إعادة اكتشاف أفلام أجنبية مجهولة لفنانين مصريين

فاتن حمامة وشادية ونبيلة عبيد وفريد شوقي الأبرز

TT

إعادة اكتشاف أفلام أجنبية مجهولة لفنانين مصريين

ساهمت بعض منصات التواصل الاجتماعي أخيراً في إعادة اكتشاف أفلام أجنبية مجهولة لفنانين مصريين بارزين خلال القرن الماضي، وكرست بعض الصفحات الفنية المتخصصة جهدها في تسليط الضوء على بعض هذه الأفلام بالآونة الأخيرة، وتفاعل الجمهور معها بشكل لافت، بعدما تم الكشف عن أفلام بريطانية وإيطالية وتركية ويابانية ونيجيرية، شارك بها كبار نجوم السينما المصرية، إذ فوجئ الجمهور بمشاركة فاتن حمامة في فيلم بريطاني، وشادية في فيلم ياباني، ونبيلة عبيد في فيلم نيجيري، وسميرة أحمد في فيلم إيطالي، و«وحش الشاشة» فريد شوقي في عدد من الأفلام التركية، لا سيما أن أغلب هذه الأفلام لم تعرض تلفزيونيا، ولا توجد منها نسخ بمصر.
وسعى فنانون مصريون لتقديم تجارب مختلفة في محاولة منهم لدخول السينما العالمية خصوصاً بعد النجاح الذي حققه النجم عمر الشريف، بينما جاء بعضها لظروف سياسية عبر إنتاج مشترك.
ووفق الناقد السينمائي محمود قاسم فإن الإنتاج السينمائي المشترك بدأ في ثلاثينات القرن الماضي من خلال المخرج توجو مزراحي الذي قدم نسخة يونانية من فيلمه «كوكايين»، وكذلك في أفلام الفنانة عزيزة أمير، وتواصلت مع أفلام مثل «نار على جليد» بطولة لبنى عبد العزيز، ويرى قاسم أن أغلب الأفلام المنتجة في هذا الاتجاه كانت أفلاما تجارية استغلت مصر كديكور سياحي، باستثناء فيلم «القاهرة» لفاتن حمامة الذي ضم ممثلين كبارا من هوليوود.

- فاتن في القاهرة
وشاركت الفنانة الكبيرة فاتن حمامة في بطولة فيلمين بريطانيين، الأول «كايرو» أو «القاهرة» أمام نجمي هوليوود جوروج ساندرز وريتشارد جونسون ومن إخراج وولف ريلا، وسيناريو خوان سكوت، وشارك فيه من نجوم السينما المصرية أحمد مظهر وكمال الشناوي وشويكار، ودارت أحداثه من خلال شاب يحب فتاة وينخرط في عصابة دولية تخطط لسرقة آثار توت عنخ آمون من المتحف المصري، الفيلم ناطق بالإنجليزية وعرض في بريطانيا والولايات المتحدة، ودول أوروبية، غير أنه لم يعرض في مصر، كما شاركت فاتن أيضا في الفيلم البريطاني اليوغسلافي المشترك «ظل الخيانة» من تأليف وإخراج الفرنسي جورج بريكستون، ومشاركة الممثلين البريطانيين جون بنتلي وأنيتا وست، وكانت فاتن تسعى من خلالهما للانخراط في السينما العالمية، وصورته خلال فترة زواجها من النجم عمر الشريف.
شادية على ضفاف النيل
قامت الفنانة شادية عام 1963 ببطولة فيلم «على ضفاف النيل»، وهو إنتاج مشترك بين المنتج حلمي رفلة وشركة نيكاستو اليابانية، وجسدت فيه دور مغنية شعبية تلتقي برجل أعمال ياباني يتورط في العديد من المشكلات، وتساعده المغنية المصرية حتى ينجح في إثبات براءته، شارك في بطولة الفيلم من مصر كل من: كمال الشناوي وحسن يوسف ومحمود المليجي، بينما شارك فيه من اليابان يوجيرو ايشيهارا، إيزومي اشيكاوا، يوجي أوواك، وتم تصوير الفيلم في عدة دول من بينها فرنسا ولبنان ومصر واليابان، بينما صورت أغلب مشاهده خارجيا في شوارع القاهرة، وكتب السيناريو المؤلف الياباني نوبوو ياوا وأخرجه كو ناكاهيرا.

- ابن كليوباترا
وفي عام 1964 تم تصوير نسخة مصرية من الفيلم الإيطالي - الفرنسي كريم ابن الشيخ، ولعب بطولته في النسخة المصرية فريد شوقي ومريم فخر الدين، والإيطالي جوردون سكوت، وكتب لها القصة والسيناريو المؤلف الإيطالي نينو ستريسا فيما كتب الحوار الفنان عبد الوارث عسر.
فيما خاض الفنانون سميرة أحمد، وشكري سرحان، ويحيى شاهين تجربة العمل في الفيلم المصري - الإيطالي «ابن كليوباترا» إنتاج عام 1965 أمام الممثل الإيطالي مارك رامون وقام بإخراجه فرديناندو بالدي، ودارت أحداث الفيلم خلال فترة هيمنة الرومان على مصر، وفيلم «ابتسامة أبو الهول»، وهو إنتاج مصري - إيطالي - أميركي مشترك عام 1966، ومن إخراج دوتشيو تساري، وتأليف جودو فرورلي، ولعب بطولته الفنان صلاح ذو الفقار أمام توني راسل، ودارت قصته عن محاولات الأجانب لسرقة الآثار المصرية، ولكن الشرطة المصرية تصدت لهم وانتصرت في النهاية.
وجاء فيلم «كيف تسرق القنبلة الذرية» وهو إنتاج مصري - إيطالي مشترك عام 1968 وشارك في بطولته من مصر يوسف وهبي، وعبد المنعم إبراهيم، وعادل أدهم، ومن إيطاليا جولي مينارد، وفرانكو فرنشي، وإدمون تويما»، الذي شارك في أفلام مصرية عديدة، وكتب له القصة روبرتو جيافيتي وسيناريو وحوار كونتينتزا سولافشي، ويعد من الأفلام النادرة التي لم تعرض من قبل، ولا يوجد أي نسخ لها، وقد قام بإخراجه كل من نيازي مصطفى، ولوسيانو فوتسي، ودارت أحداثه حول صياد إيطالي يشهد تحطم طائرة أميركية تحمل قنبلة ذرية في البحر المتوسط، على الحدود المصرية.

- نبيلة وابن أفريقيا
وفي عام 1970 شاركت كل من الفنانة نبيلة عبيد ومديحة كامل ونوال أبو الفتوح في بطولة الفيلم النيجيري «ابن أفريقيا» أمام الممثلين النيجيريين فونزو أديولو وبوكي أجاي وبولاجي أكيكبوجن، وتم تصوير الفيلم في لاجوس الذي أخرجه حلمي رفلة، وكتب قصته سيد المغربي، وتداولت صفحات السوشيال ميديا لقطات لنبيلة عبيد مع الممثل النيجيري فونزو أديولو الذي تم دبلجة حواره إلى العربية، وتناول الفيلم قصة رجل شرطة من أفريقيا يتنكر في شخصية رجل أعمال للقبض على عصابة من النساء تخصصن في تهريب المخدرات.

- فريد شوقي في تركيا
خلال نكسة 1967 تأثر الإنتاج السينمائي في مصر كماً وكيفاً، ما دفع عدد من الفنانين لتقديم أفلام في لبنان وتركيا، من بينهم الفنان الكبير فريد شوقي أحد أهم الممثلين شعبية في العالم في ذلك الوقت، والذي اتجه لتصوير أفلام في تركيا لاقت نجاحا جماهيريا وشعبية بين الجمهور التركي، غير أن بقاءه في تركيا لعدة سنوات أفسد عليه حياته الخاصة بعدما أصرت زوجته حينذاك الفنانة هدى سلطان على الانفصال، وكان يتم عمل نسختين من الفيلم، إحداهما مصرية، والأخرى تركية، وتم دبلجة صوت شوقي باللغة التركية، ودبلجة صوت الممثلين الأتراك للغة العربية، ولم يتخل «ملك الترسو» عبر أفلامه التركية عن تقديم أدواره المفضلة التي صنعت جماهيريته الكبيرة في مصر، فجسد أدوار الفتوة والشرير وأصر على أن يكون التأليف مصريا للسيناريست عبد الحي أديب، وظل فريد شوقي يقدم الأفلام التركية لأكثر من 10 سنوات، ومن بينها أفلام «مغامرات في إسطنبول»، «عثمان الجبار» إخراج عاطف يلماز، وفيلم «رجل لا يعرف الخوف»، وكان فيلم «خطايا الآباء» إنتاج 1973 آخر ما قدمه فريد شوقي في تركيا من إخراج اللبناني سيف الدين شوكت.
تجارب عابرة
ويؤكد الناقد السينمائي أشرف غريب أن هناك أفلاما مصرية وصلت إلى حد السرية لم يعلم بها أحد سوى في ظروف معينة، على غرار فيلم «ابن أفريقيا» لنبيلة عبيد، أو الفيلم اليوغسلافي البريطاني الذي صورته فاتن حمامة بشكل عابر، أو فيلم «رمال من ذهب» الذي أخرجه يوسف شاهين لفاتن حمامة كإنتاج مصري - لبناني - مغربي - فرنسي».
ويضيف غريب لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هذه التجارب الفنية كانت مبتورة وغير مكتملة ونتائجها تكاد تكون صفرا، على أرض الواقع، حيث ظل الإنتاج السينمائي المشترك عبارة عن مبادرات فردية عابرة لم تسفر عن تيار سينمائي، وتراوحت بين فكرة أفلام المغامرات التي لم تضف شيئا لأبطالها أو للسينما المصرية، أو أفلام جادة مثل تعامل يوسف شاهين مع الجانب الفرنسي أو الجزائري في الإنتاج، وقد حققت هذه الأفلام نتائج متفاوتة إذ لا يكون عين أصحابها على السوق المحلي وإنما للمشاركة في المهرجانات إلى حد أن الجمهور لا يعلم بها.


مقالات ذات صلة

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».