وزير خارجية ليبيا الأسبق: عناصر «داعش» في درنة عائدون من سوريا والعراق وغوانتانامو وأفغانستان

التريكي أكد لـ(«الشرق الأوسط») أن من قاموا بذبح المصريين أجانب.. والشعب الليبي يتضامن مع مصر

الدكتور علي التريكي
الدكتور علي التريكي
TT

وزير خارجية ليبيا الأسبق: عناصر «داعش» في درنة عائدون من سوريا والعراق وغوانتانامو وأفغانستان

الدكتور علي التريكي
الدكتور علي التريكي

كشف الدكتور علي التريكي، وزير الخارجية الليبي الأسبق، عن العناصر التي يتكون منها تنظيم داعش في مدن سرت ودرنة، مؤكدا في حوار لـ«الشرق الأوسط» أن معظمهم قادم من العراق وسوريا وأفغانستان وغوانتانامو، وهناك أيضا عناصر من الجزائر والسودان ومجموعات من الأجانب. وقال إن من ذبح الـ21 مصريا ليسوا من ليبيا، وإن ظاهرة الدواعش دخيلة على الشعب الليبي، مؤكدا أن كل الشعب ينتفض ضدهم حاليا ويتضامن مع الشعب المصري للخلاص من هذه الظاهرة.
وطالب التريكي بحوار ليبي - ليبي جدي تحت مظلة الجامعة العربية وداخل مقرها بالقاهرة، وصولا إلى توافق سياسي ينهي الأزمة ويفضي إلى تشكيل حكومة وطنية، ثم الإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية بعد وضع الدستور خلال شهر مارس (آذار) المقبل، والاستفتاء عليه. وأشاد التريكي بالدور الوطني الذي يقوم به اللواء خليفة حفتر في تقوية المؤسسة العسكرية وتصفية الجيوب الإرهابية، وأكد أن مسقط رأسه «مصراتة» ترفض الإرهاب والدواعش، ومؤهلة للتسوية السياسية. وإلى نص الحوار..
* هل يمكن للجيش الليبي أن يقوم بتطهير الأراضي الليبية من ظاهرة الدواعش؟ وما مدى انتشارها وحجمها وخطورتها؟
- مشكلة التطرف الآن ليست ليبية وإنما دولية، وليبيا إحدى ضحاياها. و«داعش» هي عصابة متطرفة لا دين لها ولا قيم ولا أخلاق، وانتشرت للأسف من مجموعات كثيرة، منهم من كان في السجون في فرنسا وشرق آسيا وغوانتانامو وغيرها.. وفي بعض المناطق وجدوا تعاطفا نتيجة للظروف الموجودة في العراق واستهداف السنة، إذ وقفوا في صفوفهم دفاعا عنهم.. وبالتالي «داعش» انطلقت في العراق. أما في ليبيا فهي أشد خطورة أكثر من أي مكان آخر لقربها من أوروبا ومساحتها الشاسعة التي يصعب السيطرة عليها، وبالتالي لا بد من وضع خطة عملية لمحاصرة هذا الشر المستطير.
* ما المناطق التي يوجد بها «داعش» في ليبيا؟ وهل توجد في مصراتة مسقط رأسك؟
- مصراتة بها تيار آخر إخواني ولا يوجد بها دواعش، وهم يتمركزون في مدينة سرت وقوتهم كبيرة. وسبق أن سيطروا على التلفزيون والإذاعة، وقاموا بهذه العملية القذرة ضد المصريين، ولهم سيطرة وسطوة.
* وماذا عن درنة؟
- «داعش» يتمركز في درنة، ومعظمهم عناصر عائدة من أفغانستان والعراق وسوريا. وأغلبهم ليسوا من ليبيا، وإنما من جنسيات مختلفة، من اليمن وتركيا وعائدون من أفغانستان ومجموعة من الجزائر والسودان.
* هل يمكن تحديد جنسية الدواعش الذين ذبحوا الـ21 مصريا؟
- هم أجانب.
* ما الذي يمكن أن يقوم به الشعب الليبي للتخلص من الظواهر الداعشية؟
- الشعب الليبي في حاجة إلى حوار حقيقي مثل الحوار الذي جمع اللبنانيين.. وبالتالي يجب لهذا الحوار أن يتم تحت سقف جامعة الدول العربية لاستكمال ما قام به مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون.. وهو عمل جدي لا بأس به، فلأول مرة ترسل الأمم المتحدة مبعوثا جيدا. والمهم الاستمرار في الحوار لإيجاد حل سياسي بين الليبيين، والانتهاء من قوانين العزل السياسي والعفو العام، وكلها خطوات جيدة اتخذت في هذا الخصوص، وأن يحدث توفيق بين المجلسين القديم والجديد حتى تنتهي هذه الخلافات.
* هل يمكن إيجاد توافق عبر الحوار؟
- ليبيا في حاجة إلى حوار بين البرلمان الجديد والبرلمان المنتهية ولايته، وتصوري أن الجامعة العربية يجب أن تقوم بدور.. أما حكاية الاستمرار في ما يسمى باللجان والاجتماعات، على غرار أصدقاء سوريا، فهذه كلها أمور غير ذات جدوى.
والاجتماع لدول الجوار وغيرها، كلهم مشكورون لقيامهم بدور مهم، ولكن الأهم هو حوار الليبيين تحت مظلة جامعة الدول العربية، مع إعطاء دور للقيادة المصرية، وهي قومية وحريصة على أمن واستقرار كل الدول العربية.
* هل يمكن لخليفة حفتر أن يقوم بدور لجمع كل الليبيين حوله في هذه المرحلة المهمة؟
- أتصور أن الأمور تسير في هذا الاتجاه. وسبق أن قام بعمل جيد عندما حاول تجميع ما تبقى من الجيش الليبي الذي ضرب حلف الناتو قواعده وأسلحته.
* هل يمكن الحوار مع جماعة «فجر ليبيا» وجماعة «أنصار الشريعة»؟
- «أنصار الشريعة» بها المتطرف والمعتدل، وقد صنفتها الأمم المتحدة مؤخرا بأنها «جماعة إرهابية».. أما جماعة «فجر ليبيا» فهم تجمع سكاني من مصراتة والزاوية ومناطق أخرى، وهم ليسوا إرهابيين، لكنْ لديهم اتجاه سياسي ويحتجون على عدم تمثيلهم في البرلمان.
* وماذا عن الوضع في طرابلس؟ وهل المشكلة في مطار معيتيقة وسيطرة كتيبتين عليه؟
- المشكلة أن حلف الناتو قام بتدمير المنطقة الغربية ودمر معسكرات الجيش، وأصيب الجيش بنكسة كبيرة في ذلك الوقت، وبالتالي إحياء الجيش في طرابلس في إطار الجيش الوطني يمكن أن يحسن الوضع ويسهم في السيطرة على طرابلس من جديد وإعادة السيطرة بشكل كامل.
* ما المطلوب عربيا ودوليا لدعم ليبيا حاليا؟
- أولا دعم سياسي، وحل سياسي، وهذا عن طريق الجامعة العربية من خلال دعوة كل الأطراف.. ولا حساسية من إتمام الحوار في مصر مقر الجامعة العربية، ومصر هي الجامعة والحاضنة لكل العرب، ولها دور في استيعاب مئات الآلاف من الليبيين. وأرى أيضا إضافة إلى هذا أن يكون هناك عمل شعبي بجوار العمل الرسمي، إذ يمكن تشكيل بعض الوفود الشعبية للقاء أعضاء البرلمان، ومع أعضاء المؤتمر السابقين، ومع قوى سياسية في طرابلس وبنغازي ومصراتة.
* هل يمكن الحوار مع الجماعات المتطرفة؟
- هذه الجماعات لا تؤمن بالحوار، وحوارها هو الموت والقتل.
* تردد أنكم ساهمتم في الإفراج عن الصيادين المصريين المحتجزين في ليبيا مؤخرا.
- تحدثت مع بعض الإخوان في ليبيا، وفي مقدمتهم النائب العام في مصراتة. وأتفق على أنه من لديه رغبة من المصريين في ليبيا للعودة إلى مصر، وفقا لما أعلنته الحكومة المصرية، نتعاون معهم لتأمين العودة.. ومن أراد البقاء فهم بين إخوانهم وأهلهم في ليبيا.. والمصريون أقرب إلى قلوب الليبيين، وهم في بلدهم.
* في تقديرك، لماذا يتم استهداف المصريين في ليبيا؟
- على العكس، المصريون لهم كل الحب والتقدير من إخوانهم في ليبيا بشكل كبير، ونتمنى أن يبقوا. ومعروف أن التيار المتطرف مُعادٍ لليبيا ومصر، ويقتل الآلاف من الليبيين عبر هذه العصابات، خصوصا «أنصار الشريعة».
* هل دعم الجيش الليبي وتسليحه يساعد في حسم معركة ليبيا ضد هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة؟
- أرى في الأفق رغبة من كل الليبيين للحل السياسي، وعليه أتمنى أن يتفقوا على تشكيل حكومة مركزية واتحاد وطني، وأن تحل كل المؤسسات المختلف عليها وتشكل مؤسسات قائمة على التوافق وفق الدستور الجديد الذي يتم الانتهاء منه خلال شهر مارس المقبل، وبعد الاستفتاء عليه تجرى انتخابات برلمانية ورئاسية، وأن يتم إلغاء القوانين السيئة الخاصة بالعزل السياسي والإقصاء والتهميش وغيرها. وقد بدأ بالفعل هذا الإجراء.
* أين أموال النفط الليبي؟
- تصدير النفط الليبي تقلص بشكل كبير نتيجة الاقتتال والأوضاع الأمنية الصعبة، وهناك مشكلات مالية نتيجة صرف الاحتياطي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.