مصر: 11 قتيلاً وعشرات الجرحى بثالث حادث قطار خلال شهر

خروج 4 عربات عن القضبان والسيسي يُكلف بالتحقيق

مصريون فوق عربات قطار القاهرة - المنصورة في سندهور بعد خروج 4 عجلات وانقلابها أمس (رويترز)
مصريون فوق عربات قطار القاهرة - المنصورة في سندهور بعد خروج 4 عجلات وانقلابها أمس (رويترز)
TT

مصر: 11 قتيلاً وعشرات الجرحى بثالث حادث قطار خلال شهر

مصريون فوق عربات قطار القاهرة - المنصورة في سندهور بعد خروج 4 عجلات وانقلابها أمس (رويترز)
مصريون فوق عربات قطار القاهرة - المنصورة في سندهور بعد خروج 4 عجلات وانقلابها أمس (رويترز)

للمرة الثالثة خلال شهر واحد، شهدت مصر، أمس، حادثاً جديداً لقطار، بعد أن خرجت 4 عربات عن القضبان، مخلفة 11 قتيلاً ونحو مائة جريح، بحسب وزارة الصحة.
وبحسب إفادات حكومية رسمية، أمس، فإن قطار (القاهرة - المنصورة) خرج عن القضبان لدى مروره بمدينة طوخ بمحافظة القليوبية (دلتا مصر)، ما أدى إلى انقلاب عدد من العربات، ووقوع مصابين.
ويأتي الحادث بعد أقل من شهر على تصادم قطارين في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج (365 كيلومتراً جنوب القاهرة)، في 26 مارس (آذار) الماضي، أسفر عن مقتل 20 شخصاً، وإصابة نحو مائتين آخرين. كما وقع حادث آخر، يوم الخميس الماضي، في خط قطار منيا القمح بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، أسفر عن إصابة 14 شخصاً.وأعلنت «الهيئة القومية لسكك حديد مصر»، أمس، أنه في أثناء مرور القطار رقم 949 - 3209 السياحي المتجه من القاهرة إلى المنصورة، وفي تمام الثانية إلا الربع ظهراً بتوقيت القاهرة «سقطت 4 عربات من القطار بمدخل محطة سندنهور».
وخلف الحادث تأهباً رسمياً واسعاً، إذ أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «تشكيل لجنة تضم في عضويتها هيئة الرقابة الإدارية، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والكلية الفنية العسكرية، وكليات الهندسة، للوقوف على أسباب الحادث، على أن تجري موافاة رئيس الجمهورية بتقرير مفصل في هذا الشأن». كما بدأ فريق من النيابة العامة معاينة موقع الحادث.
وحكومياً، انتقل وزير النقل، كامل الوزير، إلى موقع الحادث، وقال إنه «لن يتهرب من المسؤولية»، مضيفاً في تصريحات لوسائل إعلام محلية مصرية: «نعمل ليلاً ونهاراً لتطوير منظومة السكة الحديد لتقديم خدمات مميزة لجمهور الركاب المسافرين».
وأعلن كذلك رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، تكليف وزيري التعليم العالي والصحة بتفقد المستشفيات التي جرى نقل مصابي الحادث إليها، مؤكداً تقديم كامل الخدمات الصحية اللازمة للمصابين، فيما جرى تكليف وزيرة التضامن الاجتماعي بسرعة صرف التعويضات للمتضررين من الحادث.
وعلى الصعيد الطبي، أعلنت وزارة الصحة والسكان عن مشاركة 58 سيارة إسعاف في نقل 97 شخصاً إلى مستشفيات قريبة من موقع الحادث، وأنه «تم رفع درجة الاستعداد للقصوى بجميع مستشفيات محافظة القليوبية».
وأفادت كذلك وزيرة الصحة، هالة زايد، بأن «جميع المصابين يتلقون العلاج والرعاية الطبية اللازمة، وأن معظم الإصابات تراوحت بين كسور وجروح قطعية وسحجات بأماكن متفرقة بالجسد، بينما تقرر نقل 3 مصابين يحتاجون إلى تدخلات جراحية دقيقة إلى مستشفى معهد ناصر بالقاهرة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة».
وتمثل قضية إصلاح منظومة السكك الحديدية تحدياً كبيراً للحكومات المتعاقبة في مصر. وفي تصريحات قبل الحادث صباح أمس، قال المهندس أشرف رسلان رئيس هيئة السكة الحديد إن الهيئة تعتزم «إنهاء مشروعات تطوير نظم الإشارات الجاري تنفيذها حالياً بنهاية العام الحالي». وأظهرت تحقيقات النيابة في حادث تصادم القطارين بمحافظة سوهاج الذي خلف 20 قتيلاً مخالفات عدة، ووجهت السلطات القضائية اتهامات لموظفين وسائقين في قطاع السكك الحديدية، تتضمن «التزوير» و«تعاطي المخدرات» و«الإهمال».
وأعلنت النيابة العامة كذلك، أول من أمس، عن نتائج أولية للتحقيقات في حادث قطار بمنيا القمح، وتوصلت إلى تجاوز السائق وناظر المحطة للمناطق الواجب «تهدئة السرعة» فيها. وضبطت نموذجاً للإخطار بالعلم بالسرعات المقررة الملزمة موقعاً عليه بتوقيعات منسوبة إلى «مساعد سائق القطار» و«ناظر المحطة» اللذين أكدا عدم توقيعهما، وأثبت تقرير «التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي» عدم صحة التوقيعات المنسوبة إليهما».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.