عون تجاوب مع رغبة واشنطن في تسهيل مفاوضات الحدود البحرية

دعا إلى الاستعانة بخبراء دوليين لفض النزاع مع إسرائيل

اجتماع الرئيس ميشال عون مع ديفيد هيل والسفيرة الأميركية في لبنان (دالاتي ونهرا)
اجتماع الرئيس ميشال عون مع ديفيد هيل والسفيرة الأميركية في لبنان (دالاتي ونهرا)
TT

عون تجاوب مع رغبة واشنطن في تسهيل مفاوضات الحدود البحرية

اجتماع الرئيس ميشال عون مع ديفيد هيل والسفيرة الأميركية في لبنان (دالاتي ونهرا)
اجتماع الرئيس ميشال عون مع ديفيد هيل والسفيرة الأميركية في لبنان (دالاتي ونهرا)

المفاجأة التي عاد بها مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل، إلى واشنطن في ختام لقاءاته في بيروت تمثّلت في أن رئيس الجمهورية ميشال عون، تجاوب معه حيال وجهة نظره كأساس لاستئناف المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية حول ترسيم الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، ما يعني أن التعديلات المقترحة على المرسوم رقم 6433 لزيادة المساحات البحرية للبنان في المنطقة المتنازع عليها بين البلدين صُرف النظر عنها، وهذا ما عكسه هيل في لقاءاته المتعددة مع القيادات اللبنانية وممثلين عن هيئات المجتمع المدني.
فلقاء «عون - هيل» -كما يقول عدد من القيادات لـ«الشرق الأوسط»- شكّل نقطة تحوُّل في الموقف الرسمي من دون أن يلقى اعتراضاً من الجهات الرسمية والعسكرية التي كانت قد أقحمت نفسها في تجاذبات حول الآلية الدستورية لإدخال التعديلات على المرسوم 6433 استناداً إلى الإحداثيات التي أعدتها قيادة الجيش بهدف زيادة المساحات البحرية للبنان لاعتمادها في حال تقرر استئناف المفاوضات في مقر قيادة القوات الدولية (يونيفيل) في الناقورة في جنوب لبنان، على أساس معاودتها من النقطة التي بدأت منها المفاوضات من دون تقييدها بسقف التعديلات التي لم يؤخذ بها بذريعة التوافق على كيفية إنجازها بصيغتها الدستورية.
ولفتت هذه القيادات إلى أن عون رمى مسؤولية إقرار التعديلات على مجلس الوزراء، للتوافق على الصيغة النهائية للمرسوم المعدّل، مع أنه سبق أن أُقرّت رزمة من المراسيم الاستثنائية منذ استقالة حكومة حسان دياب من دون العودة إليه، وقالت إن عون نجح في حشر الآخرين، متذرّعاً بموقف وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار، لجهة طلبه إحالة المرسوم المعدّل إلى مجلس الوزراء لإقراره، فيما أبدى مرونة في اجتماعه مع الموفد الأميركي الذي سارع إلى التجاوب مع طلبه بضرورة الاستعانة بخبراء دوليين لترسيم الخط البحري لفض النزاع حول الحدود البحرية وعلى قاعدة عدم التفريط بالسيادة والحقوق الوطنية للبنان.
وقالت إن هيل بدا مرتاحاً لموقف عون ولم يُخفِ ارتياحه أمام الذين التقاهم، مستثنياً منهم رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه، وسألت عمّا إذا كان تجاوبه مع هيل يتجاوز تعزيز علاقته بواشنطن إلى فتح ملف باسيل برفع العقوبات عنه، مع أن هيل تجنّب في لقاءاته إعطاء أي إشارة سلباً أم إيجاباً تتعلق بباسيل؟
وفي هذا السياق، سألت مصادر سياسية عن رد فعل «حزب الله» حيال معاودة المفاوضات لترسيم الحدود البحرية من حيث بدأت، خصوصاً أنه لا يزال يلوذ بالصمت، وهل يكتفي بموقفه المبدئي الذي عبّر عنه مع بدء المفاوضات وينطلق من وقوفه وراء الموقف الذي يتخذه عون أسوةً بموقفه الوقوف وراء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عندما طرح إطار الاتفاق لانطلاق المفاوضات من دون أن يأتي على ذكر المساحات البحرية المتنازع عليها بعد أن قام بما يتوجب عليه، تاركاً التفاوض للسلطة التنفيذية من خلال الوفد العسكري للمفاوضات الذي سمّته حكومة تصريف الأعمال؟
كما سألت عن الأسباب الكامنة وراء تجاوب عون مع هيل في تسهيل مهمته لإنقاذ المفاوضات بلا مقابل، خصوصاً أنه لم يلقَ حتى الساعة اعتراضاً من حليفه «حزب الله»، رغم أن الموفد الأميركي تناوله مباشرةً وبالاسم على غرار هجومه على إيران، وإنما هذه المرة من منصة رئاسة الجمهورية في ظل إحجامها عن إصدار أي تعليق، ولو بصورة مباشرة على الحملة الأميركية التي استهدفت حليفه.
وبالنسبة إلى تشكيل الحكومة، كشفت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن عون كرر أمام هيل عدم مطالبته لنفسه بالثلث الضامن من دون أن يسمع منه كلاماً بأنه لا يريد سعد الحريري رئيساً للحكومة أو أن الأبواب مقفلة في وجه تأليفها، وبالتالي فإن الفرصة ما زالت قائمة، من دون أن يخفي عون ما لديه من ملاحظات وانتقادات تستهدف الرئيس المكلف، وقالت إن عون ومن وجهة نظر المصادر نفسها، تجنّب الدخول في اشتباك سياسي مع واشنطن يتعلق بترسيم الحدود البحرية في الوقت الذي يتفرغ لمواصلة اشتباكه بالحريري لدفعه إلى الاعتذار، مع أنه يدرك أنْ لا طائل من رهانه في هذا الشأن.
وأضافت أن هيل -لدى إصراره على الإسراع بتوفير الأجواء لتشكيل الحكومة- لم يدخل في الأسماء، وركّز على أن تشكيلها بالمواصفات التي حدّدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحدها يفتح الباب لتأمين انتقال لبنان من الانهيار إلى التعافي بدعم المجتمع الدولي الذي لا يزال شريكاً له، وهو ينتظر أن يتأمّن الشريك اللبناني الذي لن يكون جاهزاً ما لم تؤلَّف الحكومة.
وتجنّب هيل الردّ على أسئلة بعض الذين التقوه حول موقفه من إشراك «حزب الله» ولو بطريقة غير مباشرة في الحكومة كما هو حاصل الآن من خلال الوزيرين حمد حسن وعماد حب الله، رغم أن أحدهم سأله عمّا إذا كان لدى الحريري القدرة على تجاوزه من دون أن يتمثّل كما في الحكومة المستقيلة.
وفي المقابل، ركّز هيل على أن تشكّل الحكومة بالاعتماد على الداخل لأن المشكلة كانت وما زالت داخلية، وإن كانت إيران تضغط لمنع تأليفها وأن هناك من يستعصي على تشكيلها بالتناغم مع هذه الضغوط، ونصح مَن يعنيهم الأمر بعدم ربط ولادتها بالحلول الإقليمية لأنها ما زالت بعيدة ولا قدرة للبنان على الانتظار، سواء بالنسبة إلى الأزمة في سوريا أو المفاوضات الأميركية - الإيرانية حول الملف النووي.
وعليه، فإن هيل حمل رسالة إلى حلفاء واشنطن وأصدقائها بأنهم ليسوا متروكين منها، وأن الإدارة الأميركية لن تقف مكتوفة اليدين حيال المشروع الإيراني للتمدُّد إلى عدد من الدول العربية وزعزعة استقرارها، وبالتالي توخّى من لقاءاته رفع معنوياتهم وعدم الاستسلام للمشروع كأمر واقع.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.