«الدرعية التاريخية» تحتفي باليوم العالمي للتراث كأكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم

دشنه خادم الحرمين وصاغت أهدافه «رؤية 2030»

الدرعية تحتضن مواقع تراثية عالمية مثل حي طريف وقصر سلوى (واس)
الدرعية تحتضن مواقع تراثية عالمية مثل حي طريف وقصر سلوى (واس)
TT

«الدرعية التاريخية» تحتفي باليوم العالمي للتراث كأكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم

الدرعية تحتضن مواقع تراثية عالمية مثل حي طريف وقصر سلوى (واس)
الدرعية تحتضن مواقع تراثية عالمية مثل حي طريف وقصر سلوى (واس)

تحتفي السعودية باليوم العالمي للتراث الذي يصادف 18 أبريل (نيسان)، من كل عام، حيث تُسابق هيئة تطوير بوابة الدرعية الزمن للانتهاء من مشروعات متنوعة لتطوير وتأهيل المواقع التراثية في الدرعية، التي رعى حفل تدشينها ووضع حجر الأساس لها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، من عام 2019م، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية.
ويُعد مشروع تطوير بوابة الدرعية أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم يهدف إلى تطوير المنطقة التاريخية بمواقعها التراثية العالمية، وإعادتها إلى ماضيها العريق في القرن الثامن عشر، لتصبح وجهة سياحية محلية وإقليمية ودولية، نظراً لما تضمه من جغرافيا وتاريخ عتيق؛ وهو أحد أبرز المشروعات التي يوليها خادم الحرمين الشريفين، رعاية كبيرة، في ظل اهتمامه الدائم والمعهود بالتراث الوطني والحرص على تطوير المواقع التراثية والتاريخية في مختلف مناطق المملكة، وفي القلب منها «جوهرة المملكة»، باعتبارها أرض الملوك والأبطال، وعاصمة الدولة السعودية الأولى.
وحظيت الدرعية التاريخية باهتمامٍ كبيرٍ من القيادة السعودية، ويتضح ذلك في خططها وبرامجها التطويرية، منذ وقت مبكر لإعادة إعمارها، كما يهدف مشروع تطوير الدرعية التاريخية، الذي يأتي في إطار أهداف وتطلعات رؤية المملكة 2030، إلى تحويل هذا الموقع التاريخي الفريد إلى واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية والتعليمية والترفيهية عالمياً، لا سيما أن المنطقة تتميز بطبيعتها الخلابة، وتمثل أنموذجاً عالمياً في نمط الحياة الحضرية، ومخططاً يكفل إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة، وواحداً من أهم وأبرز أماكن التجمع الإنساني في العالم.
ومن أهم المواقع التراثية العالمية المعروفة في الدرعية التاريخية، حي الطريف التاريخي، المدرج ضمن قائمة المواقع التراثية العالمية بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وقصر سلوى، وغيرها من المعالم والقصور والمساجد التاريخية، حيث جرى البدء في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع العام الماضي، من خلال تنفيذ أعمال تطوير منطقة البجيري، وفق أبرز وأحدث المعايير الحضرية والبيئية في تأهيل المواقع التاريخية والتراثية في العالم، وإقامة نمط حياة استثنائي للسياح والضيوف والزوار من داخل وخارج المملكة العربية السعودية.
ومن المتوقع أن تجذب المنطقة أكثر من 25 مليون زائر وسائح سنوياً من داخل وخارج المملكة، في ظل ما يتم التخطيط له من مشروعات ترفيهية وفعاليات متنوعة، وما تضمه من متاحف، ومنشآت فنية وثقافية، واستقطاب الأحداث الفنية والثقافية من مختلف أنحاء العالم، مدعومة بطابع معماري مميز، لا سيما العمارة النجدية المعروفة في الدرعية، التي يعود تاريخها إلى أكثر من 300 سنة.
وستحول المشروعات التي يجري تنفيذها «الدرعية التاريخية» إلى منطقة للاستكشاف والتسوق وتذوق أشهى الأطعمة العالمية، ومكان للسكن والعيش والحياة الراقية، خصوصاً أنه يجري إنشاء مجموعة متنوعة من المقاصد السياحية والترفيهية بإضافة فنادق تراثية مميزة ومجموعة متنوعة من المتاحف، ومحلات عالمية للتسوق، ومطاعم عالمية، بأذواق ونكهات تنتمي لدول وشعوب من مختلف الدول والثقافات. كما يشمل المشروع عدداً من الساحات الخارجية ذات التصاميم المميزة والإطلالات الخلابة، وممشى بطول 3 كم يطل على وادي حنيفة التاريخي، بل إن المنطقة ستكون بمثابة أكبر وأهم منطقة تراثية وثقافية مفتوحة بإطلالات طبيعية وتاريخية.
يذكر أن اليوم العالمي للتراث يتم الاحتفاء به يوم 18 أبريل من كل عام برعاية منظمة اليونيسكو ومنظمة التراث العالمي، بهدف التوعية بحماية التراث الإنساني، حسب الاتفاقية التي أُقرت في باريس عام 1972؛ والتي تشمل نوعين من التصنيفات التراثية: «ثقافي» يضم الآثار والأعمال المعمارية والمجمعات العمرانية والمواقع الحضرية ذات القيمة الاستثنائية، و«طبيعي» يضم المواقع الطبيعية ذات القيمة العالمية، وقد تعاونت هيئة تطوير بوابة الدرعية مع «الآيكوموس» السعودي؛ اللجنة الوطنية للمجلس الدولي للمواقع والمعالم، في إطلاق مسابقة خاصة باليوم العالمي للتراث، حيث أطلقت في 21 مارس (آذار) الماضي ليقدم المشاركون مقاطع فيديو قصيرة، تسلط الضوء على التراث السعودي للتعريف به للجمهور المحلي والعالمي على أن تكون في مجالات التراث العمراني، ويشمل المناطق والقرى التاريخية ومواقع التراث العمراني والمعماري، التي تملك الأصالة والتكامل والقيمة الاستثنائية والتراث الطبيعي، ويشمل العناصر كالجبال والأودية والصحاري والسهول والهضاب والجزر وشواطئ البحر والحدائق الطبيعية ذات المناظر والتكوينات الجيولوجية المميزة، على أن يتم تتويج المشاركات المميزة في حفلٍ يحتفي بيوم التراث العالمي اليوم في حي الطريف التاريخي المسجل في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.



«مقهى الشابندر» من قلب بغداد إلى الرياض... سفيرُ لقاءات الفنّ والمعرفة

TT

«مقهى الشابندر» من قلب بغداد إلى الرياض... سفيرُ لقاءات الفنّ والمعرفة

أُنشئ المقهى في بغداد عام 1917 (تصوير: تركي العقيلي)
أُنشئ المقهى في بغداد عام 1917 (تصوير: تركي العقيلي)

بعمره الذي يتجاوز القرن، وشهرته في الآفاق، حضر «مقهى الشابندر» الذي يوصَف برئة بغداد الثقافية، إلى العاصمة السعودية الرياض، ضمن مهرجان «بين ثقافتين» الذي تنظّمه وزارة الثقافة في المملكة بنسخته الثانية، للاحتفاء بعمق العلاقات الثقافية بين البلدين، وتقديم فعاليات تعزّز أواصر التعاون، وتوفّر فرصة لاستكشاف ثراء العلاقة وتبادُل الفنون المشتركة.

وفي محاكاة للمقهى الذي أُنشئ عام 1917، في حين يعود إنشاء مبناه إلى نهاية القرن الـ19؛ حضر على امتداد أيام المهرجان شعراء وأدباء ومثقّفون لإحياء أمسيات أدبية وشعرية وفنّية، استمتع بها الضيوف وروّاد المقهى في الرياض.

ومن نوافذ «مقهى الشابندر»، يطلّ المستمتع بأحاديث السمر والفكر على «شارع المتنبي» في محاكاة للشارع البغدادي الشهير الذي يُجسّد القيمة الثقافية للشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية، وتمتدّ على جانبيه أبرز المعالم الثقافية، والأجواء الأدبية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب وروح المكان.

أمسيات أدبية وشعرية وفنّية يستمتع بها ضيوف المهرجان (تصوير: تركي العقيلي)

 

يتسامر زوّاره بأحاديث الثقافة والفنّ والشعر والسياسة (تصوير: تركي العقيلي)

ويحتفي المقهى بدوره في إيقاد مشاعل الفكر وإثراء مواسم الثقافة والأدب والمعرفة، من خلال حضوره في ذاكرة العراقيين لعقود؛ ويحتفي بصاحبه محمد الخشالي الذي تسلَّم إدارته عام 1963 بعدما كان مخصّصاً سابقاً لمطبعة الشابندر التي تأسّست عام 1907.

بُني المقهى التاريخي على الطراز المعماري البغدادي الأصيل، ويُعدُّ شاهداً على نمط معماري فريد عرفته العاصمة العراقية في تاريخها. وكان روّاده تاريخياً من كبار موظفي الحكومة، نظراً إلى موقعه المهم في قلب المدينة العتيقة، بالإضافة إلى مختاري بغداد وأجيال من روّاد الثقافة والأدب والفكر العربي.

أمسيات أدبية وشعرية وفنّية يستمتع بها ضيوف المهرجان (تصوير: تركي العقيلي)

 

المقهى جوهرة ثقافية بغدادية (تصوير: تركي العقيلي)

يعود اسم المقهى إلى انتماء أصحابه لعائلة الشابندر؛ وهي عائلة بغدادية قديمة، عُرفت بالغنى والجاه والعمل في التجارة؛ وقد أُطلق على عميد الأسرة، رئيس التجار أو شابندر التجار.

وتشهد جدرانه ومقاعده على تاريخ ارتبط بأحداث بغداد وتحوّلاتها. ويحتوي أرشيفه على صور لوالي بغداد خليل باشا، والملك فيصل الأول، ووزراء في العهد الملكي، إلى جانب أهل الفنّ، منهم الراحلة أم كلثوم.

ويستذكر المتسامرون في «مقهى الشابندر» بالرياض، حكاية الخشالي عندما أعاد إلى المقهى روحه من جديد، بعد الحادثة الإرهابية التي تعرَّض لها عام 2007 في ذروة عصف الصراع الطائفي ببغداد، إذ أودت سيارة مفخَّخة بنحو 68 ضحية، بينهم 4 من أبناء صاحب المقهى وحفيده، لكنّ الخشالي تمكن من إعادة بثّ الروح فيه واستئناف دوره الثقافي وسط شارع المتنبي البغدادي، ولم يبقَ من أثر الحادثة الدموية إلا وصف «مقهى الشهداء» على لوحة الاستقبال.

«شارع المتنبي» في الرياض يُحاكي الشارع البغدادي الشهير في العراق (تصوير: تركي العقيلي)

 

حضر المقهى المعروف برئة بغداد الثقافية إلى العاصمة السعودية (تصوير: تركي العقيلي)

وظلَّ المقهى التاريخي جوهرة ثقافية بغدادية وواحداً من أشهر الأندية الاجتماعية المهمّة في العاصمة العراقية؛ يتسامر زواره بأحاديث الثقافة والفنّ والشعر والسياسة، ويتردّد عليه عامة الناس والتجار والموظّفون والأدباء.

ويستمرّ مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في الرياض، حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لإظهار القواسم المشتركة بين الثقافتين السعودية والعراقية عبر أنشطة وفعاليات تُعزّز أواصر التعاون الثقافي بين البلدين، وتوفّر الفرصة لاستكشاف الثقافة العراقية وعلاماتها الإبداعية المميّزة.