مصر تحيل قيادات {إخوانية} بارزة لمحاكمة عسكرية

سياسيون وحزبيون لـ («الشرق الأوسط»): نرحب بتأجيل انتخابات البرلمان»

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال محاكمته (أ.ف.ب)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال محاكمته (أ.ف.ب)
TT

مصر تحيل قيادات {إخوانية} بارزة لمحاكمة عسكرية

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال محاكمته (أ.ف.ب)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي خلال محاكمته (أ.ف.ب)

استبق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حديثه مع إحدى الإذاعات الأوروبية عن القضاء المصري، قائلا إنه «ليس من السهل قتل ناس حتى وإن قاموا بقتلنا.. فلنترك القضاء المصري يقوم بدوره كما تحترمون قضاءكم»، وذلك قبل ساعات من إحالة قيادات بارزة بجماعة «الإخوان» أمس إلى المحاكمة العسكرية في سابقة منذ قيام ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، التي أطاحت بالرئيس الأسبق مرسي وجماعته وأخرجتهم من قصر الاتحادية الشهير (قصر الحكم في مصر) بحي مصر الجديدة، إلى سجن «ليمان» طره (جنوب العاصمة القاهرة).
يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه «أجواء الحرب» في مصر وانتشرت قوات الجيش في عدة مدن رئيسية لتعاون الشرطة في حفظ الأمن، بعد يوم واحد من قيام القوات الجوية المصرية بقصف مواقع لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا. ومع تأكيد أنباء عن استمرار العمليات العسكرية واحتمال توسعها، طرح بعض السياسيين والحزبيين المصريين في حديثهم مع «الشرق الأوسط» فكرة تأجيل انتخابات البرلمان المصري المزمع البدء فيها خلال مارس (آذار) المقبل، نظرا للظروف التي تمر بها البلاد في حربها مع الإرهاب داخليا وخارجيا.
وقد أحيل أمس عدد من أبرز القيادات الإخوانية للمرة الأولى إلى محاكمة عسكرية عقب ثورة 30 يونيو عام 2013، وشملت قائمة المتهمين المحالين للمحكمة العسكرية في تلك القضية، 199 متهما، يتصدرهم محمد بديع المرشد العام لتنظيم الإخوان، والقياديان الإخوانيان محمد البلتاجي وصفوت حجازي، إلى جانب عدد من قيادات التنظيم المحلية بمحافظة السويس، بتهمة التحريض على القتل في أحداث عنف وقعت في السويس (شرق) في أغسطس (آب) 2013، بحسب مصادر في القضاء العسكري.
ويحاكم قيادات الإخوان البارزون في عدد كبير من القضايا في مصر، تتصل بالتحريض على قتل متظاهرين، والفرار من السجون، والتخابر مع قطر وجهات أجنبية أخرى مثل حماس وحزب الله. وقد تصل العقوبات في حال إدانة هذه القيادات في أي منها إلى الإعدام.
وقد وجهت النيابة للمتهمين اتهامات بالتحريض على القتل والاعتداء على أفراد الجيش المكلفين بتأمين المنشآت العامة ومقر المحافظة ومديرية الأمن وإحراق كنيستين في مدينة السويس في أعقاب فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس من العام قبل الماضي، وهي الأحداث التي خلفت أكثر من 31 قتيلا مدنيا وإصابة 34 عسكريا بالإضافة إلى إحراق 5 مدرعات للجيش. ويحال المدنيون المتهمون بمهاجمة منشآت الدولة في مصر إلى محاكم عسكرية بموجب قانون جديد أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي العام الماضي، وأثار توسيع اختصاص القضاء العسكري آنذاك غضب المنظمات الحقوقية في مصر التي تنتقد إحالة المدنيين للقضاء العسكري وتدعو لمحاكمتهم أمام القضاء المدني.
وكان الرئيس المصري قد أدلى بحديث صحافي أمس إلى إذاعة «أوروبا1» وصف فيه تنظيم الإخوان قائلا: «نحن لا نتعامل مع ناس سلميين»، ووصف السيسي فكر «الإخوان» بأنه لا يقبل حلولا، وأنه قد تم اختباره في السنوات الأخيرة، وأنه كان واضحا جدا من خريطة التطرف والإرهاب في العالم أن هذا الفكر يحتاج إلى مراجعة حتى يكون متسقا مع تعاليم الأزهر.. وذلك ردا على سؤال حول تفهم الرئيس السيسي للخطر الذي يمثله تنظيم «الإخوان» وظاهرة التطرف ووجود هذا الخطر حتى في كل دول أوروبا.
في سياق آخر، أجلت محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية أمس الثلاثاء نظر دعوى لتصنيف حركة حماس منظمة إرهابية، إلى جلسة 24 فبراير (شباط) الحالي، وكان مقيم الدعوى قد اتهم الحركة بالتورط في اقتحام السجون المصرية وتهريب المساجين المنتمين لجماعة الإخوان وحماس وحزب الله خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. وقدم المدعي ميثاق حركة حماس المثبت فيه أنها الفصيل العسكري لجماعة الإخوان الإرهابية، كما تقدم بمواد فيلمية وصور لتدريبات حركة حماس وهم يحملون شعار رابعة.
وطلبت المحكمة ضم الحكم الصادر في قضية قتل المتظاهرين والمتهم فيها الرئيس الأسبق حسني مبارك، وشهادات عدد من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، وكذلك ضم الحكم الصادر من محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية الذي أدان حركة حماس بالتورط في عملية اقتحام السجون المصرية وتهريب قيادات من حماس والإخوان وحزب الله. وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قد أصدرت قبل أسابيع حكما بإدراج «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحماس، في قائمة المنظمات الإرهابية، وقالت المحكمة في حيثيات القرار إنه «ثبت من الأوراق التي قدمها مقيم الدعوى ارتكاب (كتائب القسام) تفجيرات أتلفت منشآت واستهدفت رجال القوات المسلحة المصرية والشرطة».
وفي تلك الأجواء، وما يصاحبها من عمليات لمكافحة الإرهاب داخليا وخارجيا، استطلعت «الشرق الأوسط» آراء كثير من السياسيين والحزبيين المصريين، حول ما إذا كانت طبيعة المرحلة التي تعيشها مصر مؤخرا تناسب انطلاق الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد من قبل اللجنة العليا للانتخابات في 21 مارس المقبل. واتفقت آراء معظمهم حول فكرة التأجيل حرصا على نزاهة العملية الانتخابية، وعلى وحدة الصف الداخلي التي تحتاجها مصر في حربها الموسعة على الإرهاب والتي لن تتوقف عند حدود الضربات الجوية التي شنها سلاح الجو المصري أول من أمس، وهو ما لخصه قيادي حزبي - فضل عدم ذكر أسمه - قائلا: «نرحب بتأجيل الانتخابات من أجل توحيد جبهتنا الداخلية في الحرب على (داعش) والقضاء على الإرهاب، ونؤيد الرئيس السيسي في كل خطواته، ونفوضه في حربه الممتدة».
إلى ذلك، صرح المستشار عمر مروان، المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات، أن عدد المتقدمين للترشح في انتخابات مجلس النواب، قد بلغ منذ فتح باب الترشح وحتى مساء الاثنين الماضي 4782 شخصا، بينهم 3338 من المستقلين، و1444 من المنتمين للأحزاب السياسية، مشيرا إلى أنه في ما يتعلق بالمقاعد المخصصة للقوائم، فقد تقدم حزب النور بقائمة عن قطاع غرب الدلتا الذي يضم محافظات الإسكندرية ومرسى مطروح والبحيرة. وفى شمال سيناء، حيث تجري أبرز عمليات الحرب على الإرهاب داخليا، أعلن مصدر أمني لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية أن عدد المتقدمين بأوراق ترشيحهم في البرلمان إلى لجنة تلقي الطلبات بمحكمة العريش حتى الآن، بلغ 32 شخصا في مختلف الدوائر، عن قوائم الأحزاب والفردي والمستقلين، فيما شهد مقر مجمع المحاكم بالمنصورة إجراءات أمنية مشددة من قبل الأجهزة الأمنية تحسبا لأي أعمال عنف أو شغب.
وفي سياق متصل، قال المتحدث الرسمي باسم حزب المحافظين، سامح عيد، إن «قائمة (في حب مصر) ستتقدم بأسماء القائمة غدا الخميس»، موضحا أن الحزب له اسمان أساسيان في القائمة، وقد يزيد اسمين آخرين خلال الفترة المقبلة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم