ملامح تشكل جبهة معارضة لممثلي «الإسلام السياسي» في تونس

تضم أحزاباً يسارية وتنهل من رفض رئيس الجمهورية التعامل مع رئيس البرلمان

الرئيسان التونسي والمصري خلال اجتماعهما في القاهرة في 9 أبريل (إ.ب.أ)
الرئيسان التونسي والمصري خلال اجتماعهما في القاهرة في 9 أبريل (إ.ب.أ)
TT

ملامح تشكل جبهة معارضة لممثلي «الإسلام السياسي» في تونس

الرئيسان التونسي والمصري خلال اجتماعهما في القاهرة في 9 أبريل (إ.ب.أ)
الرئيسان التونسي والمصري خلال اجتماعهما في القاهرة في 9 أبريل (إ.ب.أ)

كشفت مواقف أحزاب تونسية معارضة عن ملامح تشكل جبهة معارضة لممثلي الإسلام السياسي في الحكم، تقودها رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي وتنضم لها بصفة فردية أطراف سياسية معارضة خاصةً من التيار اليساري ممثلا في حزب «الوطن» بزعامة المنجي الرحوي وتحالف «الجبهة الشعبية» بزعامة حمة الهمامي علاوة على أطراف أخرى بينها «حزب التيار الديمقراطي» برئاسة غازي الشواشي، و«حركة الشعب» التي يترأسها زهير المغزاوي، وهو ما يجعل «حركة النهضة» وحلفاءها الأيديولوجيين في وضعية دفاعية خاصةً بعد بروز توازنات سياسية جديدة ترجمها التقارب المصري - التركي الأخير.
وتتقاطع هذه الدعوات مع «الخصومة المعلنة» التي كشف عنها الرئيس التونسي قيس سعيد مع ممثلي الإسلام السياسي إثر زيارته إلى مصر من ٩ إلى ١١ أبريل (نيسان) الحالي، وهو ما جعل مراقبين يتحدثون عن تحالف ممكن بين سعيد وموسي، إضافة إلى المساندة التي تلقاها مواقف الرئيس التونسي من قبل حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب».
وقال المحلل السياسي التونسي هاشم بو عزيز إن البراغماتية السياسية والمعركة المعلنة للرئيس التونسي ورئيسة «الحزب الدستوري الحر» ضد حركات الإسلام السياسي، قد تسهم في تقارب ممكن بين الطرفين. وأشار إلى وجود عدد من النقاط المشتركة بين هذه الأطراف أهمها مخاصمة تيار الإسلام السياسي واتهامه بالفشل في إدارة البلاد بعد ثورة ٢٠١١، والدعوة إلى تغيير النظام السياسي الحالي باتجاه نظام رئاسي وتغيير القانون الانتخابي، علاوة على مناهضتهما لطريقة إدارة الشأن البرلماني برئاسة راشد الغنوشي رئيس «حركة النهضة».
وفي المقابل، يرى مراقبون أن نزعة كل من الرئيس سعيد والسياسية موسي إلى القيادة والزعامة ونسب إنقاذ البلاد إلى شخصه قد تجعل هذا التقارب صعبا للغاية خاصةً أن كليهما ينطلق من مرجعية فكرية وأيديولوجية متباينة. ويرى سعيد أن موسي تمثل المنظومة القديمة على اعتبار أنها كانت تشغل موقعا قياديا في «حزب التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل، كما أن موسي بدورها تعتبر من خلال تصريحات عدة أن الرئيس صاحب مواقف غامضة وهو كذلك صاحب شخصية محافظة للغاية خاصةً من خلال مواقفه حول الحريات.
على صعيد آخر، وخلال إشراف الرئيس التونسي يوم أمس على موكب الاحتفال بالذكرى الـ٦٥ لعيد قوات الأمن الداخلي، أكد أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمنية وليس العسكرية فقط بموجب قانون أغسطس (آب) ١٩٨٢ في إشارة إلى الخلاف الحاد الدائر حاليا مع رئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من قبل «حركة النهضة» حول من يتولى قيادة القوات الأمنية وتعيين كوادرها العليا وفق الصلاحيات الدستورية.
واعتمد سعيد في تأويله على القانون المتعلق بقوات الأمن الداخلي الذي ينص القائد الأعلى للقوات المسلحة بما في ذلك القوات المسلحة المدنية، وهو ما يعني أن «رئيس الجمهورية هو الذي يتولى الإعفاءات والتعيينات في المناصب العليا العسكرية والدبلوماسية بعد استشارة رئيس الحكومة». وتابع سعيد منتقداً خصومه ومناوئيه: «لا يذهب البعض بالقول إن هذا التأويل فيه نزعة أو حنين للماضي بل بالعكس القوات المسلحة يجب أن تكون في خدمة الشعب ويجب أن تكون أسوة في تطبيق القانون على الجميع لا بالمال ولا بالعلاقات مع الخارج ولا بالمصاهرة أو القرابة».
ونفى سعيد ميله إلى احتكار هذه القوات قائلا إن النص القانوني واضح، ومن لم يتضح له في سنة ٢٠١١ فليكن هذا واضحا منذ اليوم، ليس هناك على الإطلاق سيوف تخرج من أغمادها ولكن هناك قوانين يجب أن تطبق، على حد تعبيره.
يذكر أن خلافا حادا ظهر بين رأسي السلطة التنفيذية إثر قرار المشيشي إعفاء توفيق شرف الدين من وزارة الداخلية التي بات يتولاها رئيس الحكومة بالإنابة، وذلك دون تشاور مع الرئيس التونسي.
من جهة أخرى، قضت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، الليلة قبل الماضية، بالسجن غيابياً لمدة ست سنوات مع النفاذ العاجل في حق كل من ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وابنتها نسرين بن علي، في قضية تتعلق بشبهة فساد مالي. وتمت إحالة المتهمتين على القضاء التونسي على معنى الفصل ٩٦ من القانون الجزائي المتعلق بتحقيق موظف عمومي فائدة لا وجه لها سواء لنفسه أو لغيره والإضرار بالإدارة التونسية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.