انعقاد المنتدى المغاربي السادس وسط غياب رسمي للحكومات المغاربية

المشاركون عبروا عن خيبة أمل من نتائج الربيع العربي

انعقاد المنتدى المغاربي السادس وسط غياب رسمي للحكومات المغاربية
TT

انعقاد المنتدى المغاربي السادس وسط غياب رسمي للحكومات المغاربية

انعقاد المنتدى المغاربي السادس وسط غياب رسمي للحكومات المغاربية

خيّم جوّ من التشاؤم إزاء وضعية اتحاد المغرب العربي، وشعور بالخيبة من نتائج الربيع العربي وتداعياته على المنطقة، على أشغال المنتدى المغاربي السادس التي انطلقت مساء أول من أمس في الدار البيضاء حول موضوع «الاختيار المغاربي: رهاننا نحو المستقبل»، فخلال الجلسة الافتتاحية لم يحضر أي مسؤول حكومي، كما غاب عنها سفراء البلدان الخمسة.
وتأسف المختار بنعبدلاوي، رئيس مجلس أمناء المنتدى المغاربي، لواقع الاتحاد المغاربي، مشيرا إلى إكراهات التأشيرة التي واجهت المشاركين في المنتدى من ليبيا وموريتانيا، واستمرار غلق الحدود بين البلدان المغاربية، وغياب البعد المغاربي في سياسات بعض الدول المغاربية. ودعا قوى المجتمع لملء هذا الفراغ. وقال: «ما نتطلع إليه خلال الفترة المقبلة هو خلق أكبر عدد من المبادرات، وإعادة فتح قنوات لتواصل الشباب، ودفع الجامعات والبنيات الثقافية إلى التعاون والانفتاح، وتوسيع شبكة الجمعوية وتبادل الخبرات على المستوى المغاربي».
وأضاف بنعبدلاوي أن بناء الاتحاد المغاربي لا يشكل فقط رغبة قوية للشعوب المغاربية التي يربطها التاريخ والثقافة والمصير المشترك، وإنما يشكل الضمانة الوحيدة لتحقيق التنمية والاستقلال السياسي. وقال: «إن الأقطار المغاربية بوزن وإمكانيات محدودة، وهو ما يجعل الخيارات صعبة أمامها إذا لم تبادر إلى الاندماج والتخلي عن ثقافة وسلوك التنافس والأنانية. فالمصالح المشتركة بين الأقطار المغاربية هي أكبر بكثير من الفتات الذي يتم التنافس عليه خارج التاريخ والثقافة والمصالح المشتركة».
وأشار بنعبدلاوي إلى أن المنتدى دأب على تنظيم ملتقياته أيام 16 و17 و18 فبراير (شباط) من كل سنة، بالتزامن مع ذكرى توقيع اتفاقية اتحاد المغرب العربي، وذلك من أجل التحرك بمنطق وقيم الضمير لتذكير القيادات السياسية المغاربية بالتزاماتها، ومن أجل أن يبقى هذا الحلم حيا بين الأجيال، وإطلاق مبادرات تؤكد على أن ما يجمع الشعوب المغاربية أكبر مما يفرقها.
ويناقش المنتدى المغاربي، الذي يضم مثقفين وسياسيين وأكاديميين ونشطاء من البلدان المغاربية الخمسة، المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا، خلال دورته السادسة مسارات الإصلاح في البلدان المغاربية وتحديات الإصلاح السياسي والديني. وتركزت التدخلات حول خيبة الأمل من نتائج الربيع العربي والتخوف من المخاطر المترتبة عن تداعياته السلبية، خصوصا في ليبيا.
ودعا أحمد بطاطاش، أمين عام حزب جبهة القوى الاشتراكية في الجزائر إلى الحوار وإشراك جميع الأطراف السياسية في بلده من أجل إخراجها من مأزق الإصلاح السياسي وصياغة دستور جديد. نفس الدعوة وجهها ونيس مبروك، رئيس الهيئة العمومية لاتحاد ثوار ليبيا سابقا، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن المخرج من الأزمة الليبية يمر عبر التأسيس لمسار سياسي مدني عبر الحوار والتوافق وإرساء العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية. وعبر مبروك عن تفاؤله، مشيرا إلى أن أيا من الأطراف السياسية في ليبيا لا يصرح برفضه للحوار، باستثناء بعض المجموعات المقاتلة التي ترفض المسار المدني بصورة عامة، والتي لديها موقف من المسألة الديمقراطية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة إلى هؤلاء، إذا اجتمع الليبيون على كلمة سواء وكان لديهم إصرار على المسار المدني، فأنا أعتقد أن الجولة الثانية من الحوار ستكون مع هؤلاء الشباب لطمأنتم وتوضيح كثير من القضايا التي تشكل لديهم إشكالات شرعية أو فكرية أو غير ذلك».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.