُتل 9 أشخاص، الثلاثاء، في هجوم انتحاري وبإطلاق النار تبنته حركة «الشباب» في فندق في وسط الصومال، حيث كان هناك اجتماع يُعقد لبحث سبل مكافحة هذه الجماعة المتطرفة، وفق مصادر أمنية. وأكد أحمد عثمان المسؤول الأمني في مدينة بلدوين في محافظة هيران، حيث وقع الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «انتحارياً» قاد، صباحاً، حافلة صغيرة محملة بالمتفجرات إلى مدخل الفندق ليتبعه مسلحون دخلوا الفندق، وراحوا يطلقون النار.

وقال المسؤول الأمني حسين علي في وقت لاحق، الثلاثاء، إن «الحصار انتهى، وقُتل جميع المسلحين»، مضيفاً أن الهدوء عاد إلى المكان. وأكد أن 9 مدنيين، بينهم وجهاء تقليديون، قُتلوا في الهجوم، من دون أن يحدد عدد المهاجمين الذين قضوا. وأضاف علي أن أكثر من 10 أشخاص آخرين، معظمهم من المدنيين، أصيبوا بجروح في الهجوم. وكان الفندق المستهدف يستضيف اجتماعاً يجمع مسؤولين أمنيين وزعماء تقليديين بهدف حشد مقاتلين لمساعدة القوات الحكومية في حربها ضد حركة «الشباب» المتطرفة.

وأكد الشرطي علي مهاد أنه تم إنقاذ العديد من الأشخاص الموجودين في المكان. وقال شاهد عيان يدعى إدريس عدنان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان قريبي داخل الفندق أثناء الهجوم، وهو محظوظ لأنه نجا وأصيب بجروح طفيفة». وأضاف أن «المبنى دُمر في خضم إطلاق نار كثيف». وأعلنت «حركة الشباب» في بيان مسؤوليتها عن الهجوم.

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» تمرّداً مسلّحاً ضدّ الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يُعد من أفقر دول العالم.

وتوعد الرئيس الصومالي بحرب «شاملة» ضد حركة «الشباب»، وانضم الجيش إلى ميليشيات عشائرية في حملة عسكرية تدعمها قوة من الاتحاد الأفريقي وضربات أميركية، لكنها مُنيت بانتكاسات.