الطهي ملاذ لطيف يصفو به البال

يساعد على التركيز والتعافي والثقة بالنفس والتواصل الدافئ

TT

الطهي ملاذ لطيف يصفو به البال

تقول المدونة ياسمين عبد الله: «أحببت الطهي عندما فهمت وظيفة كل تابل، حينها أصبحت أحاديثي مع التوابل طويلة؛ التوابل أمهات أحياناً، صديقات أحياناً». وهي المدينة إلى نصيحة امرأة عجوز: «إن شعرتِ بالتشتت عليك بالعجين»، لم يكن أمامها إلا أن تستجيب لصوتها الداخلي: «اعجني، لا يهم إن فشلتِ... فقط اعجني»، واصفة العجين بقولها: «ذلك الشرقي المستعصي الذي يؤكل بالسكر والعسل والمكسرات، وقد يضاف إليه الحليب، وغالباً يؤكل ساخناً، هو ما يشبه قلبي تماماً».
ياسمين واحدة من هؤلاء الذين يتمتعون بنظرة شفافة إلى الطهي، فمع كل بيضة تكسرها في أثناء تحضير الكيك تتمنى أن تتحقق أمنية لشخص عزيز، ومع كل معيار للدقيق أو الحليب تغازل البياض فيهما وتبتسم له، في حين يبدو أن كاتبة قصص الأطفال نُسيبة المنيّس محقة بقولها إن رغيفاً ريفياً مخبوزاً في الصباح يسبب سعادة طوال اليوم، وحتى الدراسات تؤكد أن الشعور الجيد الذي يتأتى مع سحب رغيف خبز طازج من الفرن يمكن أن يستمر لبقية اليوم. أما مصورة الطعام ليلى الهاشمي، فتجتاحها السعادة بمجرد أن تقلب في الوعاء التموجات الدافئة للشوكولاتة. وبما أن «النصيحة كانت بجمل»، فلا بد أن يأخذ شخص بأمس الحاجة إلى المعنويات بنصيحة «تناول الطحين وأشعل الفرن» على محمل الجد، فقد صحّ لسان كل من قال إن «الطهي يستحوذ على الانتباه كله، فلا يدع مجالاً للتفكير في شيء آخر»، ومن هنا تأتي براعته في إزالة القلق والاضطراب، وإن الخبز مرآة للإيثار والعطاء، وإنه يجعل النسيج في المجتمع متماسكاً على نحوٍ ساحرٍ مثيرٍ للاهتمام.

- أهلاً بهرمونات السعادة
لا تمل سيدة «التشيز كيك» الشابة الأردنية براءة عادل من ترديد جملتها بمرح: «الطريقة الوحيدة لاجتياز أي مرحلة مؤلمة في حياتك هي أن تأكل تشيز كيك»؛ مرضت براءة قبل سنوات بالسرطان، واضطرت في ذلك المنعطف الصعب من حياتها إلى المكوث في البيت، حتى أنها اعتزلت العالم لاجئة إلى التلفزيون، و«قناة فتافيت» تحديداً التي جذبتها فيها برامج الطهي الأجنبية المترجمة. ونظراً لأن العلاج الإشعاعي عطل لديها حاسة السمع، كان الحل الوحيد أن تتابع البرامج المترجمة، مكتفية بالقراءة عوضاً عن رفع صوت التلفاز. وشيئاً فشيئاً، وجدت نفسها مشدودة لكل ما يتعلق بالطعام، وانطلقت تبحث في مواقع الإنترنت، وتشتري كتباً يوصي بها الطهاة.
تقول لـ«الشرق الأوسط»: «ألهمني الله أن اتجه لممارسة هواية تعينني على تجاوز أي عقبة مهما كانت مؤلمة، لقد منحني الطهو دافعاً قوياً للاستمرار في العلاج والرغبة في الشفاء، حتى أتمكن من فعل ما أحب؛ أصبحت أمتهنه فيما بعد، ولكنه في حقيقة الأمر أكبر من مجرد مصدر رزق؛ إنه سبب كبير لتحفيزي نحو التطور والنجاح وبلوغ أهدافي».
وتحكي لنا بروح متفائلة: «الفترة التي خضعت فيها للعلاج الكيميائي أقل ما يقال عنها أنها شاقة؛ كنت أتحرك بالكاد بواسطة الكرسي المتحرك. وبعد أن انتهيت من تلك المرحلة، نصحني الطبيب بضرورة العودة إلى حياتي الطبيعة: أول ما خطر ببالي أن أعانق دفتري الذي دونت فيه الوصفات وأدخل المطبخ، جربت وصفات كثيرة، وكان بعضها يفشل، ومع ذلك كانت عائلتي سعيدة؛ لقد عدت من الموت، لذا كان أي شيء يأكلونه من يدي يقيمونه على أنه طعام 5 نجوم».
يوماً بعد آخر، كانت تؤمن أكثر بأن الطعام من نعم الله العظيمة التي تمنح السعادة والشعور بالمتعة في كل لقمة، وما إن يهاجمها القلق أو التوتر حتى تهرع إلى إلقاء نفسها بين مقادير الحلويات، واصفة إياها بـ«العلاج النفسي» الذي يسمح لها بتفريغ الطاقة السلبية، وتحويلها إلى شيء لذيذ.
«لا تسعني الفرحة في كل مرة أمزج النكهات وأزين الكعكة وفق ما خططّت، ومن ثم أرى نظرة الرضا والسعادة في عيون من حولي حين يتناولون قطعة صنَعتها يداي بحب... ماذا أريد أكثر من مشاعر إيجابية بهذا المستوى؟!» تقول بصوتها الناعم، وتجرّنا بكلامها إلى الحديث عن العلاقات التي تنسجها منذ 7 سنوات بفضل هذا المجال: «أصبحت لدي عائلة كبيرة في أنحاءٍ عدة بالعالم، في أفريقيا وأوروبا وآسيا وأستراليا؛ رصيد أفخر به من العلاقات كونته مع متابعاتي على صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك من زبائني وطالباتي في دوراتي التي أنظمها «هم بتشجيعهم ودعمهم ساهموا في صنع شخصيتي الحالية، بما فيها من طموح وثقة بالنفس، وبأن هناك رسالة مهمة في حياتي لأجلهِا أمدّ الله بعمري» تقولها بتأثرٍ واضحٍ.
«لماذا وقعتِ في إدمان التشيز كيك؟»... تضحك مجيبة عن سؤالي: «يتدفق هرمون السعادة في أرجاء روحي عندما أحضرّها؛ أنا أضع كل ما لدي من حبٍ فيها، إلى درجة أني أوقن من جمال النتيجة حتى قبل أن أنتهي من صنعها، ولا أدخر جهداً لأجعل توافق النكهات فيها متناغماً. في تلك الأثناء، أكون في أوّج عطائي وسعادتي؛ نعم هي حلواي المفضلة الفاخرة، ودائماً أراهن أنه حتى لو لم يكن أحدهم يحب التشيز كيك، فمن المستحيل أن يتذوق خاصتي ولا تروق له؛ صُنعها سهل ممتع، ووجه التحدي يكمن في إتقانها لتنال إعجاب الجميع»، مشيرة إلى محاولتها تحقيق التوازن الصحي في أطباقها، فتستخدم بدائل السكر، وتعمد إلى التخفيف من الجلوتين، وتكثر من الفواكه.
وبسبب ظروف العمل، تتنقل براءة بين ألمانيا حيث تعيش مع زوجها وبلدها الأردن، ولا تخفي إعجابها بثقافة الغرب التي تشجع الفرد على البحث في داخله عن منفذ لنور يخرجه من ظلام اكتئاب يمر به، ويأخذ بيده نحو الاستقرار النفسي؛ ربما هذا المنفذ «هواية يجيدها» مثل الطهي.
وعدتني براءة بـ«تشيرك كيك ولا أشهى» إن التقينا يوماً، متمنية أن يعيد النظرَ كل من يستخفّ بفكرة أن الطهي قد يكون مسعفاً ناجحاً في وقت الأزمات، بقولها: «لديّ صديقة كانت مصابة بالسرطان أحبّت مجال الطهي واحترفته، وبه تجاوزت مشكلات نفسية وجسدية كبيرة بنجاح حتى وصلت إلى بر الأمان، وصديقة أخرى مرت بتجارب عائلية صعبة فكانت الحلويات ملجأها لمواجهة المشكلات، وبحمد الله نهضت أيما نهضة؛ صدّقوا أن الطهي متنفس جيد للبعد عن الضغوط، يخرجنا من دوامة الحياة بتفاصيله اللطيفة».

- مكافآت معنوية
«فوائد جمّة تعود على شخص يلوذ إلى الطهي، أبرزها تحسن صحته النفسية، وتنقيتها من شوائب القلق والاكتئاب»... بهذا تستهل هيلينا الصايغ الاختصاصية الإرشادية حديثها مع «الشرق الأوسط».
وتوضح المدربة الأردنية مقصدها بالقول: «عندما نمسك بالدقيق في أثناء العجن، يمنحنا ذلك طاقة إيجابية، وحين نستخدم حواسنا ونلمس النتيجة برؤيتها بعد ساعة أو أقل من الزمن ونشم الرائحة الشهية، هذا بحد ذاته مكافأة معنوية جميلة لصاحبها، وفرصة لرؤية نتاجٍ إبداعي. ولا يتوقف الأمر هنا، بل إن ذلك يساهم في التواصل الاجتماعي والترابط مع الآخرين، والاستمتاع بتقاسم وجبة منعشة معهم يعقبها ثناء وتشجيع؛ شعور الإنجاز بلا شك يمنح السعادة».
وتشير هيلينا إلى نقطة مهمة، وهي أن نشاط الطهي يرفع من الثقة بالنفس، ويظهر للمرء مدى قدرته على الإبداع، كما أنه يُبقي الدماغ شاباً مرناً، ويبني المسارات العصبية.
هرمونات السعادة والإنجاز، لا سيما الدوبامين والسيروتونين، التي عرّجت على ذكرها، تساعد الإنسان على العيش باتزان وهدوء وتركيز وتحسين مستمر لعلاقته مع الذات والآخرين، مضيفة: «الطهي ينطوي على عمل خيري يمكن به أن نخدم مجتمعنا، ويندرج في خانة الإيثار والعطاء والعلاقات المتينة، مما يفرز هرمون الأكستوسين؛ إنه يحسن المزاج بامتياز، ومن جهة أخرى يكون بمقدور صاحبه تحضير طعام صحي بخيارات أفضل، مثل التمر أو العسل بدلاً من السكر، والشوفان عوضاً عن الدقيق».


مقالات ذات صلة

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

مذاقات أطباق تدخل فيها الفاكهة (الشرق الأوسط)

الشيف حسين فياض: «زيت الزيتون ينافس الزبدة بشهرته العالمية»

بدقة متناهية يعتمد فيها على المسطرة و«المازورة» والمعايير بالغرامات يعمل الشيف حسين فياض وإذا ما تصفحت صفحته الإلكترونية عبر «إنستغرام»

فيفيان حداد (بيروت )
مذاقات القشطوطة (الحساب الرسمي لمحل بلبن)

الحلويات المصرية تتأثر بالعرب المقيمين

«الحلو إيه» سؤال اعتاد المصريون ترديده بمجرد الانتهاء من سفرة الطعام، فـ«التحلية» جزء أصيل من العادات الغذائية حول العالم، غير أن هذه الأصناف الحلوة شهدت تطورات

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
مذاقات اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة

فاطمة عبد الله (بيروت)
مذاقات بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه «بيكاسو الحلويات» في أبوظبي

أعلن فندق «روزوود أبوظبي» افتتاح «المجلس من بيير هيرميه»، الذي سيكون الوجهة الفريدة من نوعها في قلب «جزيرة الماريه».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
مذاقات حَمْل الإرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها

تُكمل كلود قريطم طريق جدّها ووالدها مع شقيقتها، مُتجاوزةً تحدّيات لبنان الاقتصادية والأمنية، بالإصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل الإرث.

فاطمة عبد الله (بيروت)

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)
اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)
TT

حكايةُ الكنافة بالشكولاته في دبي نجمة الإنترنت الشهية

اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)
اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

تخدع التسمية؛ ففي لبنان مثلاً تعني الكنافة كعكة محشوَّة بجبن تعلوه حلوى أقرب إلى «النمّورة»، وسط كثافة القَطر المتدلّي، عادةً، إلا لمَن يفضِّل الحدّ من الحلاوة. لكنَّ الإنترنت يضجّ بما يُسمَّى الكنافة بالشكولاته في دبي، غير المُتخِّذة من الكعكة مصدر الطَعم الأول، بل المُسلِّمة نفسها للشوكولاته ومكوّنات تُشكِّل الحشوة، أشهرها الفستق الحلبي. على الفور، يتحوّل المشهد مادةً دارجة بين المشاهير والعامّة، ويغمر الفضول كثيرين، ليعدّها بعضهم في المنازل ويحصر آخرون تجربة التذوُّق في المطعم.

اللمسة خاصة بكل شيف ولا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير (فيسبوك)

اللمسة على النكهة خاصة بكل شيف، فلا وصفة صارمة تُطبَّق بالحذافير. الأكيد أنّ الكنافة بالشوكولاته في دبي تتطلَّب عناية بالتفاصيل والتنبُّه إلى جودة المكوّنات. نكهاتها تتعدّد باختلاف أنواع الشوكولاته. وهذا مردُّه مستوى الفخامة المُشتهى. فالشوكولاته الداكنة تعزّز الشعور بعمق النكهة وبكونها مركَّزة وواثقة، بينما تُضفي الشوكولاته بالحليب إحساساً بغنى الطعم الكريمي، لتضمن الشوكولاته السويسرية أو البلجيكية الفاخرة التذوُّق الفريد. هذه الفرادة ترفع مرتبة الكنافة بالشوكولاته في دبي لتُعَدّ من أرقى أنواع الحلويات التي تتباهى مطاعم فاخرة بتقديمها. ففي تلك المتخصِّصة بالمأكولات الشرق أوسطية التقليدية، وتلك العصرية، تُسجَّل تجربة شخصية عنوانها تناوُل ما يطيب.

يمتلئ الإنترنت بفيديوهات تؤكد مزج النكهات التقليدية بلمسة إبداع لخَلْق توازن مثالي بين الحلاوة والمرارة والطعم الغني العالق تحت اللسان. فالتجربة الحسّية تقتضي الشعور بتدفّق المكوّنات خلال التهامها. للبعض، هذه لحظة رائعة. إنها خليط الطعم والقوام والرائحة، إذ يمنح تآزرها لمحة واقعية عن كيفية تطوُّر الأطعمة وتكيّفها لتُناسب الأذواق الحديثة. فالجمع بين تراث الشرق الأوسط ولمسات عصرية من العالم، يؤكد خصوصية التجربة.

الكنافة بالشوكولاته تتطلَّب عناية بالتفاصيل والتنبُّه إلى جودة المكوّنات (فيسبوك)

هذه حكاية ابتكار في عالم الحلويات، تعزّزها الأفكار والثقافات المتعدّدة في دبي. طهاة من العالم يختبرون تجارب تمتاز بالتجديد، لإرضاء متذوّقين تتباين آراؤهم حول الأطباق وفق الخلفيّة الثقافية والتفضيل الشخصي. ولأنّ الكنافة بالشوكولاته تستميل الجميع، يهرع إلى تناولها المقيمون المحلّيون، عشاق الحلويات التقليدية ممَن يرغبون في تجربة نكهات جديدة، والشباب الميّالون إلى تذوُّق كل مبتكَر في عالم الحلويات، فتجذبهم تجربة المألوف مُقدَّماً بلمسة تثير الاهتمام. كذلك السياح، بلهفة الفضول حيال الحلويات الشرقية، مع ميلهم إلى نكهات اعتادوا عليها مثل الشوكولاته. التعديل على تجربة الحلوى العربية، الذي تتيحه الكنافة بالشوكولاته، لا بدّ أن يلائم الأذواق.

وتُعدُّ الخيارَ المرحَّب به من جميع أفراد الأسرة. فكبار السنّ يفضّلون الطعم التقليدي فيها، والأطفال والشباب يميلون نحو النكهة المُبتَكرة. أما ذوّاقة الحلويات الفاخرة، فقد بلغوا مقصدهم. فالتجربة مميّزة، تمنحها مطاعم ومقاهٍ ضمن قائمة طعامها الراقية.

تتدخّل الشوكولاته المُستخدمة لتشكِّل عاملاً حاسماً يُحدِّد السعر. فتلك الداكنة والفاخرة ترفع الأسعار بشكل ملحوظ. ينضمّ موقع المطعم إلى المعادلة، لحتمية ميل مطاعم المناطق السياحية أو الفاخرة إلى رفع أسعارها. ولا مهرب من رفع السعر بزيادة حجم الحصة أيضاً، لتتيح الأسعار المتنوّعة اختيار المتذوِّق ما يناسب ميزانيته من دون التضحية بتميُّز التجربة.

الفرادة ترفع مرتبة الكنافة بالشوكولاته في دبي لتُعَدّ من أرقى الحلويات (فيسبوك)

رواجها عبر الإنترنت يكثّف الطلب عليها ويُسرّع تحوّلها رغبة مُلحَّة. ولكن ما أشعل هذا الانتشار؟ يحلّ الابتكار في الطهي سبباً أول، لتليه العلاقة المتينة بين الإنسان ووسائل التواصل؛ ولا يُغفَل التوجّه العام نحو تجربة الحلويات الفريدة. ذلك يُضاف إلى تحلّي الكنافة بالشوكولاته في دبي بجاذبية بصرية، مما يُسرّع رواجها عبر منصات مثل «تيك توك» و«إنستغرام»، جرّاء كثافة مُشاركة صور وفيديوهات تُظهر اللمسة الشهية.

تحرُّر التجربة من الحصر في حيّز ضيّق، مثل المنزل أو المطعم، إلى المُشاركة العريضة بفعل وسائل التواصل، يعزّز حضورها. فالكنافة بالشوكولاته تصبح موضوعاً مفضَّلاً لمدوّنين ومحبّي طعام على المنصات الرقمية؛ تُصوّرها فيديوهاتهم وهي تُقطَّع لتكشف إغواء المكوّنات اللذيذة، مُحقِّقة مشاهدات قياسية تسمح بانتشارها الكبير.

رواجها عبر الإنترنت يُسرّع تحوّلها تجربة تذوّق فريدة (أمازون)cut out

يضيف تذوُّق مؤثّرين وطهاة لهذه الحلوى، وعدَّها، والتسويق لها عبر حساباتهم، إلى رواجها بُعداً جديداً. فتكوُّن رأي إيجابي حولها، يُشجّع متابعين على التجربة، مما يكثّف الشعبية. كما يتيح ربطها باللحظات الاجتماعية، فرصة انتشار أوسع. ففي الغالب، يجتمع أصدقاء أو عائلات لالتهامها، مع ما تعني الجَمْعة من أرجحية توثيقها بصورة أو فيديو للمُشاركة. يأتي ذلك وسط انتشار تحدّيات تُقارن مثلاً بين الطعم التقليدي للكنافة وطعمها المُبتَكر لتبادُل الآراء بالتعليق والتفاعل. كلُّه يُسرِّع الرواج، مُدعَّماً بأثر دبي على المستوى السياحي. فجذبها زواراً من العالم، يسمح بمطاردة تجارب فريدة؛ ومن عادة السائح، غالباً، مُشاركة تجاربه الغذائية عبر وسائل التواصل.

الانتشار الكبير مردُّه أيضاً التقديم المميّز. فمطاعم في دبي تتعمَّد الابتكار بطرق تقديم تتّبع إضافات غير تقليدية أو أساليب خاصة. بذلك تلفت الأنظار وتُحرّك الفضول، لتصبح حديث الساعة وتشغل مَن لا يشعرون باكتمال أي تجربة خارج توثيقها الرقمي.